سيغولين روايال: نزاع الصحراء بات غير محتمل والحزب الاشتراكي سيبني علاقات أكثر متانة مع المغرب بعد بلوغه قصر الإليزيه تجري، يوم الأحد المقبل، جولة ثانية من الانتخابات التمهيدية المفتوحة التي يجريها الحزب الاشتراكي الفرنسي، بعد جولة أولى تصدر، على إثرها، الرئيس السابق للحزب فرانسوا هولاند قائمة المرشحين لتمثيل الحزب الاشتراكي -أكبر الأحزاب المعارضة بفرنسا- في انتخابات الرئاسة الفرنسية القادمة. وحصل هولاند في الفرز الأولي على أكثر من 40% من أصوات ما يزيد على مليون من أعضاء الحزب، فيما لم تتجاوز نسبة المصوتين لمنافسته الرئيسية ورئيسة الحزب ورئيسة بلدية ليل مارتين أوبري 30%. وحل في المرتبة الثالثة إرنو مونتبور الذي يعتبر من التيار اليساري في الحزب ومن مؤيدي الحمائية الأوروبية، حيث حصل على 17%، فيما لم تحصل رويال التي كانت مرشحة الحزب الاشتراكي لرئاسيات 2007 إلا على 7%، وهي نتيجة مخيبة للآمال بالنسبة لها، متقدمة بذلك على مانويل فالس الذي لم يحصل إلا على 5% فقط. هذه النتائج تعني أن أيا من المرشحين الاشتراكيين في الانتخابات التمهيدية للرئاسيات الفرنسية لم يحصل على نسبة 50% من الأصوات في الدورة الأولى، مما يعني ضرورة إجراء جولة ثانية بين المحتل للمرتبة الأولى والثانية، أي بين فرنسوا هولاند ومارتين أوبري. وفور إعلان النتائج، ذرفت سيغولين رويال، صديقة فرانسوا هولاند وأم أبنائه الأربعة، دموع خيبة أملها في انتخابات كان غرض حزب المعارضة الرئيسي في فرنسا منها إضفاء الشرعية على مرشحه للانتخابات الرئاسية الفرنسية للثاني والعشرين من أبريل القادم،بعد الفضيحة التي أجبرت عضوه المخضرم رئيس صندوق النقد الدولي السابق دومينيك ستراوس كان على ترك سباق الترشح. وكان في جعبة سيغولين رويال، التي خسرت سباق الترشح باسم حزبها المعارض، العديد من المشاريع والاقتراحات والمواقف البناءة تجاه المغرب وجاليته في فرنسا، باحت بها في حوار مطول لزميلتنا جريدة «البيان». فبخصوص قضية الصحراء المغربية، اعتبرت سيغولين رويال أن النزاع المفتعل طال أمده وبات غير محتمل بالنظر إلى الأضرار الكبيرة التي يلحقها ببلدان المنطقة، داعية فرنسا، في موقف واضح وصريح، إلى التدخل بكل ثقلها لدفع أطراف النزاع المفتعل إلى بلوغ اتفاق حول حل عادل متوافق بشأنه تحت مظلة منظمة الأممالمتحدة. وهو الموقف ذاته الذي يدافع عنه الحزب الاشتراكي الفرنسي الذي يعد المغرب، حسب سيغولين رويال، في حال بلوغه قصر الاليزيه بعد الانتخابات الرئاسية، ببناء علاقات أكثر متانة تنبني على الصداقة حقيقية والأخوة التي «ستترجم من القول إلى الفعل»، مشيرة إلى أن المغرب وفرنسا ينتظرهما الكثير من العمل سوية والمزيد من التعاون، خاصة على المستوى اللامركزي من خلال بناء شراكات بين الجهات «على غرار الشراكات التي أقمتها في منطقة بوانتو- شارانت والتي أؤمن بها، لأنها غالبا ما تستجيب بشكل أكثر فعالية للحاجيات الميدانية». وتعتقد روايال جازمة، حسب ما جاء في الحوار الصحفي، بفرص النجاح الكبير لهذا التعاون الفرنسي المغربي، ليس فقط لكون المغرب بلد رائع يملك مقومات التنمية ويتوفر على موارد بشرية غنية جدا، بل أيضا لكونه سجل في ظرف زمني قياسي تطورا هاما على صعيد الانفتاح الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان ما يضعه في مناى عن التشنجات السياسية، ويدفعه إلى المضي على هذا الدرب بكثير من اليقظة. فقد كانت للمغرب، تقول سيغولين روايال، «الشجاعة الكافية لينظر علنا وبشكل مباشر إلى بعض الصفحات السوداء من ماضيه. وهو ما يحسب له. ورغم ذلك، عليه أن لا يكتفي بهذا المكسب. فالنضال من أجل الديمقراطية يتطلب يقظة كل مكونات المجتمع المغربي الذي يتوفر على جالية مهمة في فرنسا ساهمت في هذا الحراك». وبخصوص نظرة الحزب الاشتراكي الفرنسي لهذه الجالية التي باتت مكونا هاما من مكونات المجتمع الفرنسي وقوة انتخابية لا يستهان بها، أكدت سيغولين روايال أن الاستغلال المهاجرين لأغراض سياسية لم ولن يكون في مفكرة الاشتراكيين الرافضين لأسلوب تقديم الجالية المقيمة في فرنسا ككبش فداء حين تصاعد حدة المشاكل التي تعترض الفرنسيين. فأنا، تقول روايال، «من مواليد السينغال، وقضيت مرحلة من طفولتي بجزر الهند الغربية /جزر الانتي/. أريد أن يكون كل الفرنسيين فخورين بجمهوريتهم المختلطة، والمرحبة بكل أبنائها من مختلف الأصقاع والجنسيات والألوان، محترمة للأجانب الذين يطئون أرضها». في هذا السياق، حددت سيغولين موقف حزبها من الهجرة بالقول: «فرنسا ملزمة بضمان الضيافة لكل الذين يقيمون بها والذين يوجدون في وضعية قانونية، ويساهمون بعملهم وجهودهم في الرخاء الاجتماعي. لكنني ضد الهجرة غير الشرعية وسأناضل بكل قواي ضدها، لكن في إطار احترام كرامة الأشخاص. فالفعالية تختلف عن العنف. سنضرب بيد من حديد شبكات التهريب وتجار البشر والمشغلين الذين يستغلون البؤس البشري لتحقيق الأرباح المادية». واعتبرت سيغولين المنطقة التي ترأسها نموذجا يحتذي في التعامل المستقبلي مع المهاجرين الشرعيين المقيمين في فرنسا، حيث يتم تشجيع التمدرس المجاني والتكوين المهني وتوفير مناصب الشغل للشباب من خلال تعبئة المقاولات والنقابات والجمعيات وتقديم المنح لتشجيع فرص المقاولات الذاتية، مشيرة إلى وجود جالية مغربية هامة تمكنت من الاستفادة من هذه الإجراءات بمساعدة أطر جمعوية مغربية تمكنت من إبراز علو كعبها في مجاراة هذه التدابير وتسهيل تطبيقها على ارض الواقع، مثلما ساهمت في جعل جالية بلدها ترافق التجربة الديمقراطية الرائدة للمغرب. وفيما رسمت روايال حدودا واضحة لهذه التجربة المغربية عن الحراك الذي هم ولازال باقي الأقطار العربية، عبرت عن ارتياحها ل «الربيع العربي» وحيت الشعوب التي كانت صانعة للتحولات الناتجة عنه والتي اعتبرتها ردا واضحا على «أولئك الذين جعلوا أنفسهم شركاء للأنظمة الاستبدادية». في هذا السياق أكدت سيغولين أن الشعب السوري يحتاج اليوم إلى «مزيد من الشجاعة والمثابرة والإصرار في مواجهاته الدامية للقمع الذي يمارسه ديكتاتور سيكون شرف للمجتمع الدولي أن يواجهه بصوت واحد صارم». وعن موقفها من طلب فلسطين الانضمام إلى المنظمة الأممية، قالت سيغولين روايال «أنا مع هذا الانضمام وعلى فرنسا أن تدعم هذا الطلب المقدم إلى مجلس الأمن. أنا أدعم إنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة وفي الوقت ذاته أدعم الحق الإسرائيلي في الأمن. يجب إخراج المفاوضات من حالة المأزق التي تتعثر فيه منذ مدة طويلة إنها مسالة عدالة بالنسبة للشعبين ومسالة امن بالنسبة للمنطقة». يذكر أن سيغولين رويال كانت نائبة عن مقاطعة دو سيفير من 1988 إلى 2007، كما شغلت منصب وزيرة للبيئة (1993-1992)، ووزيرة للتعليم المدرسي (2000-1997)، والأسرة والطفولة والأشخاص المعاقين (2002-2000). واختيرت في نونبر 2006 من طرف المناضلين الاشتراكيين كمرشحة للحزب الاشتراكي لخوض الانتخابات الرئاسية عام 2007. وتعد المرأة الأولى التي وصلت إلى الدور الثاني في الانتخابات الرئاسية الفرنسية. وإلى جانب السياسة، فإن السيدة سيغولين رويال لها مؤلفات عديدة وهي «لو برانتو دي غران باغو» (لافون 1987)، و»لو راس- لو- بول دي بيبي زابور» (لافون 1989)، و»باي، بيسان، بيزاج» (لافون 1992)، و»لا فيريتي دين فام» (ستوك 1996)، و»مانتونو» (هاشيت 2007)، و»مابيل هيستوار سي فو» (غراسيت 2007)، و»فام دوبو» (دانويل 2009).