مباشرة بعد سحب قرعة نهائيات كأس أمم إفريقيا لكرة أخرى لسنة 2012، والتي أوقعت المنتخب المغربي في مواجهة حساسة مع نظيره التونسي إلى جانب منتخب الغابون أحد الدولتين المنظمتين للبطولة، ومنتخب النيجر الذي يسجل مشاركته الأولى في المسابقة. رأى العديد أن القرعة كانت رحيمة بالمنتخب الوطني إذ جنبته الوقوع مع منتخبي غانا أو الكوت ديفوار المرشحين الأوفر حظا للظفر باللقب، لكنها في الآن ذاته أعلنت وقوعه مع منتخب عربي وليس أي منتخب!!؟. فالقرعة أوقعت المغرب مع تونس.. تونس التي حرمت المغرب من إحراز اللقب سنة 2004، لكن هذه المباراة لن تكون للثأر، وإن كنا نعلم ما تحظى به المباراة المغاربية بين ثلاث منتخبات هي المغرب وتونس والجزائر، ففقط الحديث عن ديربي مغاربي بين الأسود والنسور، معنى هذا أن المنافسة لن تكون شرسة بين المنتخبين من أجل العبور إلى الدور الثاني، بل حول تزعم المجموعة الثالثة خاصة وأن المواجهة بينهما ستكون هي ضربة البداية للمنتخبين بالمسابقة الإفريقية. مواجهة «نسور قرطاج» ستكون فرصة مواتية ليقيس منتخبنا مؤهلاته قبل العرس الإفريقي الثامن والعشرين، لكن بطبيعة الحال مع إحداث مجموعات من التعديلات قبل النهائيات، فالتصفيات الإفريقية قد أفرزت عن مجموعات من النواقص تعتري المجموعة الوطنية خاصة في خط الوسط، وهنا ستناط المسؤولية بالناخب الوطني لتحصين صفوف المنتخب بلاعبين جدد وتسريح آخرين انتهت صلاحيتهم، وهو الذي وعد بإسعاد الجماهير المغربية باللقب الثاني. ومن غريب الصدف أن تبرز المواجهة المغربية-التونسية مرة ثانية في انتظار الثالثة التي قد تجمع المغرب الفاسي بالنادي الإفريقي الذي تأهل إلى نهائي كأس الاتحاد الإفريقي، علما أن المواجهة الأولى كانت بعد تأهل كل من الوداد البيضاوي الترجي التونسي إلى نهائي عصبة أبطال إفريقيا. الكل يرى أن البطولة كانت رحيمة بالأسود، والسبب أنها جنبتهم مواجهة مبكرة مع منتخب «الأفيال» أو منتخب «النجوم السوداء»، لكن في المقابل نسمع عن كون منتخبنا الوطني تقدم كثيرا في مستواه منذ قدوم إيريك غيريتس للمنتخب، بل البعض يقول إن المنتخب أصبح (قويا)، ولنركز على هذه الكلمة، فالحديث عن قوة المنتخب يتخالف مع الكلام عن رحمة القرعة، إنه تناقض غريب أن تصف منتخبك ب (القوي) وفي الوقت ذاته تعتبر أن نتيجة القرعة رحمتك من مواجهة منتخبي غانا أو الكوت ديفوار.. التفسير الوحيد أنك تعترف بشكل ضمني أن منتخبك أضعف من المنتخبات القوية، وهذا أمر عادي ومتعارف عليه في كرة القدم، لكنها ليست سنة متبعة تقضي بأن يفوز القوي على الضعيف، خاصة وأن كرة القدم الحديثة لم تعد تعترف بفرق كبيرة وأخرى صغيرة، فإن كانت القرعة أجلت مواجهة الأسود لمنتخب قوي. فإن الغابون كمنتخب متوسط يسعى إلى أن تكون مشاركته شكلية فقط، ويريد كذلك أن يحافظ على حظوظه في التأهل إلى الدور الثاني. وبطبيعة الحال، فمن الغباء أن تستهين بقدرات النيجر وهو الذي كان وراء إبعاد منتخبات قوية، ويكفي أن نذكر أن هذا المنتخب «الصغير» الذي يسجل حضوره الأول، كان وراء عدم تأهل منتخبي مصر وجنوب إفريقيا، بينما تونس تأهلت بمعجزة بعدما منحتها تشاد بطاقة التأهل كثاني المجموعة رقم 11. لنكن واقعيين، ونعترف أن الوقوع في مجموعة صعبة أو سهلة لن يساعد منتخبنا الوطني في أي شيء إن كنا نسعى وراء اللقب، فحتما المنتخب الوطني مقبل على مقارعة الكبار في الأدوار القادمة، فبغياب العديد من المنتخبات القوية التي كانت ستكون عائقا أمام منتخبنا، الفرصة مواتية أمام كتيبة غيريتس للذهاب بعيدا في النهائيات، لكن علي المنتخب الوطني في أول الطريق اجتياز عقبة التوانسة والغابونيين والنيجريين وعبور الدور الأول.. على المنتخب الوطني نسيان الترشيحات التي باتت تضعه في خانة المرشحين لنيل اللقب خلف غانا والكون ديفوار.. على المنتخب الوطني فقط أن يؤمن بقدراته على المنافسة وتأكيد صحوة الكرة المغربية، وعلى المنتخب الوطني أن يبتعد عن تعاطي جرعات زائدة من الثقة تصل إلى درجة الغرور، وفي نهاية المطاف تتبدد كل الآمال التي علقها المغاربة على الأسود لتحقيق الهدف المنشود. خلاصة القول، فالقرعة أسفرت عن مجموعات متكافئة فيما بينها، ولا داعي لأن نصف إحداها بمجموعة الموت وأخرى بأنها الأسهل، فإن كانت هناك منتخبات مرشحة لتجاوز الدور التمهيدي على الورق، ومن بينها المغرب وغانا والكوت ديفوار والسنغال، فإن ذلك لا يلغي حظوظ باقي المنتخبات مع إمكانية حدوث مفاجأة من العيار الثقيل كخروج أحد المنتخبات القوية من الدور الأول، مع ضرورة التذكير بأن هذه النسخة ستكون الأضعف بسبب غياب الأربعة الكبار (مصر والكاميرون وجنوب إفريقيا ونيجيريا)، فليحاول الأسود استغلال هاته الفرصة بلا استهانة بالخصوم أو ثقة فوق المطلوب.!!