ستنطلق فعاليات مهرجان سلا الدولي لفيلم المرأة، الذي تسهر على تنظيمه جمعية أبي رقراق، يوم التاسع عشر من شهر شتنبر الجاري، والى حدود الرابع والعشرين من نفس الشهر، وستكون هذه المحطة،بمثابة الدورة الخامسة، مما يعني انتظامية المهرجان، ونجاحه في توفير موارد مالية قارة، جعلته يتفرغ للبحث في تطوير آليات الاشتغال، والانخراط في تطوير صورة المغرب السينمائية، ومن تم جعل مدينة سلا كجزء من تاريخ المغرب العريق، حاضرة وبقوة في ذاكرة السينمائيين، الوافدين إليها من العديد من الدول المشاركة (بوركينافصو وسلوفينيا والفيتنام والولايات المتحدةالامريكية واستراليا ومصر وايطاليا وفرنسا وسويسراوالنمسا)، كما ستتميزهذه الدورة بالاحتفال وتكريم العديد من الوجوه السينمائية، وتخصيص العديد من المحاور المنفتحة على موضوعات سينمائية متعددة، وسيتم أيضا تكريم السينما الافريقية، في شخص بوركينافاصو، وعرض مجموعة من التجارب السينمائية الافريقية المختلفة، مما يؤكد مدى دور السينما كمكون ثقافي وفني وإنساني، في الحفاظ على العمق الإفريقي للمغرب، بل من الممكن تطويره، وهو ما نجده حاصلا في مد المغرب لمجموعة من الدول الافريقية، العديد من أوجه المساعدة في هذا المجال، ونخص بالذكر العديد من الخدمات التي يقدمها المركز السينمائي المغربي للعديد من المخرجين الافارقة، بل أصبحت افريقيا حاضرة وممثلة بقوة في العديد من التظاهرات السينمائية الافريقية بالمغرب. وستتميز هذه الدورة بتكريم بعض الوجوه المختلفة، كحليم كومر من تركيا، وفاطمة العلوي بلحسن من المغرب، وناكي سي سافاني من ساحل العاج، وحسين فهمي من مصر، بالإضافة إلى مجموعة من الأنشطة الموازية على مستوى البانوراما والاحتفال بإبداعات النساء السينمائية، ودرس سينمائي من توقيع لويز بورطال الكندي، كما نسجل هنا انفتاح المهرجان على جنس سينمائي نوعي وهو الفيلم الوثائقي، بالإضافة إلى ورشات تكوينية في كتابة السيناريو بإشراف متخصصين من المغرب ومصر وفرنسا وأسماء افريقية أخرى. إن الرابح الاول من أي تظاهرة سينمائية دولية من حجم مهرجان سلا وغيره، هي المدينة أولا التي تتنمى اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، وتتحصن ضد كل مظاهر التطرف، بالإضافة إلى صورة المغرب الذي يتقوى ديبلوماسيا من خلال ديبلوماسية الثقافة والفن، حيث يلاحظ مدى تعاطف، بل ومدى تفاعل العديد من الأسماء السينمائية الوازنة سواء على المستوى العربي أو الافريقي او الأسيوي او الأمريكي إلى غير ذلك، مع ما يعرفه المغرب، من تحولات ايجابية ونوعية على مستويات متعددة، ويغيرون فورا العديد من التمثلات الخاطئة المكونة لدى البعض عن بلادنا، مما يجعلنا نصر على ضرورة دعم هذا النوع من التنشيط الثقافي والفني ببلادنا، ولا ننسى في نهاية المطاف أن السينما أداة من أدوات التنمية البشرية، فهي فضاء رحب لإنتاج المعرفة والتحاور بها والتعريف بالعديد من القضايا بها أيضا. السينما وفي ظل هذه التظاهرات لغة سياسية بالمفهوم النبيل والثقافي للسياسة، مفادها الرغبة في التعايش والتسامح والتحاور وتقاسم جماليات هذا الكون ونبذ كل مظاهر العنف والتطرف وأوجه القبح والشر في عالمنا. لأن من يحب السينما يحب الحياة، فلنعمق وظيفة السينما في بلادنا، بل في عالمنا ككل.