نبهت الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات في تقريرها السنوي برسم سنة 2022 ، إلى الخطورة التي يكتسيها الاتجاه نحو تقنين استعمال القنب الهندي لأغراض غير طبية، والذي اختارت اتباعه عدد من الدول ، حيث أن هذا التقنين لم يتمكن من ثني الشباب عن تعاطي هذه المادة، بل على العكس أدى إلى ارتفاع استهلاكها وسط هذه الفئة، بل وساهم في استمرار الأسواق غير المشروعة لهذه المادة وازدهارها في بعض الحالات، كما لم يقلص من النشاط الإجرامي المرتبط بترويج هذه المادة. وحذرت الهيئة من أن ارتفاع الطلب على القنب تستفيد منه المنظمات الإجرامية المرتبطة بالإنتاج والاتجار على نطاق واسع وبصورة غير مشروعة، وذلك وفق ماجاء في منطوق التقرير الذي أنجزته الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات لهذه السنة والذي ألقت فيه الضوء على " تقنين الاستعمال غير الطبي للقنب و الذي يؤدي لزيادة استهلاكه ولمزيد من الإشكالات الصحية ولا يقلل من النشاط الإجرامي. وأكد البروفيسور جلال توفيق، عضو الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات في ندوة صحفية نظمت مؤخرا بمركز الأممالمتحدة للإعلام بالرباط، خصصت لتقديم مضامين التقرير،أن ترخيص وتنظيم استعمال المخدرات وأساسا القنب الهندي، لأغراض غير الأغراض الطبية أو العلمية والذي نهجه عدد متزايد من الدول أساسا بلدان في القارة الأمريكية وبعض البلدان الأروبية، يمثل تحديا بالنسبة للدول ذاتها التي اعتمدت هذا الاختيار، بل يعد الموضوع مثار جدل يشغل حيزا كبيرا في المناقشات التي تخص مسألة المراقبة الدولية للمخدرات خلال السنوات الأخيرة. ووقف التقرير على معطيات تخص مادة القنب والتي تعتبرها الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات، أكثر المخدرات غير المشروعة استهلاكا، حيث بلغ عدد الأشخاص الذين تعاطوها سنة 2020، أكثر من 200 مليون شخص عبر العالم، وهو ما يمثل 4 في المائة من ساكنة العالم، بل سجل التقرير تصاعد زراعة القنب وكذا زيادة معدل المتعاطين له إلى نسبة تصل إلى 23 في المائة على مدى عشر سنوات الماضية. وكشف التقرير التحول الذي طرأ على زراعة القنب وإنتاجه والاتجار فيه وتعاطيه بصورة غير مشروعة حيث تحول من إنتاج موجه في الأصل إلى الأسواق الداخلية إلى شكل أكثر عالمية من حيث الإنتاج، وظهر أنه بالرغم من صعوبة الإحاطة بشكل دقيق بنطاق إنتاج القنب غير المشروع، إلا أن تقديرات الهيئة التي استقتها من تحليلها للمعطيات التي تخص عمليات ضبط النباتات والإبلاغ عن منشأ القنب المضبوط والقضاء على مواقع الإنتاج ، تشير إلى وجود الإنتاج في ما لايقل عن 154 بلدا . واضافت أن عدد الدول قد يرتفع إلى 190 بلدا إذا تم الأخذ بعين الاعتبار المعلومات النوعية المتعلقة بالاتجاهات السائدة في زراعة القنب والتي تتم في الأماكن المغلقة وفي الهواء الطلق. هذا وبلغ حجم المضبوطات من القنب وراتنج القنب سنة 2020 ما مجموعه 4707 طن و2190 طن على التوالي بزيادة يتراوح قدرها بين 15 و29 في المائة مقارنة مع 2019. وضمنت الهيئة تقريرها عددا من عناصر القلق الذي تبديه بشان استعمال القنب لأغراض غير طبية، بالنظر للخطر الصحي المتنامي لاستهلاكه على الصحة، خاصة وأن القنب ومكوناته متاح بسهولة ومقبول اجتماعيا بدرجة متزايدة في بعض المناطق، مشيرة أنه كان لتطوير أساليب جديدة للإنتاج أن حسنت من تقنيات الاستخراج والعزل أساسا للمكون الرئيسي الذي يوجد في القنب والذي لهم تأثير نفساني، وهما مادتا دلتا -9- تتراهيدروكانابينول. هذا ولم يفت الهيئة أن توجه تنبيهات بخصوص مسألة تزايد عدد البلدان التي توافق على استعمال القنب لأغراض طبية، حيث تسمح بزراعة وتصنيع هذه المادة والمواد المتصلة به ، حيث نفذت هذه البرامج دون إيلاء الاعتبار الواجب للأحكام التي تنظم زراعة القنب لأغراض طبية، كما حذرت من المخاطر التي تشكلها على صحة الإنسان زراعات القنب في المنزل والإنتاج المنزلي لمستحضرات من خلاصة القنب لأغراض التطبيب الذات، أساسا من حيث تحديد الجرعات أو حتى استعمال المبيدات السامة. هذا ومضت الهيئة في المقابل، ضمن تقريرها في تعرية واقع التناقض الذي يسم تعامل الدول مع التشريعات الدولية الخاصة بتوفير المخدرات ، وتعني بها اساسا المواد الخاضعة للمراقبة الدولية للأغراض الطبية والعلمية، حيث أبرزت أن التزام المجتمع الدولي منذ أكثر من نصف قرن، باعتماد الاتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961 ،وبعدها بروتوكول 1972، المعدل لاتفاقية سنة 1961 ،واتفاقية المؤثرات العقلية لسنة 1971 ، والتي تخص ضمان توافر المخدرات التي تعتبر ضرورية للأغراض الطبية والعلمية وعدم تقييدها دون مبرر. وأوضحت الهيئة أنه بالرغم من هذا الالتزام لازال هناك اختلال كبير في توافر المواد الخاضعة للمراقبة على الصعيد العالمي، وهو اختلال تعتبر الهيئة بأنه لا يتعارض فحسب مع هدف الاتفاقيات الدولية لمراقبة المخدرات المتمثل في تعزيز صح اللبشرية ورفاهها، بل يتناقض أيضا مع العديد من صكوك حقوق الإنسان التي تتضمن الحق في الصحة والرعاية الطبية. وكشفت الهيئة بهذا الخصوص، أن استهلاك المسكنات الأفيونية لعلاج الألم يتركز كله تقريبا في غرب أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا ونيوزيلندا، في حين أن الغالبية العظمى من سكان العالم ما زال بلا إمكانية للوصول إلى العلاج الصحيح لتخفيف الألم أو في أحسن الحالات فهو يحصل عليه بكميات محدودة جدا .