حتى الآن فإن النقطة السوداء التي تطرح علامات استفهام كبيرة، هي عزوف الجماهير المغربية عن متابعة فعاليات بطولة إفريقيا لأقل من 23 سنة المؤهلة إلى الألعاب الأولمبية بلندن 2012، فالأكيد أن الكل تابع وعاين بقرب ما حدث السبت الماضي في مباراة المنتخب الأولمبي المغربي أمام نظيره النيجيري، وحتى في المباراة الثانية بين المنتخبين الجزائري والسنغالي، وكذلك في لقاءات المجموعة الثانية بمراكش بين مصر والغابون والكوت ديفوار وجنوب إفريقيا، حيث كانت المئات بل الآلاف من الكراسي بملعب طنجة فارغة وتنتظر من يداعبها من الجماهير، ولكن دون جدوى .!! السبت اجتمعت عناصر كانت وراء غياب المشجعين المغاربة، فإن تزامن افتتاح البطولة مع انتهاء الانتخابات التشريعية ببلادنا قد يكون سببا مقنعا للبعض، غير أن إجراء مباريات الدوري الإسباني كان وراء عزوف مغربي قوي عن متابعة اللقاء أمام نيجيريا، ونحن نعلم الحب الذي تكنه الجماهير الشمالية ل»الليغا الإسبانية». حب مشروع ومحترم، نظرا لما تقدمه البطولة الأقوى في العالم من متعة وإثارة للجماهير المغربية كافة، والمنقسمة بين تشجيع عمالقة الكرة الإسبانية، وليس فقط لمغاربة الشمال. إذن فما بالك إذا كان الكل يترقب الزمن ليتابع ديربي مدريد بين ريال مدريد وأتليتيكو مدريد، والذي انتهى لصالح النادي الملكي بأربعة أهداف لواحد. ومن حسن الحظ أن برمجة مباراة الأمس بين الأشبال و»الخضر» لن تمنعه الجماهير المغربية وخاصة العاشقة للنادي الكاتالوني، من متابعة لقاء آخر بالليغا جمع هذه المرة بين برشلونة ورايو فالكانو، وإن كانت المعطيات القادمة من طنجة تشير إلى أن الجماهير قد تحضر بقوة في الديربي المغاربي بسبب الاكتظاظ الذي تشهده نقاط بيع التذاكر -بالطبع بالتقسيط-. الاعتقاد الشائع أن الجماهير كانت محقة في متابعة المباراة التي جاءت مجنونة وغزيرة بالأهداف، عكس مواجهة الأشبال والنسور التي انتهت بفوز صغير للعناصر الأولمبية وبأداء متوسط، إن لم نقل عنه «أداء ضعيفا» ولا يرقى إلى حجم البطولة، وبالتالي فلنعذر الجماهير المغربية لعدم حضور ذلك اللقاء الذي كرس عن ضعف تقني لدى معظم المنتخبات المشاركة، اللهم إذا استثنينا ما قدمته المنتخبات العربية من نتائج مهمة، جعلت حلم بلوغ الألعاب الأولمبية يقترب رويدا رويدا. الطريف أن مدرب المنتخب المصري كان يتوقع مساندة من الجماهير المغربية باعتبار «الفراعنة» الفريق العربي الوحيد في المجموعة الثانية، لكن الجماهير المراكشية أخلفت الموعد ولم تساند أشقاءنا المصريين ربما لأنها كانت مشغولة هي الأخرى بمباريات الريال والبارصا. السؤال الذي لا نجد له إجابة إلى حدود الساعة: ما سبب اختيار اللجنة المنظمة لمدينتي طنجة ومراكش كمرشحتين لاحتضان التصفيات الأولمبية دون مدن أخرى؟ وما دور الوزارة الوصية وجامعة الكرة في هذا الموضوع؟ حتى وصل الأمر إلى أن تصبح مدينة مراكش مركزا لاستعدادات المنتخب الأول وإقامة مبارياته بملعبها الجديد، فيما يبدو أن ملعب طنجة قد أنشئ خصيصا للمنتخب الأولمبي الذي بات معتادا على اللعب بأحدث الملاعب المغربية دون غيره، مع العلم أن ملعبي الدارالبيضاء والرباط هما الأفضل على الإطلاق على الصعيد الوطني بسبب القيمة التاريخية التي يحملانها، والتي جعلتهما يتجاوزان كونهما بناءين إسمنتيين لإجراء مباريات كرة القدم. والأكيد أن على منظمي بطولة إفريقيا لأقل من 23 سنة، أن يراجعوا أنفسهم لما صاحب تنظيم هذا الحدث الرياضي من هفوات. لأن تنظيم بطولة معترف بها دوليا من دون حفل افتتاح بمثابة سقوط أول في اختبار (الكاف)، لأن فرض شراء التذاكر بالجملة (باك) مع ميزة التنقل المجاني بين مراكش وطنجة على المتفرجين رسوب ثان، ولأن اختيار مدينتين مغربتين تبعدان عن بعضهما البعض 850 كلم تقريبا أمر يثير الضحك، ويطرح تساؤلات حول نجاحنا تنظيم تظاهرات أكبر في قادم الأيام. ملامح تشير إلى أن المغرب في الطريق إلى الفشل في اختبار تنظيم بطولة أقل ما يقال عنها أنها من البطولات الصغيرة، والتي تم منحها للمغرب بعد اعتذار مصر عن تنظيمها لأسباب أمنية وسياسية، وأن البطولة الإفريقية عرت عن الواقع التنظيمي ببلادنا، وأن الرهانات المنتظرة في استحقاقات كروية قادمة كبطولة أمم إفريقيا للأمم 2015 وكأس العالم للأندية 2013 و2014 حظي المغرب بشرف تنظيمها، قد تكون أو لا تكون .!!!