نظم مختبر اللسانيات التطبيقية والدراسات الثقافية، التابع لشعبة الدراسات الإنجليزية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة، يومي 25 و26 أكتوبر الماضي، ندوة أكاديمية دولية حول موضوع "حوار الثقافات واللغات". في دورتها السادسة، احتضن هذا الحدث نخبة من الأكاديميين والدكاترة والباحثين في مختلف تخصصات الدراسات اللغوية من أنحاء العالم، وذلك لعرض ومناقشة آخر إصداراتهم الأكاديمية في مجالات دراسة اللغة، اللسانيات، علوم التربية، الترجمة، الدراسات الثقافية، والآداب… يهدف هذا الحدث حسبما جاء على لسان منظميه، السيد عميد كلية الآداب والعلوم الانسانية، د. محمد يعو؛ السيد نائب رئيس جامعة شعيب الدكالي، د. محمد الصحابي؛ السيدة مديرة مختبر اللسانيات التطبيقية والدراسات الثقافية دة. أسية العبودي؛ والسيد رئيس شعبة الدراسات الانجليزية، د. محمد دردار، (يهدف) إلى تشجيع البحث العلمي وتقاسم وتبادل الخبرات الأكاديمية وخلق بيئة علمية متوازنة من حيث القدرات المعرفية والمهارات التواصلية إضافة إلى إدماج الجيل الجديد من الباحثين في عملية نشر المعرفة الأكاديمية والعلمية. تفانيا للأهداف المسطرة، افتتح الدكتور عبد القادر سبيل اليوم الأول من هذا المؤتمر بتقديم خطاب للدكتور محمد زرورة من جامعة محمد الخامس بالرباط، حول "اللغة الإنجليزية بين التقديس العولمي والقيمة اللغوية المضافة داخل البيئة العلمية المغربية". خلال خطابه الافتتاحي، أكد الدكتور زرورة على ضرورة اعتبار الأهمية اللغوية والتواصلية للغة الإنجليزية دون النظر إليها كحالة لسانية خاصة. اللغة الانجليزية باعتبارها لغة التواصل الأولى في العالم ولسان مشترك بين أغلب الشعوب لا تحصي تفوقها من خلال خصوصيات لسانية بل من خصوصيات أخرى ذات طابع اقتصادي، سياسي وكذا أيديولوجي، فبرغم الآفاق العلمية والأكاديمية التي تفتحها هذه اللغة إلا أنها لا تبرر التنكر اللغوي واللساني الذي تتبناه بعض الشعوب والجهات. تطرقت الحصة الأولى من هذا المؤتمر، بتسيير الدكتور عزيز بودلال، والتي تمحورت حول "إشكاليات في تدريس اللغة الإنجليزية كلغة أجنبية"، لدراسات علمية تجريبية تهدف بشكل عام إلى الإحاطة بالعملية التعلمية خاصة تلك التي تتعلق باللغات الأجنبية بين التعلم والاكتساب، وذلك بمشاركة كل من نجلاء بن عبد الله وجاسر لطيف من تونس في دراسة حول تأثير اللغات الأم على اكتساب اللغة الإنجليزية، عبد الحكيم بنحمو عن جامعة ستراسبوج بفرنسا، نادية نوري من جامعة الحسن الأول، سارة علالي من جامعة ابن طفيل في دراسة حول استعمال الذكاء الاصطناعي داخل البيئة التعليمية المغربية، ومنال لعريبي من جامعة محمد الخامس. بعد فقرة مناقشة شيقة بين باحثي وطلبة مختف الشعب، تمحورت الحصة الثانية من المؤتمر الدولي حول إشكاليات في الأدب والدراسات ما بعد الكولونيالية من تأطير الدكتورة رجاء رحوني. شارك في هذه الحصة كل من الباحثين جاكلين جوندو من جامعة تولوز بفرنسا، خلود عزة من جامعة القاهرة بمصر، عبد الغافور بلحبيب من جامعة شعيب الدكالي وأخيرا الدكتور خالد مجاهد عن نفس الجامعة. قدم الدكتور مجاهد خلال مداخلته تجربة نوعية استهدفت القدرات الأسلوبية لطلبة اللسانيات بجامعة شعيب الدكالي في محاولة للإحاطة بالقدرات الإدراكية لهذه العينة التجريبية ومدى فعالية تدريس الأدب والعلوم الإنسانية خصوصا في صفوف طلبة التعليم العالي. اختتم اليوم الأول من فعاليات هذا المؤتمر الدولي بحصة ثالثة حول الدراسات الإعلامية، تحليل الخطاب، والترجمة، من تأطير الدكتورة جاكلين جوندو، حيث شاركت كل من وديان الورداوي عن جامعة شعيب الدكالي، بجانب الدكتورة حنان بنودي عن جامعة ابن زهر، عبد الرحمان وديع عن جامعة شعيب الدكالي، وكذا حبيبة النخلي عن جامعة عبد الملك السعدي. تطرقت معظم المشاركات في هذه الحصة إلى الأهمية التواصلية والثقافية التي تلعبها اللغة أو اللسان، وكذا التداخلات القيمية التي تؤدي لها المنوعة اللغوية والثقافية في الأوساط البيلغوية كالمغرب. استضاف المؤتمر الدولي لحوار الثقافات واللغات في يومه الثاني الدكتور أحمد الشرفي ممثلا لكلية علوم التربية بجامعة محمد الخامس، الرباط، والذي قدم الخطاب الافتتاحي الثاني، تطرق فيه للإشكاليات الحديثة في اللسانيات العربية ولخصوصية المعجم العربي وصعوبة الإحاطة بهذه الخصوصية باستعمال الأدوات اللسانية الغربية. وأكدت مداخلة د. شرفي، في هذه الجلسة التي كانت من تسيير الدكتور يحيى دخيسي، على أن البحوث التجريبية التي تتطرق لدراسة اللغة العربية باختلاف منوعاتها اللسانية مسؤولية مشتركة بين الباحثين اللسانيين خصوصا باعتبار اللغة العربية جزء لا يتجزأ من الهوية وحالة لسانية غنية أيضا. بعد الخطاب الافتتاحي، التقى الباحثون في الحصة الرابعة من المؤتمر التي كانت من تأطير دة. العبودي في موضوع "إشكاليات في اللسانيات النظرية". شارك في هذه الحصة كل من الباحث ياسين البخات عن جامعة محمد الخامس بالرباط، الباحث خالد الحبيب، الباحث نصر الدين بجة، الباحث حمزة الشتوي والباحث عادل السيح، وكلهم من جامعة شعيب الدكالي بالجديدة. تميزت المداخلات في هذه الحصة بمستوى رفيع جدا من الإحاطة بالإشكاليات النظرية في اللسانيات من خلال بحوث نوعية وكمية وكذا تجريبية، كما تميزت المشاركات بطابع تبسيطي للمعلومة قصد استهداف جمهور علمي واسع ومن كل الشعب والتخصصات. يذكر أن البحوث في اللسانيات النظرية تعالج قضايا اللغة أو اللسان من حيثيات الصوتيات، التوزيع الصوتي، المورفولوجيا، النحو والتركيب، وكذا السيميائيات وتحليل الخطاب بهدف تسهيل عملية الاكتساب، التصميم اللغوي معالجة مشاكل نيورولغوية وغيرها. افتُتحت الحصة الخامسة من المؤتمر والتي تمحورت حول "إشكاليات في الدراسات الثقافية واللغوية الأمازيغية" تحت تسيير الدكتور كريم بنسوكاس، بمداخلة عزيز كور عن جامعة محمد الخامس بالرباط، متبوعا بمداخلة خديجة أوميدي عن نفس الجامعة في عرض حول تدريس اللغة الأمازيغية في المناطق المستهدفة بين الوضع والمواقف المجتمعية. تلى ذلك مداخلة الدكتورة أمينة بوتبيا عن جامعة شعيب الدكالي متبوعة بمداخلة عبد الحق العماري في موضوع "الأفلام الأمازيغية الريفية، إحياء لغوي وثقافي". قبل الانتقال لفقرة المناقشة تم التطرق لمداخلة نجيب المهراوي عن جامعة شعيب الدكالي، والتي أكد خلالها على ضرورة الدراسة العلمية والمنظرة لمكونات الثقافة الأمازيغية باعتبارها جزء لا يتجزأ من الهوية المغربية والمغاربية وإرثا حضاريا إنسانيا عريقا. تطرقت الحصة السادسة من هذا المؤتمر برئاسة الدكتورة نجاة المختاري لإشكاليات في تدريس اللغات الأجنبية بين التعليم الأساسي والتعليم العالي، حيث افتتحت هذه الحصة بدراسة للدكتورين محسن الشرفي وعبد الله ادحساين حول عدم توافق التوقعات والإنجازات بين المتعلم والمعلم بالمدارس العليا للتربية والتكوين في دراسة نوعية للمدرسة العليا بالجديدة. تلى ذلك مداخلة عبد العزيز أكرام عن جامعة شعيب الدكالي في دراسة معجمية حول تأثير المعرفة المعجمية المعمقة على الإنتاجات اللغوية المكتوبة، قبل أن يتطرق الدكتور زايد هموري في دراسة ملهمة حول الآليات اللغوية للتذمر في النوعية الأمازيغية بالمناطق الجنوب الشرقية بالمغرب مبرزا الخصوصية الثقافية وكذا البراغماتية لهذه النوعية وما تحمل من إرث ملموس قيم. شاركت في هذه الحصة أيضا كل من الباحثة شيماء فرماتي وكذا الباحثة مروى عبد الكافي عن جامعة شعيب الدكالي في مداخلتين تميزتا بالتطرق للمتعلم بصفته الحلقة الأكثر أهمية في النظام التعليمي الجديد. قبل اختتام المؤتمر الدولي في دورته السادسة تطرقت الحصة السابعة والأخيرة إلى "الإشكاليات الحديثة في الدراسات الثقافية الجندرية. افتتحت هذه الحصة بمداخلة للدكتورتين زينب العبوبي وريم اليزمي عن جامعة شعيب الدكالي متبوعة بمداخلة للباحثة رجاء رحوني والباحثة خولة ليلون عن نفس الجامعة. ناقشت هذه المداخلات في مجملها تمثيل النوعين الاجتماعيين في اللغة والثقافة، وكيف يمكن للغة أن تحمل رسائل اجتماعية وإيديولوجية مشفرة من شأن الدراسات اللسانية والثقافية وتحليل الخطاب حل شفراتها. أخيرا وليس آخرا، تحمل تظاهرات من قبيل المؤتمر الدولي لحوار الثقافات واللغات المقام بحرم كلية الآداب بالجديدة الكثير من القيم العلمية والثقافية التي من شأنها المضي بالمجتمع المغربي إلى الوعي، الحيادية واليقظة الثقافية.