التفت أبرز مكونات الحركة الحقوقية المغربية أول أمس ضمن مسيرة جابت وسط العاصمة الرباط تحت شعار: «مناهضة الإفلات من العقاب»، ورفعت الشعارات واللافتات من أجل تحصين المكتسبات الحقوقية، ودعم المبدإ القاضي بربط المسؤولية بالمحاسبة، وإعمال جميع توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وضمنها تلك التي تؤكد على ضرورة وضع إستراتيجية وطنية لمناهضة الإفلات من العقاب... الجسم الحقوقي الوطني نزل إلى الشارع، مرة أخرى، للمطالبة بمحاربة الفساد، وتكريس مساواة المواطنين أمام القانون... وبالرغم من أن توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وأيضا ربط المسؤولية بالمحاسبة، أي مناهضة الإفلات من العقاب، قد تم التنصيص عليهما في الدستور الجديد، ما يعتبر مكسبا هاما لنضالات الحركة الحقوقية والقوى الديمقراطية والتقدمية، فإن التحدي اليوم يتمثل في الانتقال بهذه الإرادة المعبر عنها من مرحلة الخطاب والنصوص إلى مرحلة العمل السياسي الملموس والأجرأة القانونية والقضائية العملية، وذلك في إطار سيادة القانون واستقلالية القضاء. وحيث أن المناسبة شرط، فإن أجواء الإعداد للانتخابات تفرض تقديم إشارات قوية وملموسة بشأن الإصرار على تطبيق القانون، وعلى جعله لا يستثني أحدا، سواء ما يتعلق بالقيام بسلوكات تدليسية للتحايل على إرادة الناخبين، أوالتدخل بالتزوير في اللوائح وفي تسجيل الناخبين، أو بالاعتداء المباشر على منافسين، أو بتدخل أعوان السلطة الترابية، وعدم التزامهم بالحياد الإيجابي، أو غير ذلك. إن محطة الانتخابات مناسبة إذن لإعمال مبدأ الربط بين المسؤولية والمحاسبة، وأيضا لجعل القانون سيد الجميع، وجعل كافة المواطنات والمواطنين يخضعون له ولأحكامه، وبهذا ستتحقق الحياة لمقتضيات الدستور الجديد، وستتحول إلى واقع ملموس يحياه الناس على الأرض. في السياق نفسه، فإن الحركة الحقوقية والمنظمات غير الحكومية العاملة في مجالات الديمقراطية والحكامة والتربية على المواطنة ومحاربة الفساد، مدعوة اليوم للانخراط في التصدي للفساد الانتخابي وفضح المفسدين وسماسرة الانتخابات، وبالتالي التعبئة الجماعية لتنظيم انتخابات نزيهة ومختلفة عن سابقاتها، وإفراز مؤسسات ذات مصداقية وتمثيلية، بغاية إعمال إصلاح مؤسساتي وسياسي، من شأنه فتح الباب لإنجاز باقي مسلسلات الإصلاح، والسير في اتجاه إعمال كافة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة. إن للحركة المدنية والحقوقية اليوم مسؤولية أساسية في الدفاع عن نزاهة الانتخابات، وفي السعي إلى تمكين بلادنا من مؤسسات منتخبة تكون مشكلة من فعاليات نزيهة ومؤهلة وذات قناعات وطنية وديمقراطية وحداثية، ومن ثم فإن الاستقالة من هذه المهمة، أو عدم الاهتمام بها، سيفتح الباب أمام لوبيات الفساد والريع لمواصلة السيطرة على الحقل الانتخابي والحزبي والسياسي، وبالتالي رهن تطلع بلادنا وشعبنا إلى ترسيخ الحداثة والديمقراطية وحقوق الإنسان ودولة القانون. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته