كشف تقرير المهمة الاستطلاعية المؤقتة، عن الأسباب والعوامل التي ساهمت في اختناق مصب نهر أم الربيع وتدهور حالته التي باتت تهدد المنظومة البيئية بمصب أشهر الأنهار بالمغرب الذي أصبح عبارة عن بركة آسنة مملوءة بنفايات مياه الصرف الصحي. ومن أبرز العوامل التي وقف عندها التقرير، وجود سدود خاصة لسقي هكتارات من الأراضي لفلاحين كبار، وهو ما أدى إلى احتجاجات جمعيات المجتمع المدني بواد شبوكة ضد كبار الفلاحين الذين يستنزفون واد أم الربيع على بعد 3 كيلومترات من المصب، بالإضافة إلى اعتماد حلول ترقيعية غير مدروسة، حيث يتم جرف الرمال ووضعها في جنبات البحر، بدل وضعها في أماكن بعيدة، فتعمل الأمواج على دفعها إلى المصب مرة أخرى. وأوضح تقرير المهمة الاستطلاعية المؤقتة التي يرأسها النائب يوسف بيزيد عضو فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، أن الشركة التي تم التعاقد معها من أجل جرف الرمال وتنقية المصب، كانت تقوم بعملية تسويقية أكثر منها بيئية سببت خنقا حقيقيا للمصب، مشيرا إلى أن جرف الرمال ونهبها خلف شواطئ عارية تتكون من الصخور فقط. ومن بين الأسباب التي ذكرها التقرير إنشاء سد الحنصالي على بعد 50 كيلومتر عن خنيفرة بالقرب من زاوية الشيخ، بسعة 800 مليون متر مكعب من الماء، كان يعتقد في البداية أنه أنجز لفائدة السكان، لكن تبين، فيما بعد، يضيف التقرير، أن مياهه تستخدم لنقل الفوسفاط إلى الجرف الأصفر عبر صبيب عال لا يتوقف، ولذلك توصي المهمة الاستطلاعية بضرورة نهج مقاربة يتم من خلالها إشراك المكتب الشريف للفوسفاط ليكون جزأ من الحل، لأن الاكراهات الحقيقية، ليست فقط، في تأخر الدراسة ولكن، أيضا في تعبئة الأموال اللازمة. وأوصى تقرير المهمة الاستطلاعية المؤقتة التي أحدثتها لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة بمجلس النواب، للوقوف على "وضعية مصب نهر أم الربيع"، بالخروج من دائرة الحلول المؤقتة والانتقال مباشرة إلى الحل الجذري لهذا المشكل، وهو الغاية الملحة والمستعجلة، والمتمثل في تنزيل مشروع مندمج لتهيئته المصب وضفتي الواد بناء على اتفاقية شراكة تساهم فيها وزارة التجهيز والماء وجميع القطاعات الوزارية المعنية، والمجلس الإقليمي للجديدة، والجماعات المطلة على الواد، وباقي المؤسسات الفاعلة ومنها المكتب الشريف للفوسفاط. كما أوصى التقرير بمباشرة إطلاق الدراسات وتعبئة الموارد اللازمة، وكذا إعداد الشراكات والمخططات القطاعية أخذا بعين الاعتبار حجم النمو الديموغرافي واتجاه وسرعة التوسع العمراني، بالإضافة إلى تمديد الدراسة الأولى المنجزة من طرف وزارة التجهيز والماء، والتي تهم المصب فقط، لتشمل كذلك المسار الممتد من المصب إلى سد سيدي الضاوي على مسافة تفوق 15 كيلومترا، مع الحرص على تدقيق هذه الدراسة للحصول على نتائج حاسمة. وذهبت المهمة الاستطلاعية المؤقتة، إلى التأكيد على ضرورة تحديث تصميم التهيئة لمدينة أزمور في اتجاه توسيع مجالها الترابي ليشمل مصب وضفتي نهر أم الربيع، وإحداث وكالة خاصة بتهيئة مصبه وضفته، على غرار واد أبي رقراق، أو تكوين لجنة خاصة للتتبع والأشراف، بالإضافة إلى ضرورة الإسراع في إنجاز محطة محطة معالجة المياه العادمة بأزمور، واستغلال الرمال من طرف الإدارة لتدعيم الشاطئ ثم لدعم وتمويل مشاريع تنموية تعود بالفائدة على ساكنة المنطقة، وتجنب وضع الرمال المزالة من المصب في مكان قريب من هذا الأخير حتى لا تعود إليه بسهولة بعد فترة وجيزة. وبخصوص الشركة المكلفة بجرف الرمال، والتي صدرت ضدها أحكام قضائية، دعت المهمة الاستطلاعية وزارة التجهيز والماء للتباحث مع هذه الشركة حول أفضل السبل لفسخ العقدة بالتراضي أو مراجعتها، ولما لا تكليف الشركة، وفق اتفاقية مفصلة، بتهيئة المصب من خلال إنجاز الحواجز والبنيات التحتية اللازمة، لاسيما إذا كانت ترغب في استغلال الرمال، وذلك على أن يتم توضيح هذا التوجه للمجتمع المدني ولمختلف الفاعلين. كما أوصت المهمة الاستطلاعية بضرورة التواصل مع جمعيات المجتمع المدني ووضعهم في الصورة حول تطورات وحيثيات الموضوع والقرارات المتخذة من طرف الإدارة، وكذا إشراكهم في البحث عن الحل المناسب وتنزيله، ومن ثم القضاء على الإشاعات وتوحيد الرؤية بين الإدارة والساكنة.