قالت نادية تهامي عضوة فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب إن الحكومة تراكم تخييب الأمل في تحقيق رهان المساواة وقضايا النساء كما هو الشأن بالنسبة لعجزها عن معالجة تدهور القدرة الشرائية للمغاربة. وأضافت تهامي، التي كانت تتحدث في إطار جلسة عمومية بمجلس النواب خصصت للأسئلة الشفهية حول السياسة العامة أول أمس الاثنين، أن مسألة إقرار المساواة ليست حاضرة لدى الحكومة سوى بشكل باهت، وأن إجراءاتها بخصوص هذا الموضوع معزولة وغير مرئية ولا ملموسة. وأكدت النائبة البرلمانية خلال تعقيبها خلال الجلسة التي خصصت لمسائلة رئيس الحكومة حول وضعية المرأة بالمغرب أن الحكومة تتحجج بالتقلبات الدولية لتبرير عدم اتخاذها لإجراءات اجتماعية كالزيادة في الأجور، فيما بالمقابل لا حجة لها فيما يتعلق بقضايا المساواة وقضايا المرأة. وتسائلت تهامي عن مبرر الحكومة لعدم مبادرتها بعد سنتين، إلى تقديم مشروعها لإصلاح منظومة القانون الجنائي التي قالت إنها لا تلائم لا الدستور، ولا الاتفاقيات الدولية، ولا التحولات المجتمعية. كما تسائلت المتحدثة حول تعليل الحكومة لعدم بلورة مشروع لمراجعة مدونة الأسرة، بعد سنة على الخطاب الملكي السامي الذي قالت إنه فتح المجال لمباشرة هذا الورش الأساسي في مسارات إقرار المساواة بين النساء والرجال. وشددت تهامي على أن المساواة ليست مسألة حقوقية فقط، بل هي أيضا معركة مجتمعية عرضانية، وجزء أساسي من المسار نحو الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والنهوض الاقتصادي، لافتة إلى أن حزب التقدم والاشتراكية يحمل منذ 80 سنة، في جيناته، مشروعا فكريا وسياسيا توجد مسألة المساواة في قلبه. وفي ذات الإطار، ذكرت عضوة فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب بالالتزامات التي أعلنتها الحكومة في برنامجها والتي تنص على نهج سياسة شاملة إزاء تمكين النساء من حقوقهن، مردفة أن الواقع يبين أن هذه الإجراءات المعلنة لم تتم، كما أن إجراءات الحكومة واقعيا معزولة وغير مرئية ولا ملموسة. ولفتت المتحدثة إلى الواقع يظهر أن نسبة نشاط النساء ما زالت لا تتجاوزُ 19 بالمئة فيما نسبة البطالة تناهز اليوم 12.9 بالمئة، وتبلغ في وسط النساء 17 بالمئة، مؤكدة، في نفس السياق، أن الحكومة وعدت بتفعيل مدخول الكرامة للمسنين والمسنات، وقدره ألف درهم شهريا دون أن تفي بذلك. كما لفتت البرلمانية عن حزب "الكتاب" إلى أن الحكومة وعدت كما وعدتم بتوسيع دور الحضانة ورعاية الأطفال وتحفيز نقل المستخدمات وبإقرار سلم يراعي خصوصية عمل النساء فيما يتعلق باحتساب نقط التقاعد، دون أن تكون هناك أي مؤشرات فعلية للتنفيذ في عمل هذه الحكومة. وبعدما عادت للمكتسبات التي تحققت خلال العقدين الماضيين للمرأة المغربية والتي قالت إن فريق التقدم والاشتراكية يعتز بها، نبهت تهامي إلى حالة الركود التي دخلتها البلاد في النهوض بقضايا المساواة وقضايا النساء، مشيرة إلى أن هذه الحالة ليست في صالح البلاد. في هذا الإطار قالت تهامي إن تطوير البلاد يحتاج إلى جيل جديد من الإصلاحات، لأجل إقرار المساواة الكاملة والفعلية بين النساء والرجال "طالما أن السياسات العمومية الحالية ذات الصلة تتسم بالتشتت، والتكرار، وضعف إرادة ووسائل التنفيذ، ومحدودية الأثر، وضعف التملك المجتمعي وأغلب البرامج تخضع للتبعية في التمويل والدعم"، وفق تعبيرها. وسجلت تهامي أن الطريق لا يزال طويلا وشاقا، من أجل أن تتمكن المرأة المغربية من كافة حقوقها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والبيئية والثقافية، داعية الحكومة إلى القيام بما هو أكبر، ليس فقط على مستوى صياغة المخططات والنصوص، ولكن بالأساس، على صعيد التنفيذ، بما يضمن للنساء كامل حقوقهن غير القابلة للتجزيء، مشددة على أنه من صميم مسؤولية الحكومة النهوض بواقع المرأة المغربية، والحد من التمييز ضدها، عبر جعل قضية المساواة أولوية وطنية، بميزانيات وأهداف وخطوات واضحة. هذه الخطوات حددتها النائبة البرلمانية في ضرورة ملائمة النصوص والممارسات مع المرجعيات الدستورية والكونية؛ والتنفيذ الأمثل لالتزامات بلادنا المتعلقة بالاتفاقيات الدولية، وتفعيل المؤسسات والهيئات ذات الصلة؛ وأساسا هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز؛ وكذا مراجعة الترسانة القانونية بمنطق مساواتي غير متردد، ومنها منظومة القانون الجنائي، ومدونة الشغل، وقانون الوظيفة العمومية، والقوانين الانتخابية، وذلك في اتجاه التدقيق المفاهيمي، وإقرار المساواة، وتشديد الجزاءات المتعلقة بالاعتداء والعنف والتمييز ضد النساء. كما دعت تهامي إلى ضرورة القيام بمراجعة عميقة لمدونة الأسرة، عبر إعمال مقاربة اجتهادية متنورة، وفتح النقاش المجتمعي الهادئ والرصين حول كافة القضايا المثيرة للجدل، وإقرار المنع النهائي لتزويج الطفلات، وإقرار الولاية المتكافئة على الأطفال؛ بالإضافة إلى ضرورة تطوير القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، والتعريف الواسع به، مع تبسيط مسطرة التبليغ والتحقيق، ودعم التكفل بالنساء ضحايا العنف بما فيه العنف الرقمي. وإلى جانب ذلك، دعت تهامي كذلك إلى إقرار المساواة الفعلية في الولوج إلى سوق الشغل، ومراكز القرار؛ وفي الأجور، وإدماج مقاربة النوع في كافة التشريعات والسياسات والبرامج العمومية، وكذا إعطاء دفعة أقوى لمحاربة العنف والفقر والهدر المدرسي، بصيغة المؤنث؛ وتعزيز الحماية الاجتماعية للنساء النشيطات؛ وإقرار تحفيزات مالية وضريبية لفائدة المشغلين الملتزمين بتكوين وتشغيل وإدماج النساء؛ فضلا عن دعوتها إلى تكثيف مبادرات تمليك أراضي الجموع لفائدة النساء القرويات، وكذا تحسين الولوج للتمويل والدعم العمومي المخصص للمقاولات والتعاونيات النسائية؛ وإحداث فرص اقتصادية للنساء. إلى ذلك، سجلت تهامي أن إقرار المساواة وتمكين النساء من حقوقهن، يتطلب، أساسا، الإرادة السياسية القوية، والعمل المتجذر من أجل تغيير العقليات، مجددة دعوتها للحكومة إلى الالتزام بالعمل في هذا الورش الإصلاحي الكبير، "في أفق مغرب تتساوى فيه حقوق المرأة والرجل، لبناء أسرة قوية على أسس متوازنة، ومجتمع يضطلع فيه كل من الرجل والمرأة، يدا في يد، بأدوارهما كاملة في بناء مغرب الديمقراطية والحرية والمساواة والكرامة والعدالة الاجتماعية"، وفق تعبيرها.