أعرب المكتب السياسي، في اجتماعه الأول، المنعقد يوم الأربعاء 18 يناير 2023، بعد انتخابه من قبل اللجنة المركزية المنبثقة عن المؤتمر الوطني الحادي عشر للحزب، عن الاعتزاز بالنجاح الكبير لمسار هذا المؤتمر، على كافة المستويات، السياسية والإشعاعية والتنظيمية. وبالمناسبة، جدد الرفيق الأمين العام تهنئة جميع عضوات وأعضاء هذه الهيئة القيادية التنفيذية العليا للحزب على نيلهم ثقةَ اللجنة المركزية، معربا عن متمنياته للفريق الجديد بكامل التوفيق في مهامه، وعن ثقته في تحمله لمسؤولياته على الصعيد الفردي والجماعي. إدانة خطاب الكراهية والسلوكات العدائية لحكام الجزائر إزاء بلادنا وضمن جدول أعماله، تناول المكتب السياسي معالم الوضع الإقليمي. وأعرب عن استنكاره وإدانته لتصاعُد المواقف العدائية والمتعنتة، ولاستمرار التصرفات الرعناء والخطيرة، لحُكَّام الجزائر إزاء بلادنا، بشتى الوسائل، ومنها تسخير أدوات إعلامية دعائية، بشكل منحط ودنيء. وفي هذا السياق، يشجب حزب التقدم والاشتراكية سَعيَ النظام الجزائري إلى استغلال تظاهرة "الشان" لكرة القدم، تماما كما فعل مؤخراً بالنسبة لكأس العرب لأقل من 17 سنة، فيما كان من المفروض أن يكون فضاءً لِتَقَاسُمِ القيم الإنسانية النبيلة، لِيُحَولها إلى منبرٍ لتصريف شعاراتٍ سخيفة ومشحونة بالكراهية إزاء الشعب المغربي، وخطابٍ سياسي عدائي تُجاه بلدنا ومصالحه الوطنية العليا. في هذا الإطار، أشاد المكتب السياسي بسمو موقف بلادنا إزاء الجزائر، والقائم على العقل والحكمة، وعلى سياسة اليد الممدودة، ومواصلة السعي نحو خلق أجواء وآفاق إيجابية، بما يعود بالسلم والنماء على كافة بلدان المغرب الكبير وشعوبها. كما أكد، في ظل استمرار التعنت الجزائري في معاكسة المصالح الوطنية لبلادنا، على ضرورة سيرِ بلادنا قُدُماً في ترصيد المكاسب التي من شأنها تحقيقُ هدفِ الطي النهائي للنزاع المفتعل حول صحرائنا المغربية، مع ما يستلزمه ذلك من حرصٍ على تمتين الجبهة الداخلية في جميع مستوياتها الاقتصادية والاجتماعية والديموقراطية. مطالبة الحكومة باتخاذ الإجراءات والشروع في الإصلاحات الضرورية لمواجهة تدهور القدرة الشرائية للمغاربة أما على مستوى تطور الأوضاع العامة ببلادنا، فقد سجل المكتب السياسي، إيجابا، تحسن مؤشرات بعض القطاعات والمجالات، ومنها السياحة وصادرات السيارات وعائدات مغاربة العالم وقطاع الفوسفاط. كما سجل إيجابا بعض التدابير الاجتماعية للحكومة، وأساسا تلك المرتبطة بالنتائج الجدية والواعدة للحوار الاجتماعي في قطاع التعليم. وأعرب، بهذا الصدد، عن أمله في أن تشكل معالجة جل ملفات الموارد البشرية، ضمن النظام الأساسي المتفق عليه، مدخلا لإصلاح منظومة التربية والتكوين، بما يحقق مدرسة الجودة والتفوق وتكافؤ الفرص. كما عبر المكتب السياسي عن تطلعه إلى أن يشمل الحوار الاجتماعي كافة فئات الموظفين والأجراء والمتقاعدين، بما يسهم في تحسين دخلهم وظروف معيشتهم. وفي هذا الإطار، فإن حزب التقدم والاشتراكية يثير انتباه الحكومة إلى ضرورة اتخاذ إجراءات ملموسة وعملية، بغاية التصدي للارتفاع المقلق للأسعار، خاصة بالنسبة للمواد الاستهلاكية الأساسية، وبهدف حماية القدرة الشرائية للمغاربة، عوض الاكتفاء ببعض التدابير المعزولة وذات الأثر المحدود، وباللجوء إلى مقاربة تبريرية تستند إلى عامل التقلبات الدولية. في هذا السياق، أعرب المكتب السياسي عن ضرورة الشروع الفعلي للحكومة في إجراء الإصلاحات الكبرى المنتظرة والكفيلة بإعطاء نفس جديد للاقتصاد الوطني، من قبيل الإصلاح الجبائي، وتحسين الحكامة، وإصلاح قطاع المؤسسات والمقاولات العمومية، واعتماد تصنيع وطني حقيقي، وفلاحة تحقق الاكتفاء الذاتي الغذائي، والاستثمار في القطاعات الصاعدة، وضمان الأمن الطاقي والمائي والدوائي، وتوفير دعم حقيقي للمقاولة المغربية وللقطاع الخصوصي في مختلف القطاعات الإنتاجية، بما يُمَكِّنُها من تجاوز الصعوبات التي تواجهها. إنه السبيل الأنجع من أجل توفير إمكانيات ومداخيل هامة، من شأنها تغطية نفقات الحماية الاجتماعية، وإصلاح منظومتيْ الصحة والتعليم، ومواجهة الفقر والهشاشة، والتخفيف من حدة التفاوتات الاجتماعية والمجالية، وغيرها من الأوراش الاجتماعية، بما يحقق عدالة اجتماعية أقوى. ضرورة استحضار الحكومة للأبعاد الديموقراطية من أجل خلق أجواء التعبئة إن المكتب السياسي، وهو يجدد التعبير عن أسفه إزاء ما يطبع أداء الحكومة من ضعف سياسي وتواصلي، فإنه يعتبر أن هذه الأخيرة بصدد إخلاف موعدها مع لحظة تاريخية تمثلت في الإنجاز التاريخي لمنتخبنا الوطني لكرة القدم. وقد كان من المفروض على الحكومة استثمار الأجواء الوطنية الحماسية، التي أدى إليها هذا التألق الرياضي، في شحذ الهمم وتعبئة الطاقات بكافة المجالات. وفي هذا السياق، يجدد حزب التقدم والاشتراكية دعوته الحكومة من أجل أن تعطي، في عملها، للأبعاد الديموقراطية والحقوقية، ولمواضيع الحريات والمساواة، المكانة اللازمة، بما يضخ نفَسا في النقاش العمومي، ويزرع الثقة، ويضمن انخراط كافة المواطنات والمواطنين في أوراش الإصلاح التي ينبغي فتحها أو إعطاؤها دفعة أقوى، من قبيل ورشي إصلاح المنظومة الجنائية ومدونة الأسرة. تأكيد على مساندة الشعب الفلسطيني في محنته مع الغطرسة الصهيونية المتصاعدة وتناول المكتب السياسي التطورات المقلقة للقضية الفلسطينية، متوقفا عند المخاطر الكبيرة التي تحدق بها في ظل حكومة إسرائيلية بحمولات أشد تطرفا وعنصرية وعداء وإنكارا للحقوق الفلسطينية المشروعة. وبهذا الصدد، يجدد حزب التقدم والاشتراكية إدانته لكل سياسات التقتيل والتهجير والاستيطان التي تنهجها القوة الصهيونية المتغطرسة في الأراضي الفلسطينية. كما يؤكد على دعمه المطلق ومساندته الكاملة للشعب الفلسطيني، في كفاحه البطولي، من أجل انتزاع حقوقه الوطنية المشروعة، وفي طليعتها الحق في بناء دولته المستقلة والقابلة للحياة وعاصمتها القدس. في هذا السياق، ينادي حزب التقدم والاشتراكية كل الضمائر والقوى الحية عبر العالم، من أجل الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني في محنته المتواصلة، لا سيما في ظل صمت المنتظم الدولي وانشغاله بقضايا أخرى. وبهذا الشأن، يتطلع الحزبُ إلى أن يتم التوظيف الأمثل لمكانة بلادنا وعلاقاتها الجديدة والمتنوعة في خدمة قضية الشعب الفلسطيني. مناقشة الحياة الداخلية للحزب أما على صعيد الحياة الداخلية للحزب، فقد فتح المكتب السياسي النقاش حول مختلف التحديات المطروحة على الحزب، وتحديدا على المكتب السياسي، خلال المرحلة الحالية والمقبلة، سياسيا وتنظيميا وتواصليا وانتخابيا، وعلى صعيد التكوين والتأطير. كما بدأ التداول في أفضل المقاربات وأساليب العمل، وفي المسؤوليات والمهام الفردية والجماعية، التي يمكن أن يعتمد عليها، من أجل التفعيل الأمثل للتوجهات المتضمنة في الوثائق المرجعية للحزب، على أرض الواقع، وذلك بغاية التوجه، بأفق استراتيجي، نحو تحسين أدائه التنظيمي والجماهيري للحزب، ليحتل مكانة ريادية أبرز ضمن الساحة السياسية الوطنية.