تطرح تغطية أخبار المحاكم بعض الإشكالات، وفي أحيان كثيرة تخلف متاعب للمستهدفين من أخطاء خلال الممارسة. وقد أثرت بعض الممارسات التي تفتقد للمهنية على المدلول الحقيقي لحرية الصحافة وعلى انحسار بعض وسائل الإعلام وعدم قدرتها على الانتشار لفقدان الثقة لدى جزء واسع من المتلقي أي الجمهور. في هذه الورقة التركيبية، سنسلط الضوء على بعض التقنيات المطلوبة في تغطية قضايا المحاكم، وكذا التذكير ببعض القرارات التي قد تفرض على الصحافة بسبب التسيب الذي تتأثر منه مصالح المؤسسات والمواطنين، كما في وقع مؤخرا في الهند،التي تعتبر من الديمقراطيات الصاعدة... نصائح بقلم بوب اغينتون اتصل بعض الصحفيين من غامبيا بموقع الإعلام لمساعدة وسائل الإعلام طالبين تزويدهم بوحدات تدريبية مكتوبة حول القواعد الأساسية لتغطية أخبار المحاكم. ورغم إختلاف القيود القانونية من بلد لآخر، وضع بوب اغينتون أبرز النصائح لمساعدة الذين يقومون بتغطية مسار المحاكمات. 1- العمل ضمن إطار قيود: تتسم المحاكم بكونها بيئة تحت السيطرة، وبالتالي على المراسلين العمل طبقاً لقواعد هذه المحاكم. 2- تذكر من المسؤول: القاضي هو المسؤول في المحكمة وعما يجري في داخلها. على القاضي أن يحفظ النظام، وبالتالي لديه السلطة بسجن من يظهرون إستخفافاً بالمحكمة، ومن بينهم أنت. 3- تعرّف على القوانين المحلية: كل دولة لديها مجموعتها الخاصة من القوانين التي ترعى تغطية مسار المحاكمات. عليك معرفتها، إذ يحتاجها الصحفيون ليعملوا ضمن القانون والاّ يمكن أن ينتهي بهم المطاف داخل السجن. 4- ركّز على الحقائق الرئيسية: إن أهمّ ما يجري في أية محاكمة هما: الحكم والعقوبة. وهما سيوفران لك مادة الموضوع (على افتراض أن المحاكمة إنتهت). 5- تجنب محاولة الحلول مكان القاضي: تعتمد غالبية البلدان «قرينة البراءة حتى ثبوت الإدانة». وهذا ما يجب أن يبقى حاضراً في البال خلال تقدّم المحاكمة، وهو ما يجب أن يظهر بوضوح في مقالتك. 6- الدقة، الدقة، ثم الدقة: تأكد من الحصول على كل شيء بشكل صحيح. تحقق من الأسماء وطريقة كتابتها، ومن الألقاب والمسؤوليات. فالحرص على الصحافة العادلة والدقيقة هو الهدف الأساس. 7- احتفظ بملاحظات دقيقة: في تتبع المحاكمات، كما في التحقيقات الأخرى، عليك ان تصيغ ملاحظاتك بعناية، وتحفظها في مكان آمن؛ فقد تحتاجها لاحقاً، اذا حصل إعتراض أو نقاش حول تقريرك. 8- لا تنحاز لأي من الجهات: ينبغي نقل الحجج المستخدمة من قبل محامي الادعاء ومحامي الدفاع بطريقة متوازنة، بصرف النظر عن البراهين، وعما قيل في المحكمة. 9- المحاكم تشبه المسرح: هناك تشابه بين اداء القضاة والمحامين والشهود وأداء الممثلين المسرحيين. تأكد من تسجيل والتقاط كل العناصر. 10- إمنح كل فرد ما يستحق وحيث يلزم: غالباً ما تعتمد المحاكمات على عمل محقق ذكي أو على دفاع قوي. تأكد من الإضاءة على هذه الأمور في نقلك لوقائع المحاكمة. 11- من الممكن أن تنتهي المحاكمة لكن القصة تستمر: من بين أهمّ عناصر موضوعك، قد تكون في المقابلات مع الشهود، أو مع الأسرة المعنية، أو مع الشرطة. أو سواهم. تأكّد من مغادرة المحاكمة في الوقت المناسب للحصول على هذه المقابلات. 12- تغطية منضبطة: ليس من المهارة التامة، نقل كل ما قيل في الجلسات. إذ من الأجدى، وهنا تكمن المهارة، استخدام أكثر الأجزاء أهمية في المحاكمة. 13- كن جاهزا في تحضير خلفية الموضوع: تحتاج المواضيع المهمّة تغطية شاملة. قبل المحاكمة، استكشف، والى أقصى مدى يمكنك الوصول اليه، خلفيات القضيّة، وكن جاهزاً لنشرها بعد صدور الحكم. كتب هذه النصائح الصحفي بوب أغينتون، وهو صحفي منذ العام 1969. بدأ مسيرته في الصحافة قبل انضمامه الى ال»بي.بي.سي»، حيث عمل لأكثر من 30 عاماً، منها فترة كرئيس للوحدة السياسية والبرلمانية في ال»بي.بي.سي». وكان مدير مشروع اطلاق ال»بي.بي.سي اون لين» في العام 1997. ويعمل بوب أغينغتون حاليا، كمستشار استراتيجي لوسائل الإعلام في المملكة المتحدة والخارج. نُشر هذا المقال لأول مرة على موقع الإعلام لمساعدة الإعلام (Media Helping Media) ونُشر على شبكة الصحفيين الدوليين بعد الحصول على الإذن بذلك. وموقع الإعلام لمساعدة الإعلام هو موقع تدريبي يوفر المعلومات لوسائل الاعلام الحرة، ومصادر للصحفيين العاملين في الدول التي تمر بمرحلة انتقالية، والدول التي تمر بمرحلة ما بعد النزاع، والمناطق التي تكون فيها حرية التعبير وحرية وسائل الإعلام مهددة. شروط تغطية قضايا المحاكم في الهند بحسب النظام الذي أقرته مؤخرا المحكمة الهندية العليا، أصبح لزاما على أي صحافي يعمل في تغطية أخبار الشؤون القانونية أن يحمل شهادة علمية في القانون. وقد أثار هذا الأمر قلقا كبيرا في الأوساط الإعلامية في الهند، حيث عارض الكثير من الصحافيين الحكم الصادر من المحكمة،حسب ما أوردته الشرق الأوسط. القرارات التي أصدرتها المحكمة تشترط أن يكون الصحافيون حاصلين على شهادة في القانون وخبرة سبع سنوات في تغطية أخبار المحاكم في صحيفة يومية أو وكالة أنباء محلية أو دولية أو مؤسسة إعلامية على الإنترنت، شريطة أن تكون ضمن سنوات الخبرة خمس سنوات على الأقل في المحكمة العليا الهندية أو أي محكمة عليا أخرى في الهند. وكذلك من الضروري أن يكون مارس هذه الوظيفة على الأقل لمدة ثلاث سنوات ونصف السنة قبيل تاريخ التقدم للحصول على الاعتماد مباشرة. وينبغي على الصحافي الذي يعمل في صحيفة إلكترونية أن يكون قد قضى خمس سنوات متعاقبة في تغطية أخبار قضايا المحاكم بانتظام. وللحصول على الاعتماد يجب أن يكون الصحافي قد غطى الأخبار لمدة عامين على الأقل في المحكمة العليا الهندية أو أي محكمة عليا في الهند. ولأول مرة في التاريخ يصبح الحصول على شهادة في القانون لزاما على الصحافيين، لكن حتى هذه اللحظة يمكن للصحافي الذي لم يحصل على شهادة في القانون الحصول على تصريح مؤقت لمدة ستة أشهر ليغطي أخبار القضايا التي تنظر أمام المحكمة العليا. وقد انتقد أعضاء هيئة المحكمة العليا في السابق التقارير الإخبارية غير الدقيقة، والتي تستهدف الإثارة. ويأتي هذا الإجراء الجديد بعد نشر تقرير خاطئ عن قضية ضرائب «فودافون». وتقدم هاريش سالف، محامي «فودافون»، بشكوى إلى المحكمة العليا يشير فيها إلى أن تقرير «بريس تراست أوف إنديا» قد نقل على لسانه تصريحات غير صحيحة. وأوضح سالف أن «فودافون» يمكنها «تجنب» الضرائب لأن هذا أمر يسمح به القانون. وقد زعمت هيئة الضرائب على الدخل أن «فودافون» تهربت من الضرائب من خلال تحديد 11.2 مليار دولار أميركي لشراء شركة «هوتشيسون» التي تعمل في مجال الهواتف الجوالة من خلال وسائل للتخفيض الضريبي. وقضى سالف أكثر من يوم في توضيح الفارق بين تجنب دفع ضريبة والتهرب الضريبي لأعضاء هيئة المحكمة، مؤكدا أن موكله لم يخالف القانون. وقد لاحظت المحكمة أن سلوك الصحافيين بحاجة إلى ضبط في ضوء هذه الواقعة وما وصفت بأنها تقارير غير دقيقة. وعبرت المحكمة العليا في قضية مشابهة عن استيائها من تقرير إخباري جاء فيه أن الهيئة القضائية أرادت الاحتفاظ بواحد في المائة من وديعة قدرها 25 مليار روبية دفعتها شركة «فودافون» إلى المحكمة. تضمنت هذه الأخبار إيحاء بأن أعضاء هيئة المحكمة كانوا يحاولون الحصول على أموال من خلال طرق «جديدة مبتكرة». وصرحت المحكمة: «إنهم يكتبون ما يشاءون». وعكس الأصوات التي انتقدت هذا القارا، واعتبرته أنه يتعارض مع حرية الصحافة، يرى المحامي لدى المحكمة العليا: «إن القرارات خطوة جيدة من قبل المحكمة العليا الهندية. إن هذا النظام الجديد هو الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها ضبط حرية الصحافة، وإلا ستنتشر الأخبار غير المرغوب فيها من خلال التقارير التي يقوم بها الصحافيون الشباب المتحمسون الذين يجهلون الأمور والإجراءات التي تتعلق بالمحكمة». وأضاف أنه لا يوجد قانون يجبر المحكمة العليا على منح الاعتماد. إن الاعتماد يسهل لك المهمة. على الجانب الآخر، يمكن لأي زائر أن يجلس في المحكمة ويكتب تقريرا. ويقول روهيت بانيكر، مراسل صحيفة «تايمز أوف إنديا»: «من المهم أن يعرف كل صحافي جيدا كيفية عمل التقرير. ومن المؤكد أن من يتمتع بخلفية قانونية سوف تكون لديه وجهة نظر أفضل تجاه القضية، لكن هذا يثير سؤالا بشأن ما يمكن أن يحدث للصحافيين الذين كونوا اسما على مدى سنوات في مجال تغطية أخبار قضايا المحاكم رغم عدم حصولهم على شهادة في القانون. إذا كان الأمر كذلك، فهل يجب على الصحافي الذي يغطي أخبارا عن الأفلام الحصول على شهادة في صناعة الأفلام؟».