بعيدا عن لحظات الفرح والسعادة، التي تعودنا أن يمنحها الفريق الوطني المغربي لكرة القدم، بكثير من السخاء والوفاء لجماهيره العريضة، سواء بالمباريات الرسمية أو الإعدادية، كان الموعد هذه المرة مختلفا تماما… ففي أجواء من الحزن والأسى، تتقاسمها كل فئات الشعب المغربي، سواء بالداخل والخارج، بسبب الزلزال المدمر الذي ضرب إقليمالحوز، والمدن ومختلف المناطق المجاورة، خاضت العناصر الوطنية مساء أول أمس الثلاثاء، مباراة ودية ضد منتخب بوركينافاسو بمدينة لانس الفرنسية… وإذا كانت الظروف العامة التي يعيشها المغرب، قد دفعت إلى تأجيل مباراة ليبيريا بملعب أكادير، والتي تدخل ضمن ختام تصفيات كأس الأمم الإفريقية 2023 بكوت ديفوار، فإن الضرورة فرضت إجراء المباراة الثانية، المبرمجة في إطار فترة التوقف الدولي، ضد المنتخب البوركينابي. ففترة الإعداد تعتبر محطة أساسية، ضمن مراحل التحضير، لهذا الموعد الإفريقي المرتقب بداية السنة القادمة (2024)، خاصة وأن قدوم اللاعبين الذين وجهت لهم الدعوة، يسمح للطاقم التقني بالوقوف على جاهزية الأساسيين، واختبار إمكانيات الجدد، وبالدرجة الأولى الأولمبيين منهم… وبالرغم من أهمية المواجهة، إلا أنها جاءت بإيقاع رتيب، وانعدام الحماس المطلوب، إذ كان الأداء عاديا في مجمل الأطوار، ورغم ذلك تمكن المدرب وليد الركراكي من تطبيق تصوراته التقنية ونهجه التكتيكي، مع منح الفرصة للاعبي المستقبل، قصد إظهار إمكانياتهم بهذا الموعد الدولي. وإذا كان مركزا حراسة المرمى وخط الدفاع، لم يطرأ عليهما أي تغيير، نظرا لحضور الثوابت، فإن عدم جاهزية سفيان أمرابط فرض على المدرب اختبار إمكانية نصير مزراوي، نفس الأمر بالنسبة للقادم الجديد أمين عدلي، في غياب حكيم زياش، كما تم الاعتماد بصفة رسمية، على عبد الصمد الزلزولي، مكان سفيان بوفال المصاب… في خط الوسط، جرب الركراكي خلال الجولة الثانية كل من إسماعيل الصيباري وأمير ريتشارسون، مع الإبقاء على سليم أملاح الذي بدأ يستعيد إمكانياته، وعز الدين أوناحي، هذا الأخير الذي ما يزال يصر -كالعادة- على الاستعراض، والمبالغة في إظهار التقنيات الفردية… انتهت المباراة بانتصار "أسود الأطلس" بحصة هدف لصفر، من توقيع أوناحي خلال الجولة الأولى؛ هدف جاء عن طريق جملة تكتيكية مجربة، ساهم فيها كل من أشرف حكيمي وعدلي وأنهاها أوناحي، بعد توغل وسط الدفاع البوركينابي، الذي يقوده المدافع "البركاني" يوسوفو دايو … حققت إذن العناصر الوطنية انتصارا يمكن اعتباره معنويا بالدرجة الأولى، بل انتصارا للحياة وتشبثا بالأمل، واستشرافا للمستقبل بعيون أكثر تفاؤلا، وثقة أكثر في إمكانيات شعب عظيم، يقدم بالاستمرار دروسا بليغة، في الوفاء والتضامن والواجب الإنساني…