من منا لا يملك ذكريات من الماضي ما تزال مختزنة في ذاكرته يقدم صورها للغير عند الطلب أو عند المشورة لتقريب صورة أحداث ووقائع وطرائف سجلها الماضي القريب أو البعيد .. وتبقى ذكريات الشخصيات التي تطبع مسار التاريخ في كل المجالات الأكثر شدا للانتباه، ومنها ذكريات أبطالنا الرياضيين الذين غيبهم الاعتزال عن الميادين. لاعبون مروا بالملاعب وأثثوا المشهد الرياضي ببلادنا، لكن أخبارهم توارت إلى الخلف عن الجماهير .. جماهير لا تعرف عنهم الكثير فيما يتعلق بالجانب الشخصي وتتشوق إلى معرفة كل كبيرة وصغيرة .. فكيف إذا تعلق الأمر بأطرف المواقف التي مر بها هؤلاء اللاعبون في مسيرتهم مع أسود الأطلس، نعلم كل شيء عن مسيرتهم، ألقابهم الشخصية، أهدافهم، الأندية التي جاوروها .. لكننا لا نعلم ما هو أطرف، مواقف تعرضوا لها بقميص المنتخب وخارج الحياة الاعتيادية. في سبرها لأغوار صور الماضي، اختارت «بيان اليوم»، طيلة هذا الشهر الفضيل، التقرب من لاعبين سابقين بالمنتخب الوطني داعبوا كرة القدم بسحر ومهارة. لن نقف عند صولاتهم وجولاتهم في المستطيل الأخضر، أو بالقرب من دكة الاحتياط، أو داخل غرفة تبديل الملابس .. بل سنركز أيضا على ما جرى أيضا بالمستودعات وخلال الرحلات بل وخارج الإطار العام للممارسة كرة القدم. إنها سلسلة حلقات رمضانية نجول من خلالها وعبرها لتقطف من بساتين لاعبي كرة القدم المعتزلين نوادر وطرائف تزيل غبار النسيان عن ماضي جميل لأسماء كبيرة لن تغادر الذاكرة الجماعية للمغاربة. حادث الزايير ولكمة موجهة لكماتشو يعتبر أحمد بالقرشي المعروف ب «الشاوي» من أبرز قيدومي حراس النخبة الوطنية، ترك بصمات خالدة بفضل تألقه الباهر في أكثر من مرة سواء مع فريقه الأم الكوكب الرياضي المراكشي أو مع العناصر الوطنية المغربية ووسط أجواء رمضانية التقينا بالحارس الشاوي، حيث حدثنا عن أهم الطرائف التي ميزت حياته الرياضية. «بطبيعة قبل الحديث عن واحدة من الطرائف التي صادفتها خلال مسيرتي الرياضية، هناك حادث مؤسف لا زال يذكره كل من تابع مسيرة الفريق الوطني المغربي لكرة القدم خلال السبعينات، ويتعلق الأمر بمباراتنا أمام الزايير، برسم تصفيات مونديال سنة 1974 بألمانيا الغربية آنذاك. فالجمهور الرياضي لازال يتذكر هذه المباراة المصيرية التي لعبناها بالعاصمة كينشاسا وكانت بحق مباراة قوية وساخنة وتألقت فيها بشكل كبير، لكن ظلم الحكم أهدى الفوز للزايير، رغم أني تصديت للكرة وبعد تدخل احد المهاجمين بعنف في حقي احتسب الحكم هدفا غير مشروع وتم إقصاؤنا، رغم أن الجميع أقر بارتكاب المهاجم لخطأ فادح في حقي، إلا أن الحكم كان له رأي آخر، خاصة وأن هذه المباراة أحيطت بها ظروف خاصة، أثرت على الحكم الذي كان منحازا بشكل فادح. أما من حيث الطرائف، فلا زلت أتذكر ما حدت لي مع زميلي في الفريق الكوكب المراكشي المدافع عز الدين كماتشو، إذ وجهت له لكمة خلال مباراة الكوكب ضد نهضة سطات، بعد سوء تفاهم بيني وبينه، ففي الوقت الذي كنت استعد فيه للتصدي لإحدى الكرات وسط منطقة العمليات، ضايقني بقوة مما سهل مهمة مهاجم الفريق الخصم، الشيء الذي تمكن من التسجيل علينا، فلم اشعر حتى لكمته. وفي الواقع فمشواري الكروي انطلق من الحي وبالضبط حي درب ضباشي وفي فرق الأحياء بعد تألقي كحارس وأنا في سن الطفولة التحقت بفريق الكوكب حيث لعبت في فئات الصغار الفتيان والشبان تم الكبار ومن هنا يمكن القول انطلقت مسيرتي الحقيقية كحارس فرض وجوده على الساحة الرياضية خاصة حينما وقعت على عطاء باهر في أصعب المباريات أمام عمالقة كرة القدم المغربية كالرجاء والوداد والماص والجيش والكاك... وكنت الشبح المخيف لألمع المهاجمين أناداك مثل حمان، باموس، عبد الله مالكة، الغزواني، كالا، انافال، البوساتي وغيرهم وبعدما بدأت أبرز كحارس متميز نادي علي إلى النخبة الوطنية كل من عبد الله السطاتي وعبد الله بلمحجوب، خضت وقتها مباريات حاسمة سواء على المستوى القاري أو العربي، ولازلت أتذكر أنني أحرزت على كأس أحسن حارس في الدوري الذي أقيم في مدينة لاهافر الفرنسية الخاص بالشبان بمشاركة 16 فريقا أوربيا ويبقى هذا الانجاز من بين أهم الانجازات في حياتي الرياضية. وفي الحقيقة كانت الساحة مليئة بكبار المهاجمين، لكن يبقى من كنت أخشاهم هم فرس، العلوي، الزهراوي، باموس، البوزيدي وحسن بادو، لكن كنت دائما أتصدى لهجوماتهم وكراتهم الخطيرة ببراعة. كما لازلت احتفظ بذكريات جميلة مع المدربين الذين كانوا من وراء صقل موهبتي، وأذكر منهم: كريمو، بولوغ، بلبصير، عبد الله بوستة، المرحوم الخميري تم العربي شيشا. كانت لدي رغبة قوية بان أصير واحدا من مشاهير الحراس العالميين لذا كنت دائما أحاول أن أقلد الحراس كبار كبانكس، مايير، ايريبار، زوف، ومنهم تعلمت بعض الأشياء التقنية التي كانت تنقصني. فعلا تلقيت عدة عروض من أندية مغربية ومنها الرجاء البيضاوي حيث حاولوا إقناعي بعرض مغري جدا قيمته 32 مليون سنتيما، وكذلك من الوداد البيضاوي والجيش الملكي وحسنية أغادير والمغرب التطواني ولم احترف لكون كنت لا أريد مغادرة العائلة وكنت أفضل البقاء في المغرب وخاصة بمراكش نظرا للعلاقات الحميمية التي كانت تربطني بالمسيرين ومنهم الحاج إدريس والحاج ميلود وعبد الحي وكذلك بالجمهور المراكشي الذي كان يقدرني ويكن لي كل الاحترام أينما حللت وارتحلت. غدا - صلاح الدين بصير يروي ما قاله له الحسن الثاني