روسيا تقدم مشروع قرار إلى مجلس الأمن حول سوريا توالت ردود الفعل الإيجابية على الخطوة الروسية المفاجئة بتقديم مشروع قرار إلى مجلس الأمن يدعو إلى إنهاء العنف في سوريا. وفيما أعلن عن تأسيس تجمع «اللقاء الوطني» الذي يضم معارضة الداخل، يعقد المجلس الوطني السوري بداية من اليوم الجمعة اجتماعا لهيئته العامة بتونس. وجاء الترحيب بالموقف الروسي مرتبطا بتحفظات قدمتها الدول الغربية على المشروع، فقد أكدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أن بلادها لا يمكن أن توافق على بعض النقاط الواردة في المشروع، غير أنها عبرت عن أملها في «التعاون مع روسيا التي اعترفت للمرة الأولى بأن هذا الأمر يجب أن يعرض على مجلس الأمن». وقال مندوب فرنسا لدى مجلس الأمن جيرار أرو إن المشروع يتطلب الكثير من التعديلات، وبرر ذلك بكون المقترح الروسي يسوي بين طرفي الصراع في المسؤولية عن العنف. من جانبه اعتبر السفير الألماني بيتر فيتيغ أن المشروع الروسي «فرصة لتضييق شقة الخلافات وكسر صمت المجلس، لكنه يتطلب عناصر أخرى»، وقال إن مشروع القرار يجب أن يعبر عن تقرير مفوضة حقوق الإنسان نافي بيلاي إلى مجلس الأمن هذا الأسبوع، وأن يساند بالكامل قرارات الجامعة العربية وأن يتضمن النص على تشكيل لجنة من المجلس للتحقيق في الأحداث في سوريا. وأكد المبعوث البريطاني مايكل تاثام الاستعداد للتفاوض بشأن المشروع، وأوضح أن هنالك حاجة إلى قرار من مجلس الأمن يكون على مستوى خطورة الأوضاع في سوريا، مشيرا إلى أن المشروع الذي وزعته روسيا لا يفي بهذا. ويتضمن المشروع الجديد الذي قامت روسيا بتوزيعه في مجلس الأمن إشارة إلى «الاستخدام غير المتكافئ للقوة من جانب السلطات السورية»، وحث الحكومة السورية على الكف عن قمع الذين يمارسون حقوقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات. وقال السفير الروسي في الأممالمتحدة فيتالي تشوركين للصحفيين إن روسيا لا تعتقد أن الجانبين متساويان في المسؤولية عن العنف، لكنه أقر بأن المشروع يدعو كل الأطراف إلى وقف العنف ولم يتضمن تهديدا بفرض عقوبات، وأكد أن روسيا ما زالت ترفض ذلك. وفي سياق متصل أعرب رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون عقب لقائه برئيسة البرازيل ديلما روسيف، عن أمله في أن يتمكن المجتمع الدولي قريبا من إنهاء «عذابات» الشعب السوري. من جانبه أدان البرلمان الأوروبي النظام السوري بسبب ما سماه القمع الوحشي الذي يمارسه ضد الشعب، وحث الرئيسَ بشار الأسد على التخلي فورا عن السلطة، مقررا عقوبات إضافية على دمشق. وقال وزير الدولة بوزارة الخارجية البريطانية أليستير بيرت إن لندن ستدرس فرض عقوبات جديدة في مجالات المال والطاقة والنقل على سوريا. وأعرب وزير الخارجية الكندي جون بيرد عن حزنه لعدم إصدار مجلس الأمن إدانة لمقتل خمسة آلاف شخص في سوريا، وقال إن بلاده «لا تبحث أي تدخل عسكري في سوريا». من جانب آخر قررت الجامعة العربية تأجيل اجتماع وزراء خارجيتها الذي كان مقررا يوم غد السبت في القاهرة لبحث الشروط التي وضعتها دمشق بشأن تطبيق المبادرة العربية إلى موعد لم يحدد، لكن اللجنة الوزارية العربية المعنية بحل الأزمة السورية ستعقد اجتماعها في الدوحة السبت. وقال أحمد بن حلي نائب الأمين العام للجامعة أمس الخميس إنه على إثر المشاورات التي أجراها الأمين العام نبيل العربي، تقرر عقد اجتماع اللجنة الوزارية العربية في الدوحة السبت. وفي بغداد، قال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إن بلاده سترسل وفدا إلى سوريا لطرح مبادرة عراقية بهدف فتح حوار بين المعارضة والحكومة السورية. في غضون ذلك أعلن عدد من المعارضين السوريين تأسيس تجمع لقوى وتنسيقيات ومجالس الثورة السورية في الداخل تحت اسم «اللقاء الوطني». وأكد عضو المكتب السياسي للقاء السفير السوري السابق في السويد بسام العمادي في حديثه للصحفيين بمدينة إسطنبول أن الإعلان يأتي عقب النجاح في جمع معظم مجموعات الحراك على امتداد سوريا. في المقابل يعقد المجلس الوطني السوري بداية من اليوم اجتماعات في تونس، وأعلن عضو اللجنة الإعلامية للمجلس محمد السرميني أن الاجتماع الأول لهيئة المجلس سيناقش عددا من الموضوعات، منها ما يتعلق بالتنظيم الداخلي للمجلس وهيئاته وأخرى متعلقة بالوضع الميداني. وعبر السرميني للجزيرة عن أمله في أن تتخذ الجامعة العربية قرارا بتحويل القضية السورية لمجلس الأمن، ودعا لاستغلال التحول في الموقف الروسي من أجل تحرك أممي تجاه سوريا، خاصة في ظل التصعيد الذي تشنه السلطات والقمع المتواصل ضد المتظاهرين، حسب تعبيره. ويحضر اجتماع تونس رئيس المجلس برهان غليون ومائتين من الأعضاء، إضافة إلى سفراء عرب وناشطين في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان. في وقت لاحق، أعرب رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون الخميس في برازيليا عن أمله في أن «يتمكن المجتمع الدولي قريبا من إنهاء عذابات» الشعب السوري، في وقت قدمت موسكو بصورة مفاجئة مشروع قرار حول سوريا في الأممالمتحدة. وقال فيون عقب لقاء استمر قرابة الساعة مع الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف «تطرقنا إلى الأزمات التي تهدد السلام والامن الدوليين. جددت التعبير للرئيسة روسيف عن الرعب الذي تثيره في نفوسنا يوما بعد يوم المجازر التي يتعرض لها المدنيون في سوريا». وأضاف رئيس الوزراء «أتمنى أن يتمكن المجتمع الدولي قريبا من إنهاء العذابات التي يقاسيها الشعب السوري»، وذلك في تصريحات تزامنت مع تقديم روسيا مشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي يدين أعمال العنف في سوريا. ويدين مشروع القرار العنف المرتكب «من قبل جميع الأطراف ومن ضمنه الاستخدام المفرط للقوة من قبل السلطات السورية». وسارع السفير الفرنسي لدى الأممالمتحدة جيرار ارنو إلى إصدار بيان أشاد فيه بهذا «الحدث العظيم». وقال ارنو في البيان الذي نشر على موقع البعثة الفرنسية لدى الأممالمتحدة على الانترنت «اعتقد أن الحدث اليوم هو حدث عظيم، لان روسيا قررت أخيرا الخروج عن جمودها وتقديم قرار عن سوريا». وتؤكد الأممالمتحدة أن أكثر من خمسة آلاف شخص قتلوا في سوريا منذ الخامس عشر من مارس الماضي تاريخ اندلاع الاحتجاجات في سوريا.