قال المشاركون في أشغال المناظرة الأولى، حول المسؤولية الاجتماعية للمقاولات، إن المغرب عمل على وضع القواعد الأساسية والإطار القانوني الضروري لتكريس المسؤولية الاجتماعية إنعاش الجانب الاجتماعي في المقاولات (خاص) ودعم العمل اللائق داخل المقاولة، وفق معايير والتزامات الاتفاقيات الدولية، من خلال إقرار مدونة شغل جديدة، وتطوير التشريع الاجتماعي، واعتماد المعيار الاجتماعي، ومأسسة الحوار الاجتماعي الثلاثي الأطراف، وطنيا وقطاعيا، وعلى صعيد المقاولة. وأبرز المشاركون في اللقاء المنعقد الثلاثاء الماضي بالدارالبيضاء، أن الإصلاحات، التي انخرط فيها المغرب لتحسين مناخ الأعمال، بشراكة بين القطاعين العام والخاص، من شأنها تصحيح وتقنين الممارسات، وإعطاء معنى للقيم، التي يجب أن تقوم عليها علاقات الأعمال، موضحين أن ضرورة العمل في ظرفية معولمة توجه الاختيار نحو ممارسات معترف بها دوليا، تتمثل في المسؤولية الاجتماعية للمقاولات، بمعاييرها الدولية، التي تطمح إلى تحقيق عالم أكثر عدلا وأمنا. وقال محمد حوراني، رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب إن "الاختيار، الذي تبناه الاتحاد العام لمقاولات المغرب، لدعم المسؤولية الاجتماعية للمقاولات، يتجسد في فرض ميثاق المسؤولية الاجتماعية على كل أعضائه، من جهة، ومنح ميزة الاتحاد للمسؤولية الاجتماعية للمقاولات، من جهة أخرى، وهذا الاختيار أصبح ضروريا لتحقيق استفادة أكبر للاقتصاد المغربي، وتقليص المخاطر الناتجة عن المنافسة الكونية التي يتعين على المقاولة رفعها". وشكلت قمة الأرض، التي انعقدت سنة 1992، منطلقا لمقاربة المسؤولية الاجتماعية للمقاولات، التي دفعت بالمقاولة إلى الانخراط في مجال خارج الميدان الاقتصادي الصرف الذي تنشط فيه. وتمثل المسؤولية الاجتماعية للمقاولة مشاركتها في مفهوم التنمية المستدامة، وهي تقوم على ثلاثة أعمدة بيئية، واجتماعية، واقتصادية. وترمي المسؤولية الاجتماعية للمقاولة إلى تحديد مسؤوليات المقاولة تجاه محيطها، بوضع انشغالاته وانتظاراته في صلب استراتيجيتها التدبيرية. وتعد المسؤولية الاجتماعية للمقاولة دعما للجهود المبذولة لجلب الاستثمارات المباشرة الأجنبية، وهي تولي أهمية خاصة للرساميل الراغبة ليس في تحقيق المردودية، لكن، أيضا، الطامحة إلى انعكاس أنشطتها على مواقع وجودها، إلى جانب مصالح شركائها، وفق ما يطلق عليه "الاستثمار المسؤول اجتماعيا". كما تعتبر عاملا مساهما في تعزيز مؤهلات التصدير والشراكة ما بين المقاولات المحلية ونظيراتها الأجنبية. وداخل المقاولة نفسها، تلعب المسؤولية الاجتماعية للمقاولة دورا بارزا في تحسين مناخ العمل، واحترام الحقوق الأساسية للإنسان، كما تساهم في تدبير أفضل للمخاطر، وحيازة حصص جديدة من السوق، وتعزيز التنافسية، لتكون المقاولة مستعدة كما يجب لاستباق متطلبات السوق ومانحي الأوامر، وأيضا للقوانين التنظيمية الجديدة التي تعطي اهتماما متزايدا لمعايير المسؤولية الاجتماعية للمقاولة. بالنسبة إلى الاتحاد العام لمقاولات المغرب، لا تعد المسؤولية الاجتماعية للمقاولة خيارا فقط، بل ضرورة بالنسبة للمقاولات المغربية. ففي الظرفية الراهنة المتسمة بالعولمة، يخول تبني هذه المقاربة للمقاولات تدبيرا أفضل للسياق التنافسي العالمي الذي تعمل به، خصوصا أن المغرب وقع على العديد من اتفاقيات التبادل الحر، تتضمن التزامات المسؤولية الاجتماعية للمقاولة، كما أنه انخرط، أخيرا، في لجنة الاستثمار لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، التي تقتضي الأخذ في الاعتبار الآليات المعيارية للمسؤولية الاجتماعية للمقاولة، ناهيك عن التزام الدولة القوي والقطاع الخاص، لتحسين مناخ الأعمال وتشجيع الاستثمار المسؤول اجتماعيا في بلدنا. واستبق الاتحاد العام لمقاولات المغرب هذا الموضوع، منذ 2006، بجعل المسؤولية الاجتماعية على رأس أولوياته، اعتمد ميثاق المسؤولية الاجتماعية في بادئ الأمر، ثم في المرحلة الموالية، وضع ميزة المسؤولية الاجتماعية للمقاولة المخصصة للتعريف بالمقاولات المنخرطة في هذه العملية التطويرية. وأضحت المسؤولية الاجتماعية للمقاولة موضوعا أساسيا في التفكير حول تنظيم العولمة، إذ أن الأزمة الاقتصادية التي عرفتها السنوات الأخيرة، ساهمت في تعزيز النقاش بخصوص هذا الموضوع. وعرف مفهوم المسؤولية الاجتماعية للمقاولة تطورا بمبادرة من فاعلي المجتمع المدني، وهو مفهوم تدمج ضمنه المقاولات الانشغالات الاجتماعية، والبيئية، والاقتصادية، في أنشطتها وتقاطعها مع شركائها، على أساس تطوعي. وهي طريقة تسمح من خلالها المقاولة الإسهام في رهانات التنمية المستدامة، ومنذ سنوات، التزم الاتحاد العامة لمقاولات المغرب بإنعاش وتفعيل الجانب الاجتماعي في مجال المقاولات. وتشكل منهجية الاتحاد مبادرة أولى من نوعها في العالم العربي، ومنطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط.