ما الذي يمكن أن يفعله تغير المناخ في الصحة النفسية؟ الكثير من التقارير والدراسات الخاصة بالصحة النفسية تؤكد أننا لا يمكننا أن نتجاهل القلق والحزن والصدمة والاكتئاب وتغيرات المزاج الحادة الناجمة عن هذا التدهور البيئي والمناخي، وتصف التقارير هذه الأضرار بأنها خسائر غير مرئية لأزمة المناخ على الصحة العقلية. إن الأنظمة الاقتصادية الحالية تضع الأرباح قبل الناس، مما يجعل أزمة الصحة العقلية والنفسية أسوأ بكثير. كما أن إعطاء الأولوية للأرباح يؤدي إلى تغير المناخ. وبينما تتصارع المجتمعات في جميع أنحاء العالم مع الكوارث المناخية المتكررة والشديدة بشكل متزايد، من حرائق الغابات المستعرة إلى الأعاصير الكارثية، فإن هناك أزمة أخرى لا يتم ذكرها وهي التأثير السلبي على صحتنا العقلية. وتشير التقارير إلى أن المزيد من الناس، وخاصة الأجيال الشابة، يعانون من القلق البيئي والحزن المناخي. وهذا ليس مفاجئا بالنظر إلى أنهم سيواجهون العواقب طويلة المدى لحالة الطوارئ المناخية. تفاقم التوتر وتتجاوز التأثيرات الكوارث الطبيعية والضغوط الفردية. لقد جعل تغير المناخ الحياة أكثر صعوبة بالنسبة للأشخاص الذين يعانون بالفعل من ظروف نفسية. وقد أدت الظروف المعيشية غير المستقرة إلى تفاقم التوتر المزمن وزيادة مخاطر الإصابة بالاكتئاب والقلق ومشاكل الصحة البدنية. حيث إنه يمكن أن يؤدي فقدان المنزل بسبب حريق هائل أو فيضان إلى حدوث صدمة نفسية دائمة. إن معالجة هذه القضايا بشكل حقيقي وحماية الصحة العقلية في هذا السياق تتطلب تغييرات هيكلية كبيرة، وليس فقط استراتيجيات التكيف الفردية. وتؤكد سياسات المناخ الحالية على تحسين البنية التحتية، ولكن التأثيرات النفسية تتطلب نفس القدر من الاهتمام. وتظهر الأبحاث أن الصدمات النفسية والتعرض للطقس المتطرف والكوارث يمكن أن يؤثر على الظواهر الاجتماعية الخارجية مثل التحصيل العلمي والإجرام والانتحار، وأشارت إلى أن تغير المناخ يمكن أن يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالخرف وغيره من المشاكل العقلية والسلوكية. لكن الأكثر خطورة أن العديد من الدراسات تؤكد أن الزيادة في تعاطي المخدرات يمكن أن تكون مرتبطة أيضًا بتغير المناخ بسبب الحرارة الشديدة والإجهاد المرتبط بها. الإدمان والانتحار ووفقا لدراسة جديدة نشرت في مجلة (Communications Medicine) أظهرت البيانات التي تم جمعها على مدى 20 عامًا زيادة بنسبة 24.6% في حالات الاستشفاء المرتبطة باضطرابات الكحول وزيادة بنسبة 38.8% في حالات الاستشفاء بسبب مواد أخرى، بما في ذلك المواد الأفيونية والكوكايين والقنب والمهدئات. ويقول الباحثون في هذه الدراسة إن ارتفاع درجة حرارة الكوكب بلغ في المتوسط 0.08 درجة مئوية كل عقد منذ منتصف القرن التاسع عشر، على الرغم من أن غالبية هذا الاحترار حدث منذ عام 1975 فصاعدا وبمعدل 0.20 درجة مئوية كل عقد. وبحسب هذه الدراسة، يؤدي تغير المناخ إلى "ضغوط نفسية اجتماعية ناجمة عن زعزعة استقرار أنظمة الدعم الاجتماعية والبيئية والاقتصادية والجيوسياسية؛ وزيادة معدلات الاضطرابات النفسية. وزيادة العبء على الصحة البدنية؛ والتغيرات الضارة المتزايدة في أنماط السلوك الراسخة؛ والقلق بشأن مخاطر تغير المناخ. وقد ربطت هذه الدراسة بين ارتفاع مخاطر القلق والاضطرابات النفسية والخوف والهلع وبين تصاعد وتيرة موجات الطقس السيئة حول العالم. ولفتت الدراسة إلى أن التعرض للضغوطات المرتبطة بالمناخ – مثل العواصف والفيضانات وحرائق الغابات والجفاف- يمكن أن يؤدي إلى ضائقة جسدية ونفسية غالبًا ما تستمر لعدة أشهر بعد الحدث". وقالت الدراسة: "يواجه الشباب مخاطر غير متناسبة بسبب تعرضهم الشديد لمشاكل الصحة العقلية واضطرابات تعاطي المخدرات". وتحرص العديد من منظمات الصحة النفسية في "اليوم العالمي للصحة العقلية" على ضرورة مراعاة العوامل البيئية، وأن تدرك الحكومات أن مواجهة تغير المناخ لم تعد رفاهية.