إردوغان يناور إسرائيل بورقة التحالف الاستراتيجي مع مصر يعكف رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان على إعادة ترتيب علاقات بلاده بدول منطقة الشرق الأوسط في أعقاب تردي العلاقات مع إسرائيل ووصولها إلى طريق مسدود على خلفية صدور تقرير بالمر الخاص باعتداء الجيش الإسرائيلي على سفينة المساعدات التركية «مرمرة». وبحسب تقرير نشرته صحيفة يديعوت احرونوت، يعتزم رئيس الوزراء التركي توقيع اتفاق استراتيجي بين أنقرةوالقاهرة خلال زيارته المرتقبة لمصر الأسبوع المقبل، كما سيرافق إردوغان خلال الزيارة لفيف من كبار رجال الأعمال الأتراك لإنعاش العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين. وألمحت الصحيفة أن الاتفاق الاستراتيجي الذي يدور الحديث عنه لن يقتصر على أنقرةوالقاهرة، وإنما من المتوقع أن يوقع رئيس الوزراء التركي على اتفاق مماثل مع حكومة حماس في قطاع غزة. وتشير معطيات الصحيفة إلى انه من المنتظر خلال زيارة إردوغان للقاهرة عقد لقاء ثنائي مع رئيس المجلس العسكري المصري وزير الدفاع محمد حسين طنطاوي، يتم خلاله وضع آليات لتدعيم العلاقات الإستراتيجية بين البلدين، كما سيلتقي إردوغان نظيره المصري الدكتور عصام شرف وشخصيات مصرية بارزة أخرى، كما سيرافق إردوغان خلال زيارته للقاهرة وزير خارجيته ووزير التجارة والصناعة وعدد من رجال الإعمال الأتراك، وستدور المباحثات بين الجانبين في مجملها حول التعاون الاستراتيجي بين البلدين مع التركيز على المجالات العسكرية والدبلوماسية والتجارية، ونقلت يديعوت احرونوت عن دوائر صحافية في أنقرة تأكيدها إجراء اتصالات حثيثة بين القاهرةوأنقرة للتباحث حول إمكانية عروج رئيس الوزراء التركي إلى قطاع غزة عبر معبر رفح المصري بعد ختام زيارته للقاهرة. رسالة من السفير الإسرائيلي المطرود رغم التحولات السريعة التي طرأت على العلاقات بين تركيا وإسرائيل، ومحاولة إردوغان توجيه رسالة إلى تل ابيب مفادها: أن تدعيم العلاقات بين بلاده ومصر من الممكن أن تستعيض أنقرة به عن علاقتها بإسرائيل، إلا أن صحيفة يديعوت احرونوت نقلت عن نظيرتها التركية «خبر ترك» لقاء هاتفياً أجرته مع سفير إسرائيل «المطرود» من أنقرة «غابي ليفي» قال فيه: «ليست هناك فرصة للعودة إلى أنقرة مجدداً، فبعد قرار أنقرة بطردي من السفارة الإسرائيلية لن أعود إلى هذا البلد إلا سائحاً فقط، ولن يكون لي أي تمثيل دبلوماسي في تركيا بعد هذا القرار». وأوضح ليفي انه «منزعج جداً» حيال تردي العلاقة بين تل أبيب وأنقرة، معرباً عن أمله في أن يعمل الطرفان من اجل إعادة هذه العلاقات إلى دفئها ومتانتها، وأضاف: «إنني أرسل تحياتي إلى جميع أصدقائي الأعزاء في تركيا، إذ أن الصداقة بين البلدين مقدسة والتحالف بينهما وثيق ولن يستطيع احد المساس به». على صعيد ذي صلة تابعت يديعوت احرونوت موقف مصر من سفير اسرائيل لدى القاهرة، فعلى الرغم من التقارب المتزايد بين مصر وتركيا، إلا أن الخارجية المصرية بحسب الصحيفة أبلغت الخارجية الإسرائيلية أن توطيد العلاقات التركية المصرية لا يعني بالضرورة تبني مواقف دبلوماسية تنتهجها أنقرة مع تل أبيب، فلن يكون القرار التركي دافعاً لاتخاذ قرار مصري بطرد سفير إسرائيل من القاهرة. واقتبست الصحيفة تصريحات أدلى بها مصدر مسؤول في الخارجية المصرية جاء فيها: «أن الظروف التي مرت بها العلاقات المصرية الإسرائيلية تخالف تماماً الظروف التي تمر بها العلاقات التركية الإسرائيلية، فالقرار التركي بطرد السفير الإسرائيلي من أنقرة كان قائماً على أساس تحقيقات دولية أجرتها الأممالمتحدة في قضية اعتداء إسرائيل على قافلة المساعدات التركية «مرمرة»، وهى التحقيقات عينها التي تُجرى حالياً بين مصر وإسرائيل حول عمليات إطلاق النار على جنود مصريين عند الحدود بين البلدين، وعلى خلفية هذه التحقيقات وما تُسفر عنه سيكون القرار المصري». ردود فعل غاضبة لدى الأحزاب التركية رغم ما هو معروف عن رفض المعارضة التركية للتقارب بين أنقرة وتل أبيب، وكان لهذه الورقة بالغ الأثر في المواقف السياسية التي لعب عليها رئيس الوزراء التركي خلال حملته الانتخابية لرئاسة الوزراء، إلا أن سياسة إردوغان الراهنة حيال إسرائيل، لاقت ردود فعل غاضبة لدى أقوى الأحزاب التركية المعارضة وهو حزب الشعب الجمهوري، الذي يترأسه «كمال كليش داروغلو»، وبحسب تصريحات نقلتها عنه صحيفة يديعوت احرونوت، منح تقرير بالمر إسرائيل حرية المساس بتركيا، كما سمح بالحصار الذي تفرضة إسرائيل على قطاع غزة، إلا أن الإجراءات الأخيرة التي اتخذها إردوغان ضد إسرائيل عندما طرد سفيرها من أنقرة، وتقليص مستوى الممثلية الإسرائيلية لم يكن صحيحاً، كما انه لن يحرك ساكناً ولن يغير شيئاً من الواقع الذي بات مفروضاً على ارض الواقع. وأضاف داروغلو وفقاً للصحيفة: «شرعن تقرير بالمر الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة وهو الأمر الذي يخالف الموقف التركي، وكان على الحكومة التركية أن تعلم تبعات قرارها من البداية، فإذا ما سلكنا طريقاً دون تفكير ودراسة عميقة مسبقاً فمن الطبيعي أن نصطدم بالحائط كما بات عليه الحال، فالواقع الذي تواجهه تركيا حالياً معقد للغاية انطلاقاً من مفهوم العلاقات الخارجية، فلم تكن هناك أية جهة تريد أن تؤول صورة تركيا إلى هذا الواقع، ونحن الآن نحاول التغلب على الواقع الجديد». وفي تعليقها على موقف المعارضة التركية من رئيس الوزراء إردوغان تشير يديعوت احرونوت إلى انه على الرغم من أن حزب الشعب الجمهوري محسوب على اليمين المتطرف «MHP» ويعتلي مقعد المعارضة وكان مؤيداً دؤوباً لقرارات رئيس الوزراء التركي المناوئة لإسرائيل، إلا أن داروغلو رئيس الحزب رفض الانضمام إلى دائرة الانتقادات الموجهة للدولة الإسرائيلية وهاجم قرار تقليص التمثيل الدبلوماسي الإسرائيلي في أنقرة، إضافة إلى قرارات أخرى ذات الصلة بالعلاقات التركية الإسرائيلية انتقد داروغلو سياسة الحكومة التركية في التعامل معها. ونقلت الصحيفة عن داروغلو قوله: «غداً ستدعي إسرائيل أن الأممالمتحدة اتخذت قراراً لصالحها بشأن الحصار المفروض على قطاع غزة. فمن أدى إلى تلك النتيجة؟ أنها سفينة المساعدات التركية «مرمرة»، كان من الضروري قراءة هذه النتيجة مسبقاً، ولم يكن من اللائق تعريض المصالح التركية للخطر عبر اتخاذ إجراءات وقرارات ضئيلة». تقارير تقدير الموقف الإسرائيلي حيال تركيا إلى ذلك سربت آلة الإعلام الإسرائيلية تقارير تقدير الموقف الإسرائيلي حيال تركيا، إذ تعمدت تلك التقارير الترويج لضعف إمكانيات أنقرة العسكرية خاصة البحرية منها، مقارنة بنظيرتها الإسرائيلية، ووقوف تركيا إمام خيارات صفرية حال اعتماد إردوغان على أسطوله البحري لرد اعتبار بلاده، والتعبير عن رفضها لتوصيات تقرير بالمر. ووفقاً لتسريبات نشرتها صحيفة معاريف لن يستطيع الأسطول التركي مجابهة سفن الصواريخ الإسرائيلية، بالإضافة إلى افتقار أنقرة لمنظومات اليكترونية بحرية متطورة كالتي تمتلكها إسرائيل، كما انه بحوزة الأخيرة غواصات من طراز «دولفين» قادرة على حمل رؤوس نووية، وزعمت الصحيفة أن تقارير تقدير الموقف الإسرائيلية حيال تركيا بهذا الخصوص، جاءت بعد تلميحات رسمية في أنقرة بالإعداد لمواجهة حربية ضد إسرائيل، انتقاماً لمداهمة سلاح البحرية الإسرائيلي سفينة المساعدات التركية «مرمرة» وقتله تسعة نشطاء كانوا على متنها. على صعيد ذي صلة نقلت صحيفة هاآرتس عن نظيرتها التركية «حريات» تقريراً لم يستبعد معدُه اعتزام أنقرة توجيه موسم ربيع الشعوب العربية باتجاه إسرائيل، وإشعال لهيب الانتقادات ضدها لدى عرب إسرائيل والفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، إلا أن معطيات عبرية أخرى حملت موقفاً دفاعياً عن إسرائيل إذا رأت الخطوات التي يدور الحديث عنها النور، ووفقاً للمعطيات عينها تعتبر الولاياتالمتحدة وأوروبا أن تنفيذ تركيا لاعتزامها، سيعتبر تجاوزاً تركيا للخطوط الحمراء، إذ سيقرر الطرفان الأميركي والأوروبي تجميد نشاط أنقرة في العمليات التي يقوم بها حلف شمال الأطلسي «الناتو» في منطقة الشرق الأوسط، كما ستدين واشنطن والدول الأوروبية تركيا حال تقدم إسرائيل بشكوى إلى مجلس الأمن تطالبه فيها ببحث تهديد الأتراك بالحرب والتحريض على التمرد ضد نظام دولة عضو في الأممالمتحدة. وأشارت هاآرتس في تقريرها التحليلي إلى انه على العكس من الاعتقاد السائد بقوة الاقتصاد التركي، تمر أنقرة بحالة كساد اقتصادي غير مسبوقة، يُضاف إليها اتساع هوة الخلاف بين إردوغان وقادة جيشه، الذين تقدم معظمهم باستقالاتهم الأسبوع الماضي، مما حدا بالدوائر الاستخباراتية في الولاياتالمتحدة وأوروبا إلى الاعتقاد بأن إردوغان لن يظل طويلا في منصبه حتى إذا حاول خوض مواجهة عسكرية بحرية ضد إسرائيل، فإذا حاول إنقاذ نفسه عبر الاعتماد على هذه الخطوة فسيكون سقوطه أسرع.