المسؤولية الاجتماعية للمقاولة رافعة للتنمية المستدامة أكد المشاركون في لقاء حول المسؤولية الاجتماعية للمقاولة، نظم أول أمس الخميس بمقر الاتحاد العام لمقاولات المغرب، أن التزام المقاولة بمقومات تنمية محيطها المباشر وغير المباشر بات اليوم من بين أولى الأولويات، ومن شأن الحرص على هذا لالتزام المساهمة في رفع تحديات عديدة وبلوغ أهداف تتعلق بضمان فعالية المقاولة واستمراريتها. وشدد المشاركون، في هذا اللقاء الذي نظمته سفارة السويد بالمغرب بشراكة مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب ومجلس التجارة السويدي، على أن المسؤولية الاجتماعية باتت اليوم رافعة لتعزيز الأداء المستدام للمقاولة بما تضمنه من تنمية بشرية مستدامة تنعكس على العديد من المجالات المؤثرة على النشاط المنتج والخالق لفرص الشغل. وهو ما لخصته المداخلة التقديمية لمحمد حوراني رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب وكلمة أنا امارغرين سفيرة مملكة السويد. كلمتان وجيزتان أبرزتا مدى الدور الذي يلعبه الالتزام بالمسؤولية الاجتماعية في تعزيز الشعور بالمواطنة، وترسيخ ثقافة جديدة قائمة على التشارك والثقة والكرامة والحكامة الجيدة والاستمرارية لما فيه مصلحة المقاولة ومحيطها. وقد قدمت مملكة السويد، في هذا الإطار، نماذج عن تجربتها في هذا المجال، حيث تطرقت السيدة ليزا سفينسون المكلفة بالعلاقات الاجتماعية بالسفارة للموضوعات الأكثر أهمية في هذا المجال والتي تمكنت بلادها من احتوائها والاستفادة منها ك «ثقافة ونظم القيم الاجتماعية والإنجازات المحققة عقب الالتزام بالمسؤولية الاجتماعية سواء في الجانب التجاري والمالي المحض، أو في الجانب الاجتماعي والبيئي». ولم يكن المسار المتوج لهذه الإنجازات سهلا، تضيف من جهتها تيرزا فوغلبرغ المسؤولة عن العلاقات الحكومية بدولة السويد. فقد برزت في البدايات «صعوبات ميثودلوجية لتصور المسؤولية الاجتماعية للمقاولة، بموازاة مع إكراهات في تحديد دقيق لمسؤولية الشركات، واكبتها نقاشات وحوارات بل ومواجهات فكرية تحولت إلى شراكات مع فاعلي المسؤولية الاجتماعية توجت ببلوغ مراحل متقدمة باتت فيها المقاولة السويدية واعية بأهمية مسؤوليتها الاجتماعية وما تقدمه من قيمة مضافة في مجالات التنمية المستدامة التي تنعكس في مجال المحافظة على البيئة ومكافحة الفقر والإقصاء والهشاشة وتأطير ومواكبة المقاولين الشباب ذوي الدخل المحدود، وكذا تسهيل حصولهم على تمويل من بين المهام التي هي مسؤولية عالم المقاولات» . وعبرت المسؤولة عن العلاقات الحكومية بدولة السويد عن رغبة بلادها في تمكين المقاولات المغربية من الاستفادة من دروس وعبر هذا المسار الذي قطعته نظيراتها السويدية التي استفادت من خبرات الباحثين والمختصين بالمسؤولية الاجتماعية للمقاولات والتنمية المستدامة الذين أداروا أوراش التكوين والتحسيس لصالح المسيرين والأطر العليا للمقاولات الراغبة في تعميق معارفها الجماعية والمهتمة بوضع تصورات وتخطيط برامج مستقبلية. ذلك ما استحسنه الجانب المغربي الذي لم يخف بدوره مساره الناجح المبني على السهر على إقامة تواصل مستمر مع مسيري الشركات والمقاولات للوقوف على مدى تطبيق منهجية المسؤولية الاجتماعية. فقد أبرز عزيز القادري رئيس لجنة المسؤولية الاجتماعية بالمقاولة في الاتحاد العام لمقاولات المغرب أن الاتحاد، الذي حصل مؤخرا على جائزة «أفضل مبادرة خاصة بالمسؤولية الاجتماعية للمقاولات»، خلال الملتقى الدولي الأول لرواد المسؤولية الاجتماعية للمقاولات بإفريقيا الذي احتضنته مدينة دوالا بالكاميرون، يواصل العمل على تثمين دور المقاولة في خلق الثروة وتحقيق التنمية الاقتصادية واضعا المسؤولية الاجتماعية في صميم أهدافه. وشدد عزيز القادري على أن ميثاق المسؤولية الاجتماعية المغربي يقضي بتعزيز الالتحام بأهداف التنمية المستدامة والالتزام بالعمل على تفعيلها بكل مسؤولية واستمرارية في إطار أنشطة الاتحاد العام لمقاولات المغرب الاقتصادية والاجتماعية، وبشكل عام في إطار مساهمته في خلق الثروات. ولم يخل اللقاء المغربي السويدي من مداخلات ونقاشات شددت خلاصاتها على استحالة عيش المقاولة اليوم دون توافر مقومات التنمية المستدامة لمحيطها والتي تتطلب التزام رجال الأعمال بالعديد من المقومات التي باتت ضرورية كاحترام حقوق الإنسان من خلال احترام حرية التنظيم وممارسة الحق النقابي وتجنب جميع أشكال الميز وتشجيع مساواة الحظوظ بين الرجال والنساء، وعدم السماح بتشغيل الأطفال الذين تقل أعمارهم 15 سنة، وتشجيع المفاوضات الجماعية، وتفادي النزاعات في العمل وحلها بشكل سلمي. كما تشمل هذه الالتزامات، وفق ما أفرزه اللقاء من خلاصات، التحسين المستمر لظروف التشغيل والعمل، والعلاقات المهنية، وحماية البيئة، وتفادي الرشوة، واحترام قواعد المنافسة الشريفة، وتعزيز شفافية حوكمة المقاولة، واحترام مصالح الزبناء والمستهلكين، وتشجيع المسؤولية الاجتماعية للمزودين المباشرين وغير المباشرين، بالإضافة إلى تنمية الالتزام الاجتماعي من خلال تحسين معيشة الساكنة، وتشجيع التشغيل المحلي، و تكوين الأجراء التابعين لمناطق وأماكن تواجد المقاولة، وتسهيل الاستفادة من منتوجات وخدمات المقولات ذات مصلحة عامة، والمساهمة في أي مبادرة ذات طابع وطني أو محلي مكرسة للوقاية أو التخفيف من آثار الكوارث الطبيعية أو الاختلالات البيئية أو الأمراض، ومحاربة الفقر والأمية واللامساواة في التنمية الجهوية، وبشكل عام تشجيع الثقافة والفنون والمعرفة.