وجدت روسيا في أسواق الشرق الأوسط بديلا للسوق الأوروبية لنفطها الذي قاطعه الغرب في سياق عقوبات بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا. ويستفيد حلفاء موسكو في الشرق الأوسط والمنتمون إلى أوبك+ من التحول التجاري في تدفقات النفط الروسي، حيث يتلقى أكبر منتجي النفط في الخليج الوقود الروسي بأسعار مخفضة. ويسلط تقرير نشر في موقع أويل برايس الضوء على طرق تجارية جديدة ظهرت مع ابتعاد الأسواق الغربية عن النفط الخام والمنتجات الروسية. وتستورد الدول التي تمتلك بعضا من أكبر احتياطيات النفط الآن الديزل الروسي والنفثا وزيت الوقود، وفقا لبيانات منصات تتبع الناقلات. وتواصل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وهما حليفتان تقليديتان للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، استيراد الوقود الروسي وتخزينه وتداوله وحتى إعادة تصديره رغم الجهود الأميركية لإقناعهما بالانضمام إلى حملة لعرقلة المحاولات الروسية للتهرب من العقوبات الغربية على قطاعها في الطاقة. وعززت إعادة توزيع تجارة النفط خارج روسيا دور الشرق الأوسط بصفته مركزا رئيسيا للاستيراد والتجارة منذ إعلان الدول الغربية عن فرض قيود على النفط الخام والمنتجات النفطية الروسية. وسجلت صادرات النفط الروسية إلى الإمارات في 2022 رقما قياسيا قدره 60 مليون برميل، أي أنه نما بمقدار ثلاثة أضعاف مقارنة بالعام السابق، وفقا لبيانات شركة كبلر التي نقلتها صحيفة "وول ستريت جورنال". وتتلقى الفجيرة، التي تعدّ أكبر مركز تجاري في الإمارات، الآن الكثير من المنتجات النفطية الروسية. وتحتل معدلاتها الآن المرتبة الثانية بعد زيت الغاز من السعودية، وفقا لتقديرات أرغوس ميديا. كما تبرز الإمارات كمركز لتجارة النفط الروسي وتأمينه وشحنه. وانطلقت روسيا خلال السنة الحالية في تصدير الوقود إلى السعودية التي تعدّ أكبر مصدر للنفط الخام في العالم والزعيمة الفعلية لمنظمة أوبك. كما تتولى المملكة وروسيا قيادة تحالف أوبك+ الذي ينسق إمدادات النفط الخام إلى السوق منذ أكثر من ست سنوات. وقدّرت شركة كبلر التي ترصد تدفقات النفط أن روسيا ترسل الآن حوالي 100 ألف برميل يوميا من الوقود إلى السعودية، وكان هذا شبه منعدم قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، وفقا للبيانات التي نقلتها الصحيفة. مليون برميل صادرات النفط الروسية إلى الإمارات في 2022، ونمت بمقدار ثلاثة أضعاف مقارنة بالعام السابق ومن الواضح أن روسيا تعمل على تسريع صادراتها من الديزل إلى السعودية من خلال الشحنات المباشرة وعمليات النقل من سفينة إلى أخرى. وبدأ تصدير الديزل الروسي إلى السعودية في فبراير بعد أن فرض الاتحاد الأوروبي حظرا على الواردات المنقولة بحرا من المنتجات النفطية الروسية في 5 فبراير، حسبما أفادت رويترز في وقت سابق من هذا العام نقلا عن بيانات تتبّع السفن. وتعتمد روسيا عملية نقل الوقود من سفينة إلى أخرى لتقصر طرق الناقلات المتجهة إلى أفريقيا وآسيا بعد حظر تصدير الوقود الروسي الآن إلى الاتحاد الأوروبي ومنه. وحظر الاتحاد الأوروبي الواردات المنقولة بحرا من المنتجات النفطية الروسية المكررة. وكان ذلك يعني ضرورة العثور على وجهة أخرى لحوالي مليون برميل يوميا من الديزل الروسي والنفتا وأنواع الوقود الأخرى إذا أرادت موسكو الاستمرار في تلقي الأموال مقابل هذه المنتجات. وتقرر تنظيم تدفق الوقود الروسي إلى دول ثالثة من خلال تحديد سقف للأسعار، على غرار سقف النفط الخام الروسي إذا كانت التجارة عبر شركات التأمين الغربية. ويبلغ الحد الأقصى للديزل الروسي 100 دولار للبرميل، بينما تحدد سقف المنتجات البترولية منخفضة التكلفة عند 45 دولارا للبرميل. وقالت سيرينا هوانغ رئيسة قسم التحليلات الخاصة بمنطقة آسيا والمحيط الهادي في فورتيكس "تتعزز بعض أنماط التداول مع استمرار تعديل تجارة النفط في روسيا. وبرزت الهند والصين كأكبر شريكين تجاريين إستراتيجيين لروسيا، حيث تلقى كل منهما ثلث إجمالي الواردات من النفط الروسي في مارس". وأضافت "عندما ننظر إلى الأسواق البديلة للنفط الروسي بعد حظر الاتحاد الأوروبي، نرى تميزا لصادرات الخام والنفثا وزيت الوقود المتركزة بين عدد قليل من دول الوجهات في آسيا والشرق الأوسط، حيث توجهت إمدادات الديزل نحو أسواق متنوعة تشمل السعودية وتركيا والبرازيل وغيرها". وقالت باميلا مونغر، كبيرة محللي السوق في فورتيكس، إن صادرات الديزل الروسية قفزت بنسبة 33 في المئة في مارس، مع وصول شحنات من موانئ البحر الأسود الروسية إلى البحر المتوسط نحو دول مثل ليبيا ومصر وتونس. وذكرت أن الصادرات من موانئ بحر البلطيق "تحولت بالتساوي إلى حد ما من حيث نسبة الحصة المئوية إلى البرازيل والسعودية ومصر والمغرب". وتتصاعد الصادرات الروسية إلى الشرق الأوسط رغم جهود الولاياتالمتحدة إبعاد حلفاء روسيا في أوبك+ عن دعم تجارة موسكو وشراء النفط الروسي. وزار وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية بريان نيلسون الشرق الأوسط وتركيا خلال السنة الحالية. وناقش في زياراته إلى عُمان وأبوظبي ودبي وتركيا "جهود وزارة الخزانة لقمع المحاولات الروسية للتهرب من العقوبات الدولية وضوابط التصدير المفروضة بسبب حربها الوحشية ضد أوكرانيا، ونشاط إيران المزعزع للاستقرار في المنطقة، ومخاطر التمويل غير المشروع المقوّض للنمو الاقتصادي والاستثمار الأجنبي". لكن ارتفاع صادرات الوقود الروسي إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة يُظهر تراجع نفوذ الولاياتالمتحدة بين حلفائها الرئيسيين في الشرق الأوسط.