أهدى المنتخب الوطني لكرة القدم، المشارك في مونديال الدوحة، لحظة فرح غامرة للشعب المغربي اكتسبت مرتبة ملحمة وطنية كبرى رسم تفاصيلها أسود الأطلس عقب فوزهم على كندا والتأهل إلى الدور الثاني في صدارة مجموعتهم القوية. الفرح الشعبي والمجتمعي غمر كل المدن المغربية بلا استثناء، وأقيمت الاحتفالات في شوارع المدن الكبرى والصغرى، وفي القرى والمداشر، وفي أوساط الجاليات المغربية عبر العالم، علاوة على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الإعلام ومختلف المنصات الرقمية، كما اشتركت الشعوب العربية في الاحتفال، وفي الاعتزاز بالنصر المغربي المستحق. الانتصار المغربي لم يكن في النتيجة والتأهل فقط، ولكن كان كذلك وأساسا في المستوى المبهر للأداء داخل رقعة الملعب، وفي الجهد الكبير الذي بذله اللاعبون بقيادة مدربهم الوطني، وهذا جعل سقف الحلم الجماهيري يكبر، والكثيرون اعتبروا المنتخب المغربي من ظواهر ومفاجأت كأس العالم الحالية في قطر، وتعلقت به آمال الجماهير الرياضية العربية والإفريقية بالنسبة للقادم من الأدوار في المنافسات المتواصلة. التأهل للدور الثاني في المونديال لم يتحقق لفريقنا الوطني منذ إنجاز المكسيك 1986، كما أن استمرار أسود الأطلس اليوم في المنافسات يضمن لمونديال قطر استمرار التعلق الشعبي والجماهيري العربي والإفريقي بالحلم، وبشغف المتابعة، ومن ثم تتحول هذه الملحمة المغربية إلى عنوان رئيسي من عناوين نجاح مونديال قطر. الكثيرون لم يكونوا متفائلين بهذا الفريق المغربي الشاب أو بمدربه الذي تولى المسؤولية منذ شهور فقط، وتركيبة المجموعة أيضا لم تكن تبعث على الكثير من التفاؤل، وكذلك باقي السياقات الرياضية وغير الرياضية الأخرى، لكن فريق وليد الرگراگي فاجأ الجميع فعلا، ونجحت الأسود في خلق الحدث بالدوحة، ولفتت نظر الكل، وتصدر أداؤها عناوين كبريات وسائل الإعلام العالمية. شكرا إذن لمنتخبنا الوطني ومدربه على هذا الفرح الشعبي الحقيقي، وعلى هذا الإنجاز المبهر في مونديال الدوحة. وبعيدا عن المعادلات التقنية والكروية المتصلة بالمنجز الرياضي لفريقنا الوطني، وبعيدا كذلك عن التوقعات المستقبلية المرتبطة بالمباريات والأدوار القادمة، فإن نجاح الفريق يعبر عن أهمية العزيمة والجهد والثقة في النفس والإخلاص في العمل والتضحية من أجل الفوز، وهي كلها قيم بمثابة دروس يقدمها لنا كلنا هؤلاء اللاعبين الشباب اليوم. عدد من نجوم الفريق الوطني هم من مغاربة العالم، ومن أبناء المهاجرين، ويعبرون اليوم عن تعلقهم بوطنهم، وتضحيتهم من أجله، ومن أجل العلم الوطني، ولكي يفرح المغاربة بانتصار بلدهم، وهذا أيضا ينبهنا إلى هذه الطاقات التي يملكها المغرب وسط جاليته عبر العالم، وذلك ليس في كرة القدم فقط، وإنما في مجالات وقطاعات أخرى كذلك، وأهمية استثمارها والاستفادة منها. فريق الرگراگي يعلمنا أن حب البلاد وإتقان العمل والتضحية من أجل الوطن، وبذل الجهد، كلها خصال تقودنا حتما إلى النجاح، وإلى بناء الوطن وتقدمه. كما أن نجاح المدرب في اختيار التشكيلة وصنع الخطط والمداخل المؤدية للفوز والنجاح، يؤكد لنا أهمية حسن اختيار المسؤولين ومنحهم فرص العمل والإبداع، والثقة في كفاءتهم.. نعرف أن منافسات المونديال لا تزال متواصلة، ونأمل أن يستمر منتخبنا الوطني في النجاح والإبهار والتألق، ولكننا نحتفي هنا بما حققه بعد التأهل للدور الثاني متصدرا مجموعته، لأن ذلك يعتبر إنجازًا كبيرا بالفعل، ويستحق الإشادة والاعتزاز. برافو أسود الأطلس، شكرا لكم، إلى الأمام من أجل المزيد من الانتصارات. محتات الرقاص