اضطرت أسر مغربية إلى خفض مشترياتها من زيت الزيتون المغربي الذي تراجع العرض منه للعام الثاني على التوالي، ما أفضى إلى ارتفاع الأسعار التي تضاعفت مقارنة بما كانت عليه في أعوام سابقة. واعتادت أسر مغربية الإقبال على المناطق المنتجة لزيت الزيتون بهدف تأمين كميات تكفيها، للاستهلاك السنوي، غير أن ضعف المحصول، بما كان له من تأثير على الأسعار دفع أسرا إلى خفض مشترياتها. فقد دأبت العديد من الأسر المغربية على تأمين ما بين عشرين وخمسين لترا من حاجياتها من زيت الزيتون المغربي عبر المعاصر التقليدية المنتشرة في مناطق الإنتاج، لطنها باتت تخفض طلبها بالنظر إلى مستوى الأسعار الحالية. فلم تسلم أسعار الزيتون من الارتفاع في العام الحالي متأثرة بتراجع المحصول بفعل قلة التساقطات المطرية وارتفاع درجات الحرارة في فترة الإزهار والبرد، كما يوضح الخبير الاقتصادي مصطفى ملغو. وقد تراجع إنتاج الزيتون في العام الحالي إلى 1.07 مليون طن، وهو نفس المستوى الذي بلغه في العام الماضي، غير أن ذلك المحصول جاء منخفضا بنسبة 44 في المائة عما كان عليه في عام 2021، الذي وصل فيه إلى مستوى قياسي في حدود 1.9 مليون طن، حسب وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمالية والغابات. وأفضى الانخفاض الحاد في المحصول بفعل الجفاف وقلة التساقطات الخريفية، في العامين الأخيرين، حسب ملغو، ل"العربي الجديد" إلى ارتفاع أسعار زيت الزيتون المغربي بما بين 30 و40 في المائة في المائة في العام الحالي، حتى تتراوح بين 9 و10 دولارات للتر الواحد. ولم يشذ محصول الزيتون عما عرفته العديد من البلدان المنتجة لتلك السلعة، فقد تسبب الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، في تراجع الإنتاج في اليونان وإيطاليا وإسبانيا. وهذه الأخيرة انخفض فيها الإنتاج بنسبة 20 في المائة مقارنة بالمتوسط المسجل في الثلاثة أعوام الأخيرة. وكان المغرب تحسب للتراجع في إنتاج الزيتون العام الحالي، حيث أخضع تصدير الزيتون والزيت المستخرج منه لترخيص خاص، خاصة أن الطلب سيرتفع في العالم على تلك المادة في ظل انخفاض حاد للمحصول لدى بلدان منتجة. ويتجلى أن المستهلكين المحليين يوفرون لمنتجي زيت الزيتون في المغرب أسعارا مجزية، تغنيهم عن التصدير، علما أن أغلب الصادرات تأتي على شكل ثمار الزيتون التي توجه للأسواق الخارجية من أجل استخراج الزيت في بلدان مثل إسبانيا وإيطاليا. ورغم تواضع الإنتاج من الزيتون والزيت إلا أن وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، تتوقع ارتفاع إيرادات المنتجين بنسبة 10 في المائة، كي يصل إلى 740 مليون دولار، وهو ما يجد تفسيره في مستوى الأسعار هذا العام. ويستغل المضاربون في السوق قلة المحصول كي يساهموا في ارتفاع أسعار الزيتون وزيت الزيتون، علما أن بعض المضاربين اعتادوا على شراء الزيتون قبل قطافه مستغلين وضعية المزارعين الذين تتضرر إيراداتهم بفعل الجفاف وارتفاع تكاليف الإنتاج. ومن العوامل المساعدة على انتعاش زراعة الزيتون، وفرة الموارد المائية والظروف المناخية والطبيعية الملائمة لزراعة الزيتون، ووجود أراض منحدرة قابلة للتشجير، ومراكمة الفلاحين خبرة مهمة في مجال زراعة الزيتون.