حذر مشاركون في اجتماع خصص لبحث الاكراهات الحالية والتحديات المستقبلية التي تواجه قطاع الماء بدائرة نفوذ وكالة الحوض المائي لأم الربيع، من الآثار السلبية الناجمة عن ارتفاع الضغط على الموارد المائية بالمنطقة مع تزايد الطلب المستمر على الماء. وأبرز المشاركون , خلال هذا الاجتماع الذي نظم بمبادرة من وكالة الحوض المائي أم الربيع التي يوجد مقرها ببني ملال, أن موارد المياه خاصة الجوفية منها تعرف حاليا استغلالا مفرطا يفوق إمكانات تجددها، مما يهدد باستنزافها وبالأخص الطبقات العميقة التي تتميز ببطء تغذيتها الطبيعية تفوق مدتها فترات تناوب الحقب الجافة والرطبة. وأوضحوا أن المنطقة التي يبلغ مع`دل الواردات المائية الإجمالية بها 3.7 مليار م3 مع تباين زمني ومجالي حاد، تأثرت بحدة من جراء تظافرعدة عوامل، من بينها تعرضها لفترات جفاف متكررة ومتفاوتة الحدة منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي، وتزايد الطلب على الماء بفعل التطور الاجتماعي والاقتصادي بالمنطقة، وارتفاع أحجام التلوث الناتج عن الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية، مع تفاقم آثارها السلبية على الموارد المائية خلال حقب الجفاف. ولاحظ المشاركون، الذين يمثلون مختلف الادارات والمؤسسات المعنية بقطاع الماء والكهرباء بالمنطقة بعد أن تتبعوا عرضا حول مشروع المخطط التوجيهي للتهيئة المندمجة للموارد المائية، بأن الوضع الراهن يسمح بالوقوف على عدة سلبيات، منها هيمنة طرق السقي بالمنطقة التي يغلب عليها الطابع التقليدي، وتوفر إمكان مائي غير مستغل (حوالي 100 مليون م3) تتمثل في المياه العادمة المقذوفة حاليا بالوسط الطبيعي والممكن استغلالها بعد معالجتها لسد الخصاص الحاصل في بعض المناطق ولاقتصاد المياه المستغلة لتلبية بعض الحاجيات الغير ملزمة لجودة عالية. ويستخلص من خلال المناقشات التي تلت عرض مشروع المخطط التوجيهي للتهيئة المندمجة للموارد المائية، أنه لضمان الأمن المائي للمنطقة يتعين التحكم في تزايد الطلب على الماء للقطاع الفلاحي دون إعاقة تنميته، وضمان تعزيز إنجازات هذا القطاع الحيوي في اقتصاد المنطقة، وتقليص استغلال المياه الجوفية لتحديده في المستوى المتجدد ولإعادة تغذية الأجزاء الغير القابلة للتجديد. كما شددوا على ضرورة مواصلة دراسة واستكشاف إمكانات المياه الجوفية في المناطق الجبلية التي لم يحصل التنقيب فيها بشكل كافي نظرا لوعورة المسالك، ودعم وتشجيع الاستعمال المباشر لمياه الأمطار خصوصا بالمناطق الجبلية والمناطق التي تتوفر على إمكانات مائية مهمة، ومراقبة ومحاربة التلوث لبلوغ واستدامة أهداف الجودة المحددة في المخطط، علاوة على استغلال المياه غير التقليدية بالموازاة مع مجهودات تعبئة الموارد المائية من خلال إعادة استعمال المياه المعالجة في الفلاحة والصناعة. ودعا المتدخلون أيضا إلى مواصلة إنجاز سدود متوسطة أو صغيرة نظرا لأهمية أدوارها في تلبية حاجيات محلية ولكونها مكملة للسدود الكبرى، مبرزين أن تحويل الفائض المائي الغير ممكن استغلاله يشكل احد الحلول لإعادة التوازن المائي إلى المنطقة، مع العلم أن حوض أم الربيع يساهم في ضمان الحاجيات المائية لكبريات الحواضر بالمملكة (الدارالبيضاء ومراكش وسطات وبرشيد) علاوة على سقي دوائر فلاحية بالحوز. وأكدوا أن تفعيل هذا المخطط من أجل ضمان الأمن المائي للمنطقة خلال العقدين المقبلين، يتوقف على انخراط الجميع في إطار الرؤية التي يؤسس لها هذا المشروع، وإيجاد ميكانيزمات تمويل جديدة علاوة على تلك المتوفرة من خلال المالية العمومية. وتعد وكالة الحوض المائي أم الربيع من بين أكبر وكالات الاحواض المائية في المملكة التي تم إحداثها كمؤسسات عمومية وأنيطت بها مهام تقييم الموارد المائية وتخطيطها وتدبيرها وحمايتها، وذلك بعد التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي عرفها المغرب، والتي جعلت الحاجيات المائية تزداد وتتنوع مع تعاقب السنين وتواكب تحسن مستوى ونمط عيش السكان والتنمية الاقتصادية. وتعتبر مساحة النفوذ الترابي لوكالة الحوض المائي أم الربيع شاسعة، حيث تغطي حاجيات عدة مدن تابعة لمدن تنضوي تحت لواء حوالي 16 إقليما تقطنها ساكنة تقدر بأكثر من خمسة ملايين نسمة، من الماء الشروب والسقي وإنتاج الطاقة الكهرومائية.