من هلسنكي إلى برلين رحلة طويلة من الانتصارات والانكسارات منذ النسخة الأولى لبطولة العالم في هلسنكي 1983 لم تغب شمس الألقاب عن ألعاب القوى المغربية إلا في محطتين ألمانيتين الأولى في شتوتغارت 1993 والثانية في برلين 2009. وإذا كانت ألعاب القوى المغربية قد خرجت خاوية الوفاض من مونديال شتوتغارت، فإنها عادت من مونديال برلين بخفي حنين وبفضيحتين بعد اكتشاف حالتين للمنشطات استبعد على إثرهما الاتحاد الدولي جمال الشطبي ومريم العلوي السلسولي من المشاركة في الدورين النهائيين لسباقي 3000م موانع و1500م لثبوت تناولهما مادتين محظورتين وهي سابقة في تاريخ المشاركة المغربية في بطولات العالم، الأمر الذي اعتبره الملاحظون وصمة عار في جبين رياضة أعطت وأجزلت العطاء. وإذا كان الملعب الأولمبي ببرلين شاهدا على انكسارات ألعاب القوى المغربية في النسخة الثانية عشرة لبطولة العالم فإنه سيظل شاهدا على انتصاراتها الباهرة، إذ على مضماره سجل العداءان الأسطوريان سعيد عويطة وهشام الكروج رقمين قياسيين عالميين في مسافتي 1500م و2000م، الأول يوم 23 غشت 1985 والثاني في 9 شتنبر 1999 وما يزال صامدا إلى اليوم. وقد شكلت دورة شتوتغارت لعام 1993، وقفة تأمل لمراجعة الذات وترتيب بيت ألعاب القوى المغربية من أجل انطلاقة قوية لجيل ذهبي جديد من العدائين بقيادة هشام الكروج الذي اعتلى قمة هرم ألعاب القوى العالمية بحصده العديد من الألقاب في الهواء الطلق وداخل القاعة وتسجيله لأرقام قياسية إعجازية. لذا فإن مسؤولي ألعاب القوى الوطنية استخلصوا العبرة من دورة برلين واعبتروها مجرد كبوة ستليها صحوة حتى تستعيد ألعاب القوى المغربية إشعاعها وصولاتها وجولاتها في مضامير العالم . ففي يوم 14 غشت 1983 دون العداء الأسطورة سعيد عويطة إسمه بأحرف من ذهب في سجل أول دورة من دورات بطولة العالم لألعاب القوى بإحرازه الميدالية النحاسية لسباق 1500م عقب احتلاله المركز الثالث وراء البريطاني ستيف كرام والأمريكي ستيف سكوت. ومن يومها لم تغب ألعاب القوى المغربية عن منصة التتويج في بطولات العالم، ماعدا في دورتي شتوتغارت 1993 وبرلين 2009، حصدت خلالها 27 ميدالية منها 10 ذهبية و11 فضية و6 برونزية غنم منها البطل الأولمبي والعالمي هشام الكروج وحده أربع ذهبيات وفضية في سباق 1500م وفضية ثانية في سباق 5000م. واقتصرت المشاركة في دورة هلسنكي على أربعة عناصر هي بالإضافة إلى سعيد عويطة نوال المتوكل التي شاركت في سباقي 100م حواجز و400 م حواجز وفوزي اللهبي ومحمد الزحافي في 800 م وأقصوا ثلاثهم في الدور الأول، لينهي المغرب مشاركته في هذه الدورة في المركز 32 عالميا. وبعد أربع سنوات على دورة هلسنكي (بطولة العالم كانت تقام وقتها كل أربعة أعوام) وتحديدا في مضمار الملعب الأولمبي بروما جادت أقدام عويطة «العداء الذي كان يتحدى كل منطق» بباكورة المعدن النفيس بتتويجه بطلا للعالم في مسافة 5000م (13د و26ث و100/44)، متقدما على البرتغالي كاسترو دومينغو والبريطاني جاك بوكنير. وبلغ فوزي اللهبي الدور النهائي لسباق 800 م واحتل فيه المركز الخامس، بينما أقصيت نوال المتوكل في نصف نهاية مسابقة 400م حواجز التي كانت قد أحرزت ميداليتها الذهبية في دورة الألعاب الأولمبية في لوس أنجليس عام 1984 لينهي المغرب مشاركته في المركز 25 عالميا. يتبع