تفرز الثورة الليبية يوميا العديد من الأسئلة والاستفهامات، وأيضا تخوفات الكثيرين في الداخل والخارج بشأن مستقبل البلد ما بعد القذافي، ولعل من أكبر التحديات المطروحة على المجلس الانتقالي اليوم هناك موضوع السلاح، وانتشاره الكبير وسط المجتمع، بالإضافة إلى احتمال وصوله إلى تجار السلاح في السوق السوداء، بمافي ذلك في بعض البلدان والمناطق المجاورة، وهنا يتحدث المراقبون عن آلاف القطع المعروضة للبيع بأسعار زهيدة، كما يجري الحديث عن مئات وآلاف الصواريخ المضادة للطائرات التي تم الاستيلاء عليها من المخازن، ويجهل مصيرها لحد الآن. الخطر هنا لم يعد محليا ويهم مستقبل ليبيا وحدها، إنما صار يعني بلدان الساحل جنوب الصحراء والمناطق المجاورة جغرافيا واستراتيجيا لليبيا، خاصة بالنظر لكل تجليات الهشاشة التي تعاني منها بلدان افريقية في المنطقة، والتي كانت تستدعي خططا وتنسيقات دولية وإقليمية حتى قبل سقوط القذافي، فبالأحرى اليوم عقب بروز إشكالات السلاح الليبي المنتشر. إن انخراط جماعات تابعة أو قريبة من البوليساريو في عمليات مشتركة أو صفقات مع عصابات التهريب واختطاف الأجانب، وأيضا مع تنظيمات القاعدة وجماعات إرهابية أخرى، وانتشار خلايا متطرفة على طول الشريط الصحراوي، بالإضافة إلى الهشاشة الأمنية والاقتصادية لبعض دول المنطقة، كل هذا يجعل هذه الرقعة الجغرافية الحساسة بيئة قابلة لإفراز مخاطر أمنية كبيرة، وهو ما يفرض انخراطا أكبر لكل دول المنطقة وللمجتمع الدولي بغاية حماية الأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين. من جهة ثانية، فان مستقبل الدولة التي سيتم بناؤها في ليبيا بعد القذافي، والمآل الذي ستؤول إليه الحراكات السياسية الجارية هناك، سيكون أمرا مؤثرا بشكل كبير في حجم المخاطر الأمنية والإستراتيجية بالنسبة للجوار الإفريقي لليبيا، وللمنطقة برمتها، ومن ثم فان الاستقرار في ليبيا، ونجاح التوافقات الكبرى وسط الطيف السياسي والقبلي هناك، سيحول دون اختراقات قد تقوم بها تنظيمات إرهابية، أو جماعات إجرامية، أو خلايا متطرفة، قد تنجح في استغلال الارتباطات القبلية، والعلاقات الموجودة، كما أن سياسات الدول الغربية تجاه ليبيا قد تكون حاسمة هي الأخرى تجاه قدرة المتطرفين، من كل الألوان، على استغلالها لخلق جاذبية اجتماعية وشعبية، بإمكانها تقوية المخاطر الإرهابية كذلك. بصفة عامة، فان الأوضاع الأمنية والحساسية الإستراتيجية التي تميز محور الساحل والصحراء تفاقمت اليوم بعد المتغير السياسي الكبير في ليبيا، ما يفرض استنفارا إقليميا ودوليا يشمل الجوانب الأمنية والسياسية والتنموية، حماية للأمن والاستقرار في هذه المنطقة. والبداية توجد اليوم في قدرة الليبيين على النجاح في التأسيس لدولة حقيقية، وتأمين الاستقرار داخل بلدهم، بالإضافة إلى النجاح في موضوع السلاح، حتى يتحقق الأمن للشعب الليبي أولا، وحتى تكون ليبيا الجديدة رافعة للسلم والاستقرار في المنطقة وفي العالم. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته