قال يوسف الكواري نائب الكاتب العام الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي، إن النقابة لم تفهم سبب التأخر الحاصل في نشر النظام الأساسي الذي حسم النقاش حوله بشكل ثنائي. وأكد يوسف الكواري في حوار مع جريدة بيان اليوم، أنه رغم كل التعثرات التي عرفها مسار الحوار مع الوزارة، إلا أن النقابة ظلت منفتحة على النقاش الإيجابي. وتتطلع النقابة بحسب الكواري، إلى أن تكون مخرجات الاجتماع الثلاثي بين رئيس الحكومة ووزارة التعليم العالي ووزارة المالية، متقدمة، وأن لا تكون رجوعا إلى الخلف. وذكر المتحدث ذاته، أن اللجنة الإدارية للنقابة، أعطت فرصة أخيرة للحكومة من أجل البت في النظام الأساسي الجديد، وفي حال كانت النتائج مخيبة للآمال، سيدفع بأساتذة وأستاذات التعليم العالي إلى خوض المعركة النضالية التصاعدية بعد مسار طويل من الحوار امتد لعدة سنوات. وفيما يلي نص الحوار: تسود حالة من التوتر بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار والنقابة الوطنية للتعليم العالي، حول الإصلاح الذي يشهده القطاع، ولاسيما موضوع النظام الأساسي للأساتذة والأستاذات، ما هي خلفيات هذا الشد والجذب؟ الحاصل هو أنه في إطار العمل التشاركي، لا بد من الأخذ والرد الطبيعي، بشأن مجموعة من الملفات، ذلك أنه بعد انتخاب اللجنة الإدارية للنقابة، تم فتح حزمة من الملفات المطلبية لمشاكل التعليم العالي مع الوزارة، بشكل عريض وكبير. ويعود تقديم ملفنا المطلبي كجهاز تنفيذي وكلجنة إدارية للنقابة انتخبت في سنة 2018، إلى الحكومة التي كان يرأسها سعد الدين العثماني، والتي تعاملنا معها في شخص السيد سعيد أمزازي وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي. واشتغلنا في هذه الفترة، في إطار لجن مع الوزارة، من أجل إصلاح شمولي لمنظومة التعليم العالي والبحث العلمي، وتم ذلك في جو إيجابي، أفرز مستجدات جيدة في أحد الملفات، بيد أنه في الأخير تم تسجيل ملاحظة، تتعلق بكون مقترحات الوزارة يتقدم العمل فيها بسرعة البرق، لكن في الملفات المطلبية للسيدات والسادة الأساتذة يشتغل عليه بسرعة السلحفاة. ومع جائحة كورونا، توقف الحوار، قبل أن يعود تدريجيا، من خلال الاجتماعات الثنائية عن بعد، تمكنا من خلالها إلى التوصل لصيغة نهائية، لمشروع النظام الأساسي للسيدات والسادة الأساتذة في التعليم العالي، وتم ذلك، تحديدا في شهر مارس 2021. بعد ذلك، انتظرنا أن يسلك هذا النظام مجراه الطبيعي، كيفما وعدت الحكومة، غير أن المسطرة سرعان ما توقفت، ولم يجد المشروع طريقه نحو مجلس الحكومة السابقة، وباقي التفاصيل الإدارية العادية التي توقفت إلى ما بعد إجراء الانتخابات التشريعية ل 8 شتنبر 2021. وبعد تنصيب الحكومة الجديدة، عاد وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار عبد اللطيف ميراوي، إلى إخراج المشروع مرة أخرى، حيث تم تنظيم اللقاء الأول والثاني بين الوزارة والنقابة، تم التأكيد فيهما على ما تم الاتفاق عليه سلفا، ويتعلق الأمر تحديدا، بملف "الدكتوراه الفرنسية"، و"النظام الأساسي للأساتذة" الذي كان من المقرر أن يخرج إلى الوجود في فبراير 2022، إلا أن ذلك لم يتحقق، ونحن اليوم في شهر شتنبر الذي هو موعد الدخول الجامعي. لكن لماذا كل هذا التأخر في إخراج النظام الأساسي؟ لم نفهم كنقابة، سبب التأخر في تحقيق أمر بسيط يهم نشر هذا النظام الأساسي الذي حسم الأمر فيه بشكل ثنائي، والذي ناقشنا فيه كلجنة، مجموعة من الملفات، من قبيل استرجاع الأقدمية العامة للسيدات والسادة الأساتذة، الذين وظفوا في المباريات المفتوحة، أو الذين ولجوا الجامعة عن طريق المباريات التحويلية للموظفين في القطاع العام، إن لم أقل في وزارة التربية الوطنية تحديدا، إذ أنه تم طمس سنين من عملهم بالوظيفة العمومية، التي لم تتبين في تطورهم المهني، إلى جانب ذلك، ناقشنا ملف الأساتذة المحاضرين، وملف مراكز التربية والتكوين، ومشاكل أخرى. ورغم هذه العراقيل، ظلت النقابة الوطنية للتعليم العالي منفتحة على الحوار، وإيجابية تجاه النقاش مع الوزارة، فبتاريخ يوليوز 2022، عقدت اللجنة الإدارية للنقابة اجتماعها المفتوح، وكان من المقرر أن تخرج منه بخطوة نضالية متقدمة، على رأسها مقاطعة الدخول الجامعي، وتجميد جميع الأنشطة العلمية، والمجالس، والمباريات… إلا أن اتصالا من الوزير قبل بدأ الاجتماع، حال دون ذلك، نظرا للمستجدات التي حملها معه، وتخص بشكل أساسي دخول رئيس الحكومة على الخط، ووعده بأن النظام الأساسي سيرى النور في أواخر شهر يوليوز. وفي إطار نقاشنا العادي والمستفيض والمسؤول، ارتأت اللجنة الإدارية، أن تعطي الفرصة للحكومة على أساس الذهاب إلى آخر شهر غشت، مقررة أن تبقى اللجنة الإدارية مفتوحة، إلى غاية 22 غشت 2022، والتي اجتمعت وعملت على تقديم قراءة إيجابية بخصوص اللقاء الذي تم بين السيد الوزير، والكاتب العام للنقابة، تبعها تصريح لوزير التعليم العالي عبد اللطيف ميراوي في الندوة الصحافية التي أعقبت اجتماع رئاسة الحكومة بتاريخ 25 غشت 2022. ومن ثم اعتبرنا هذا التحرك بادرة أمل، وخطوة مسؤولة ومعقولة للحكومة، خصوصا، وأنه من المتوقع أن يعقد لقاء ثلاثيا بين رئيس الحكومة ووزير المالية ووزير التعليم العالي، بتاريخ 7 شتنبر المقبل، والذي سيكون بمثابة تحكيم للمقترح من قبل رئيس الحكومة، بمعنى أن النتيجة نهائية، وهو آخر ما سيتم تقديمه من مقترح. وأتمنى أن تستجيب خلاصات الاجتماع، لتطلعات السيدات والسادة الأساتذة، وأن يكون مقترحا معقولا، وليس نكسة وتراجعا نحو الخلف. ومنحنا كلجنة إدارية في النقابة، فرصة أخيرة للحكومة التي ندعوها إلى التجاوب والتعاطي الإيجابي مع مطالبنا، بدل دفعنا إلى التصعيد النضالي، في حال كان جوابها سلبيا، ابتداء من يوم 18 شتنبر 2022. تحدث عبد اللطيف ميراوي وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار في تصريحه الصحافي عقب اجتماع مجلس الحكومة الأخير عن استقطاب الكفاءات المغربية في الخارج، ما هي الصيغة التي تم التوافق عليها بشأن ذلك؟ فعلا، السيد الوزير أشار إلى ذلك في ندوته الصحافية، والنظام الأساسي الجديد يستحضر ذلك، ويندرج هذا في إطار التوجيهات الملكية بشأن استفادة الإدارة المغربية، من كفاءة مغاربة العالم، من خلال تسهيل جلب هذه الطاقة إلى البلاد للنهل من خبراتها التي راكمتها بالعديد من الدول الأجنبية. ومع الأسف، في النظام الأساسي القديم لسنة 1997، لم تكن الأمور ميسرة لولوج الكفاءات المغربية بالخارج إلى الجامعة المغربية، فمثلا لا يمكن لكفاءات من وزن منصف السلاوي، ورشيد اليزمي، وسمير مشهور.. أن يخضعوا للإجراءات الإدارية المفروضة بالمغرب (فتح مباراة أستاذ التعليم العالي مساعد+ فحص ملفاتهم العلمية+ إجراء المقابلة العلمية..)، وهم الذين يحاضرون بأفضل الجامعات الدولية بكندا، واليابان، وإنجلترا، وألمانيا، وبلجيكا.. بمعنى، أن النظام الأساسي القديم غير مشجع على الإدماج في الجامعة المغربية لهذه الكفاءات، أولا؛ للإجراءات الخاصة بالترقية، ثم ثانيا؛ هزالة التعويض الذي يبدأ ب 12 ألف درهم، حيث لا يمكن أن يتطور هذا المبلغ، إلا بعد 4 سنوات، واجتياز امتحان الأهلية، وانتظار 6 سنوات أخرى لإجراء امتحان ثاني يخول له فعلا إطار أستاذ التعليم العالي، ويصبح بعدها مشرفا على البحوث العلمية للطلبة، فلماذا كل هذه التعقيدات، والمكانة العلمية لهؤلاء الأساتذة وغيرهم تخول لهم منطقيا في جميع دول العالم، أن يكونوا أساتذة، يساهمون في تقديم محاضرات ويؤطرون ويشرفون على الدراسات العلمية. ويعطي مشروع النظام الجديد، الفرصة لهذه الطاقات، من أجل الإسهام العلمي بالجامعة المغربية، من خلال إطار أستاذ محاضر، وأستاذ التعليم العالي، إلى جانب اقتراح تعويض محترم لهذه الكفاءات، لأن الجانب المادي لا بد من أن يكون مشجعا وجذابا لجلب هذه الطاقات. والجامعة المغربية هي الأخرى تتوفر على أساتذة أكفاء راكموا تجربة مهمة في المختبرات والمدرجات، وما على الوزارة إلا أن توفر لهم الشروط المادية للاشتغال، بدل دفعهم إلى هذا الاحتقان و"البلوكاج" الذي لم يسبق للتعليم العالي أن شهده. ولا يعقل أن يبقى أساتذة وأستاذات التعليم العالي في نفس الدرجة منذ 15 سنة، لأن ذلك لا يحفز على الإبداع والإنتاج العلمي، لاسيما وأن هذه الموارد البشرية تسهر على تربية الأجيال القادمة، وتشرف على تكوين باحثين في العديد من التخصصات العلمية. ويتضح للأسف أنه ليس هناك اهتمام بالعنصر البشري، وكل ما نصادفه يظل مجرد شعارات كبرى، بيد أنه في الواقع لا شيء يذكر، حيث تبقى دار لقمان على حالها. غابت الجامعة المغربية عن التصنيفات الدولية لأفضل الجامعات في السنوات الأخيرة، هل من شأن مشروع النظام الجديد النهوض بالبحث العلمي بالمغرب؟ المشروع، قدمته النقابة رسميا سنة 2015، كمسودة، ولو تم التفاعل إيجابيا معه، كانت ستكون الجامعة المغربية في أحسن الأحوال لما عليه الآن، وكنا سنتوفر على علماء من الطراز العالي داخل مدرجات التعليم العالي، وللأسف اليوم التصنيفات الدولية تبين الضعف الحاصل، نتيجة غياب التشجيع في البحث العلمي. ولمزيد من التوضيح فأساتذة التعليم العالي ليس محركهم الزيادة في الأجور كما يتم الترويج لذلك، بل الأساسي هو إصلاح منظومة التعليم العالي ككل، من قبيل استقلالية الجامعة المغربية التي لا توجد إلا في الأوراق، حيث يهيمن الهاجس الرقابي على الأساتذة، وهذا غير سوي ونرفضه كنقابة. وللإشارة فإن ميزانية التعليم العالي للأسف الكبير على قلتها، لا تصرف كلها، ما يعني أن وزارة المالية تسترجع سنويا ما بين 30 و40 في المائة من الميزانية العامة للجامعات لأنه لم يتم إنفاقها في البحث والتأطير، وهذا غير معقول.