نقلت وسائل إعلام عربية، رسالة مسربة من مديرية وسائل الإعلام لدى وزارة الاتصال الجزائرية، وزعتها على الصحف والقنوات التلفزيونية والإذاعية تدعوها إلى حضور الأنشطة التي تعني بالجبهة الانفصالية البوليساريو والدعاية لها. قد يبدو هذا الخبر منذ الوهلة الأولى وكأنه سبق صحفي، والحقيقة أن الموضوع ليس في حاجة إلى تسريب، كما أنه لا يثير استغراب أي قارئ يمتلك الحد الأدنى من الحس النقدي والمعرفي فيما يتعلق بالصراع المفتعل حول الصحراء المغربية. لكنه، أي خبر الرسالة، يجدد التأكيد على حقيقتين أساسيتين: الحقيقة الأولى وهي أن العقيدة الإعلامية للإعلام الجزائري لا يمكن أن تخرج عن العقيدة العسكرية لحكام قصر المرادية، والتي تعتبر المغرب "عدوا" وأن ما يسمى جبهة البوليساريو هي مجرد أداة تستخدمها من أجل حماية ما تعتبره "أمنها القومي"، الذي تعتقد خطأ أنه مهدد من قبل المملكة المغربية صاحبة اليد الممدودة. الحقيقة الثانية، وهي أن هذه الرسالة تؤكد من جديد زيف شعارات نظام العسكر الجزائري، الذي ما فتئ يدعي كذبا أن لا علاقة له بموضوع الصحراء المغربية، وتكرس في الوقت ذاته ما كان يردده المغرب منذ بداية هذا النزاع، حيث كان يقول دائما على أن الجزائر هي الطرف الرئيسي في هذا الصراع المفتعل وأن "جبهة البوليساريو" غير مستقلة في قراراتها، ولا تملك زمام المبادرة في هذه القضية، وأن مقولة "حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره" هي مجرد شعار ديماغوجي تردده للتستر على النوايا الحقيقية للنظام الجزائري الذي يدعي بهتانا أن هذا النزاع يدور بين المغرب والبوليساريو وأن الجزائر لا تتصرف بهذا الشأن إلا من حيث هي عضو في منظمة الأممالمتحدة. فهذه الرسالة بحسب العديد من المراقبين هي حجة إضافة ودليل إثبات إضافي، على زيف المزاعم الجزائرية بأنها ليست طرفا في النزاع حول الصحراء المغربية، وأن الإعلام الجزائري الذي يفتقد للمهنية، الذي تعود على إظهار الأمور على غير حقيقتها، وافتعال أخبار كاذبة حول الصحراء المغربية، وافتعال أزمات لا توجد إلا في مخيلة هذا المسمى "إعلام" والمهووس بمعاكسة المصالح المغربية. فبحسب المصادر ذاتها، فبعد أن كشف المنتظم الدولي زيف شعارات الجزائر التي كانت تختبئ من ورائها، من قبيل دعم ما يسمى ب "الشعب الصحراوي" لم تعد تجد أي مبرر للتملص من مسؤوليتها المباشرة في هذا النزاع المفتعل، خاصة بعد أن كرس قرار الأممالمتحدة موقع الجزائر كطرف رئيسي في المسلسل الرامي للتوصل إلى "حل سياسي واقعي وبراغماتي ودائم وقائم على التوافق" لقضية الصحراء المغربية. إن دعوة مديرية وسائل الإعلام لدى وزارة الاتصال الجزائرية، العناية بأخبار الجمهورية الوهمية، هي في الحقيقة دعوة صريحة لإعلام العسكر للرفع من وتيرة سعاره واستغلال أي صغيرة للترويج لنفس الأسطوانة المشروخة المتمثلة في " حق تقرير المصير" رغم أن الأولى بتقرير المصير هو الشعب الجزائري الذي رفع شعار "دولة مدنية ماشي عسكرية". وبالتالي فكل المناورات المفضوحة للإعلام الجزائري هي مجرد محاولة صرف أنظار الشعب الجزائري عن حقيقة الوضع الداخلي وما يعانيه يوميا من مشاكل كبرى كان آخرها فشل هذا النظام في مواجهة حرائق الغابات التي راح ضحيتها أكثر من 60 قتيلا، وعشرات الآلاف الهكتارات في المجال الغابوي.