مع سقوط رموز نظام بن علي، في تونس، شهدت البلاد فورة عارمة في ولادة الأحزاب السياسية، وصل عددها حتى الآن إلى 125حزباً، إلى جانبها عدد كبير من «المبادرات» المستقلة لمجموعات من الناشطين السياسيين، الذين ارتأوا أن يتواجدوا داخل إطار شبه حزبي، يمكنهم من الانخراط في الحركة السياسية، خاصة في انتخاب المجلس الوطني التأسيسي في 23 تشرين الأول (أكتوبر) من هذا العام. هذا الازدحام في عدد الأحزاب و»المبادرات» المستقلة، فتح الباب لصراع سياسي بين التيارات المختلفة التي تنتمي إليها هذه الأحزاب والمبادرات. ويفترض أن يبقى الصراع في إطاره الديمقراطي، أي عبر التحركات السلمية، الجماهيرية منها والإعلامية، وكذلك عبر الانخراط في العمليات الانتخابية، ليبقى صندوق الاقتراع هو الحكم بين الأطراف السياسية المختلفة، ويبقى كذلك، الطريق الإجباري لتداول السلطة في البلاد، بعد أن زالت «القوة المهيمنة» المتمثلة في حزب التجمع الدستوري المنحل. السؤال هو الآن: ما هي الاتجاهات السياسية الكبرى للقوى الحزبية والسياسية التي ولدت في أعقاب سقوط بن علي، وحزبه الحاكم. إن نظرة سريعة إلى واقع الحياة السياسية في تونس، تسمح لنا بفرز القوى السياسية إلى التيارات التالية: 1) تيار القوى اليسارية والديمقراطية والليبرالية الوطنية وهو تيار عريض يضم صفاً واسعاً من الأحزاب و»المبادرات» المستقلة. بعض هذه الأحزاب تواجد علناً في ظل حكم بن علي، وكان مرخصاً له أن يعمل، لكن في حدود رسمها النظام للأحزاب المعارضة؛ بحيث ضيق عليها، وعطل عليها التمدد نحو الولايات والمدن التونسية كافة. من بين هذه القوى حركة التجديد (الشيوعي سابقاً) برئاسة الأمين العام أحمد إبراهيم، والحزب الديمقراطي التقدمي الذي أسسه أحمد نجيب الشابي، وتتولى أمانته العامة، حالياً، مية الجريبي، وحزب التكتل لأجل الحريات والعمل، بقيادة أمينه العام الدكتور مصطفى بن جعفر. وبعد الثورة، ولدت مجموعة من الأحزاب، كانت تتواجد سراً في البلاد، وتنشط دون أن يكون مرخصاً لها، الأمر الذي حال دون أن تتسع جماهيرياً بما فيه الكفاية؛ كما عرض العديد من مناضليها للاعتقال بتهمة الانتماء لأحزاب غير مرخص لها. من بين هذه الأحزاب، حزب العمل الوطني الديمقراطي، برئاسة أمينه العام عبد الرزاق الهمامي، والحزب الاشتراكي اليساري بقيادة محمد كيلاني، وحزب العمال الشيوعي، بقيادة حمة الهمامي، أيضاً حزب العمل التونسي، وحزب الأمة (بقيادة منصف الشابي) والتكتل من أجل الجمهورية (منصف المرزوقي)؛ وحزب الوسط، وحزب الجمهورية. كذلك ولد حزب جديد أثار وجوده لغطأ في الحالة السياسية في البلاد هو «حزب المبادرة» بقيادة كمال مرجان، وزير الدفاع، ثم الخارجية، في زمن الرئيس المخلوع بن علي. هذه الأحزاب تلتقي فيما بينها على ضرورة بناء نظام سياسي جديد في البلاد، ديمقراطي، علماني، تعددي، رئاسي برلماني، يعتمد نظام التمثيل النسبي في الانتخابات، ويقوم على مبدأ العدالة الاجتماعية بين الطبقات، وبين الجهات. إذ تتفق هذه الأحزاب على أن التنمية التي كانت تتمتع بها تونس، كانت تقتصر على مدن الساحل، حيث السياحة وفرت فرصاً للعمل، وشكلت المصدر الرئيسي للدخل في البلاد.. بينما كانت مناطق الداخل، من الشمال إلى أقصى الجنوب تعاني من حرمان فاقع، أبقاها في حالة من التخلف على الصعد كافة، صحياً، وتعليمياً، وبقيت الزراعة هي المصدر الرئيسي للحياة، في ظل بطالة واسعة عانى منها الجيل الشاب، دون أن توفر له الحياة السياسية منفذاً يقتحم من خلاله الحياة السياسية للمطالبة بحقه في إدارة شؤون المجتمع. هذه القوى تلتقي على ضرورة أن يكون المجلس التأسيسي القادم ذا أغلبية يسارية ديمقراطية، لضمان تحقيق أهداف الثورة، ومنع وقوع ردة سياسية على يد أعداء الثورة وأنصار تيارات التخلف والتيارات الظلامية في البلاد. خاصة وأن المجلس التأسيسي معني بصياغة دستور جديد للبلاد (بعد أن ألغي الدستور السابق) وصياغة القوانين التي تنظم حياة المجتمع (الأحزاب، الإعلام، الانتخابات..) وبالتالي فإن الأغلبية في المجلس التأسيسي هي التي ستكون ذات اليد الطولى في رسم مستقبل البلاد من خلال القوانين التي سيصدرها المجلس بالاستناد إلى الدستور الجديد. في هذا السياق تختلف هذه الأحزاب في النظر إلى التحالفات فيما بينها، مع أنها، كلها، تتحدث عن الضرورة الماسة لأحزاب «العائلة» الديمقراطية واليسارية والليبرالية الوطنية، كي تأتلف فيما بينها، لتصد رياح الثورة المضادة. فبعضها يرى ضرورة الائتلاف قبل الانتخابات، كي يمكن هذا الائتلاف من خلق صيغة تعاضدية منظمة، توفر للأحزاب اليسارية والديمقراطية فرصة الحصول على حصة وازنة ومقررة في المجلس التأسيسي. من هذه الأحزاب حركة التجديد، التي ائتلفت في إطار «القطب الديمقراطي الحداثي» مع كل من الاشتراكي اليساري (محمد كيلاني) والوسط، والجمهورية، وأربع من المبادرات المستقلة، أهمها مبادرة «كفى تشتتاً» لمنسقها العام، رجل الأعمال التونسي، رياض بن فضل. وأبقى هذا القطب أبوابه مفتوحة لاستقبال أية قوة ترغب في الائتلاف في الانتخابات. البعض الآخر، يرى ضرورة تأجيل الائتلاف إلى ما بعد الانتخابات. لأن ذلك يوفر لكل حزب الفرصة كي يعرف عن نفسه لجمهوره، خاصة في ظل زحمة الأحزاب في تونس. كما يوفر الفرصة لكل حزب ليقرأ الحجم الحقيقي لوزنه الجماهيري. فضلاً عن أن نتائج الانتخابات، من شأنها أن تقرر موقع كل حزب في الخارطة السياسية، وبالتالي تضع الأساس الحقيقي والواقعي للتحالفات البرلمانية داخل المجلس التأسيسي. 2) التيار البورقيبي يعتبر هذا التيار نفسه من أركان الثورة في تونس. وهو يضم في صفوفه رموز النظام البورقيبي الذين أقصاهم الرئيس المخلوع بن علي إثر انقلابه السلمي ضد الرئيس الحبيب بورقيبة. هؤلاء عادوا إلى الحياة السياسية مرة أخرى بعد رحيل بن علي. من أبرز رموز هذا التيار رئيس الحكومة الحالية الباجي قائد السبسي، ومولدي الكافي، وزير الخارجية. السبسي شارك في أول حكومة بعد استقلال. أما وزير الخارجية فقد قضى بين جدران الوزارة أكثر من عشرين عاماً، وتنقل في العديد من المهمات فيها. وينتمي هذا التيار إلى الثورة في تونس، باعتباره كان متضرراً إلى حد بعيد من وصول بن علي إلى السلطة، حين أزاح رموز الصف الأول، وكذلك الثاني لتيار بورقيبة، وأحاط نفسه بصف من الأتباع والمستزلمين والفاسدين، وقد أعادت الثورة هذا الصف من المبعدين إلى الحياة، فاستعاد موقعه في رأس هرم السلطة. التيار البورقيبي يتهم بن علي بأنه سطا على السلطة بطريقة غير مشروعة، كما سطا على الحزب الدستوري، وحوله من حزب مناضل، تحمل أعباء معركة الاستقلال ضد الفرنسيين، وأعباء معركة بناء تونس العلمانية، المدنية، ذات النظام السياسي التعددي، إلى حزب يحتشد فيه المنافقون والمتسلقون، فأفسد بن علي الحزب، وأفسد الحياة السياسية كما أفسد تونس وإدارتها. ولا يخفي هذا التيار اعتزازه بماضي الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة وبدوره في بناء تونس، كما لا يخفي اعتزازه بما خلفه بورقيبة وراءه، ويرى هذا التيار أن بذرة نجاح الثورة في تحقيق أهدافها زرعها بورقيبة نفسه، حين بنى دولة المواطنة، واعتمد العلمانية أساساً للحكم، وفصل الدين عن الدولة، وأقر حقوق المرأة وساواها بالرجل، بل تجاوز في كثير من الأحيان بعض أحكام الشرع لصالح حقوق المرآة. ويضيف هذا التيار أن العديد من شعارات الثورة الآن، هي من تراث بورقيبة وتجربته في بناء الحكم. وإن كان هذا التيار لا يتحدث عن دوره في الانتخابات القادمة، إلا أنه في الوقت نفسه يؤكد ثقته بأن المجلس التأسيسي القادم سوف يكون، في غالبيته، مشكلاً من القوى الديمقراطية واليسارية والوطنية الليبرالية، كما يؤكد ثقته بأن الثورة سوف تحقق أهدافها، وأن تونس لن تعود إلى الوراء، مدركاً في السياق نفسه، أن له دوراً سوف يلعبه في بناء تونس الغد، وأن القوى السياسية الصاعدة في تونس، سوف تحرص على التعاون مع هذا التيار، أولاً لقربها منه سياسياً وبرنامجياً، وثانياً نظراً لخبرته الطويلة في إدارة شؤون البلاد. ولعلها ليست صدفة أن يكون رئيس الوزراء، ووزير الخارجية (مولدي الكافي) والرئيس المؤقت (فؤاد المبزع) هم من رموز هذا التيار البارزين. 3) التيار الديني ويضم في صفوفه قوى «معتدلة» كحزب «النهضة» (الإخوان المسلمون، فرع تونس) وقوى «متطرفة» كالقوى الأصولية التي نزلت إلى الشارع مسلحة بالمدى والسكاكين تطالب بالعودة إلى الشرع الإسلامي أساساً، وإلغاء كافة القوانين العلمانية خاصة ما هو متعلق منها بالمرأة وحقوقها. الطرف الأقوى في هذا التيار هو حزب «النهضة» برئاسة راشد الغنوشي، الذي عاد إلى البلاد بعد الثورة، من منفى اضطراري هرباً من قمع نظام بن علي. يعاني هذا الحزب من انقسام في داخله بين «جماعة الخارج» برئاسة الغنوشي، و»جماعة الداخل» فالجماعة الأخيرة تطالب بحصة وازنة في صناعة القرار في الحركة، باعتبار أنها هي التي صمدت في وجه القمع، وهي التي حافظت على تماسك الحركة، كما أنها هي التي تحملت أعباء القمع في السجون، ولولا صمودها ولولا تحديها للنظام لانهارت أوضاع الحركة وذابت في المجتمع التونسي علماً أن آخر معتقل من أفراد هذه الحركة خرج من السجن منذ حوالي عشر سنوات، توقف خلالها نظام بن علي عن مطاردة «النهضة»، بينما بقي يطارد أنصار القوى اليسارية غير المرخص لها. جماعة الغنوشي يرفضون، بالطبع، مثل هذه المواقف، ويردون أن خروج الغنوشي إلى المنفى تمّ بقرار حركي، شرعي، مما لا يعطي لأحد الحق في المزايدة عليه، فضلاً عن أن وجود الغنوشي، وآخرين في الخارج، لعب دوراً في الضغط على النظام لوقف قمعه لأنصار الحركة في البلاد. هذا الانقسام عكس نفسه انقساماً سياسياً داخل حركة «النهضة». فالغنوشي حاول، منذ أن وطأت قدماه أرض تونس، أن يروج لتجربة حزب العدالة التركي برئاسة أردوغان وغل. فدعا إلى الحفاظ على علمانية النظام، مؤكداً ضرورة الحفاظ على مكاسب المرأة كما نصت عليها القوانين السارية، كذلك حاول أو يطمئن، من يهمه الأمر، أنه غير عازم على اقتحام النظام، من خلال الترشح لرئاسة البلاد، فاتحاً ذراعيه لتحالفات سياسية مع باقي القوى. تيار «الداخل» رفض أطروحات الغنوشي، واعتبر أن سقوط نظام بن علي فرصة لتحتل حركة «النهضة» الموقع المقرر، الذي تستحقه، في إدارة شؤون البلاد. وبالتالي لا داعي للتمظهر بمظاهر تتعارض مع مبادئ حركة الأخوان المسلمين وتوجهاتها السياسية، ولا داعي، في السياق، لنقل تجربة تركيا، فالتجربة في تونس، يفترض أن تكون أقرب إلى تجربة مصر. لذلك يتحدث هؤلاء عن ضرورة بناء «القوة المهيمنة»، التي ترث حزب بن علي، وتتولى هي توجيه البلاد في الوجهة التي تراها مناسبة. وإلا وقعت البلاد في الفوضى السياسية، إذا ما قامت العلاقات بين الأحزاب على أساس من التوازن الهش والرجراج. ويدعو هذا التيار إلى تقديم حركة «النهضة» باعتبارها هي أم الثورة وصانعها الرئيس، والطرف المقرر فيها. مثل هذه الطروحات أقلقت كثيراً القوى الديمقراطية واليسارية والليبرالية الوطنية، ورأت فيها دعوة إلى الانحراف بالثورة عن أهدافها، والارتداد بها إلى الوراء. وترفض، هذه القوى، في السياق، فكرة «القوة المهيمنة»، وترى فيها دعوة إلى ديكتاتورية جديدة، ترث ديكتاتورية بن علي. وترى هذه القوى أن البديل لما يسمى ب»القوة المهيمنة»، هو بناء المؤسسات، والفصل بين السلطات. وتكريس الديمقراطية أساساً للانتخابات وفق نظام التمثيل النسبي: مؤسسة الرئاسة، تتوازن في نفوذها مع مؤسسة البرلمان، إلى جانبها المؤسسة التنفيذية، أي الحكومة، بضمان مؤسسة القضاء المستقل، وتحت رقابة المجتمع المدني، ممثلة بصحافته الحرة، وفعالياته الحزبية والمجتمعية على اختلاف أنواعها كالروابط الحقوقية والنقابات وغيرها. ما بات مؤكداً (أو ربما شبه مؤكد) أن حركة «النهضة» لن ترشح أحد أعضائها لرئاسة الدولة. لكن الحديث يدور عن تحالف بينها وبين منصف المرزوقي (التكتل لأجل الجمهورية) باعتباره مرشحها للرئاسة. ويبرر المرزوقي هذا التحالف بأن «النهضة» جزء من الحركة الثورية في البلاد، بغض النظر عن خلفيتها الفكرية وبرنامجها السياسي. وتطمح حركة «النهضة» في أن تحتل العدد الأكبر من المقاعد في المجلس التأسيسي (القوة المهيمنة) علماً أنها لم تطرح برنامجاً انتخابياً حتى الآن، وما زالت تدور حول نفسها، مكتفية بالشعارات العامة، حمالة الأوجه، وذات التفاسير المتباينة والتي تصلح لكل زمان، ومكان، ولا تقيد أصحابها بأية قيود، أو تعهدات للناخب. 4) تيار الحزب المنحل لم نطلق عليه الاسم الذي كان متداولاً أي حزب التجمع الدستوري الديمقراطي نظراً لارتباط هذا الاسم بحالة حزبية سابقة. فقد تأسس الحزب، تاريخياً، في حزيران (يونيو) 1920 على يد الشيخ عبد العزيز الثعالبي، تحت اسم الحزب الحر الدستوري التونسي. وفي العام 1934، وعلى اثر انشقاق في الحزب اتخذ اسم الحزب الدستوري الجديد. وفي مؤتمر بنزرت في تشرين الأول (أكتوبر) 1964 أصبح يسمى بالحزب الاشتراكي الدستوري. قبل أن يحوله بن علي، في شباط (فبراير) 1988 إلى التجمع الدستوري الديمقراطي وليعيد صياغته بشكل كامل. ومن المعروف أن ناشطين سابقين في الحزب الاشتراكي الدستوري، يعملون حالياً على إعادة بناء الحزب بتوجهاته البورقبية، مع الأخذ بالاعتبار ضرورات التطوير والتجديد، والقطع الكامل مع تيار بن علي. إذا كانت الثورة قد أطاحت بن علي وبعض رموز السلطة فإن نظام بن علي ما زال قائماً. ولم تتم الإطاحة به بعد. هو موجود في الإدارة، والجيش، والإعلام، والقضاء، وعالم الصيرفة والمصارف؛ ومازال موجوداً أيضاً في الشارع. وهو يحاول أن يتسلل في زحمة العمل السياسي والحزبي، في أكثر من حزب، بأسماء وعناوين أخرى. وينشط هذا الحزب، انتخابياً، للوصول إلى المجلس التأسيسي وفرملة مسيرة الثورة، والارتداد بها إلى الوراء والنكوص عن أهدافها والتراجع عنها. يملك الحزب قوة تنظيمية، شلت في المواجهة الشعبية في كانون الثاني (يناير) الماضي، لكنها تستعيد نشاطها الآن، وتقدم نفسها على شكل ميليشيات تخريبية. تحاول أن تستفيد من أجواء الحرية التي وفرتها الثورة، وتدخل على الحركة الشعبية بأساليب غوغائية كاستغلال أية أخطاء، لتحويلها إلى قضايا كبرى، مثال انقطاع المياه عن أحد الأحياء، يستغله أنصار الحزب المنحل، بتحريض الناس ضد الحكومة والسلطة، باسم الثورة، والقيام بأعمال احتجاجية تتحول إلى أعمال تخريب، كحرق الدواليب والاعتداء على الأملاك العامة. من أساليب التحريض المتبعة هي مطالبة السلطة القائمة حالياً بتحقيق مطالب الشعب «للتو» ودون تأخير، كإنهاء ظاهرة البطالة (علماً أن بن علي وعد بإنهائها خلال سنوات وليس «للتو») وإنهاء ظاهرة التخلف في مناطق الداخل، في الشمال، والوسط، والجنوب. وتلجأ ميلشيا الحزب المنحل إلى افتعال صراعات دموية بين الأحياء، مما ينشر الفوضى في البلاد، كذلك الصراع الذي نجحت في افتعاله في سيدي بوزيد، في ليلة كانت تشهد ثلاثة مهرجانات، الأول للقطب الديمقراطي ويستضيف نايف حواتمه، الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، والثاني للتكتل من أجل الحريات والعمل والثالث لحزب الغد. وكان الهدف من افتعال هذا الصراع، إفشال المهرجانات والإيحاء بأن البلاد بدأت تعيش الفوضى بسبب من الثورة ورحيل بن علي. ولولا تدخل الجيش وبفعالية، تلك الليلة، لتحولت سيدي بوزيد إلى ساحة معارك دموية. أنصار القوى الديمقراطية يتخوفون أن تتطور هذه السلوكيات التخريبية، وتتصاعد إلى أن تصل في ذروتها في أسبوع انتخاب المجلس التأسيس بهدف تعطيل الانتخابات. أنصار القوى الديمقراطية يؤكدون أن الذين يقودون هذه التحركات الغوغائية هم رموز الحزب المنحل، وهم معروفون للجميع، ويلاحظون، أنه، ورغم معرفة الجميع بأن هؤلاء يقفون وراء السلوكيات الفوضوية، والتخريبية، إلا أن أحداً منهم لم يتم توقيفه قضائياً حتى الآن وما زالوا يسرحون ويمرحون، الأمر الذي يؤكد أن نفوذ الحزب المنحل ما زال قوياً في مؤسسات الدولة. رحل بن علي.. وبدأ الصراع على تونس. فأية تونس سوف نشهد على يد نتائج انتخابات المجلس التأسيسي؟