تؤدي الزيادات العامة في الأسعار إلى اختلالات ملحوظة على مستوى العرض والطلب، الشيء الذي سيؤثر بشكل كبير على القدرة الشرائية للأسر وعلى ميزانية الدولة، فيما سيتأثر النشاط الاقتصادي بالنتائج غير الجيدة للقطاع الفلاحي. وأكدت المندوبية السامية للتخطيط، في تقرير حول الميزانية الاقتصادية الاستشرافية لسنة 2023 – الآفاق الاقتصادية لسنتي 2022 و2023-، انخفاض القدرة الشرائية وتباطؤ استهلاك الأسر. وجاء في تقرير المندوبية أنه بعد الارتفاع الكبير الذي عرفه الطلب الداخلي سنة 2021، يتوقع أن يسجل تباطؤا ملحوظا في معدل نموه خلال سنة 2022، حيث لن تتجاوز وتيرته 1,3%. وعزى تقرير المندوبية ذلك أساسا إلى التراجع المرتقب لوتيرة نمو استهلاك الأسر إلى حوالي 1,6%، والذي ستنخفض مساهمته في نمو الناتج الداخلي الإجمالي إلى حوالي 0,9 نقطة سنة 2022 عوض 4,8 نقط سنة 2021، نتيجة تراجع مداخيل الأسر، خاصة الفلاحية وانخفاض تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج مقارنة بالزيادات الكبيرة المسجلة خلال السنتين الماضيتين. كما سيتأثر استهلاك الأسر، حسب التقرير نفسه، بالارتفاع القوي لأسعار المواد الطاقية التي ستؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتجات الأساسية الأخرى. وهكذا ستنخفض القدرة الشرائية للأسر بحوالي 1,5% سنة 2022 عوض الارتفاع ب 1,1% كمعدل نمو سنوي للفترة 2015-2019. ومن جهته، سيعزز استهلاك الإدارات العمومية من وتيرة نموه ليسجل ارتفاعا ب 5,5% سنة 2022، نتيجة مواصلة ارتفاع نفقاتها، خاصة النفقات من السلع والخدمات، التي تمثل 15,9% من الناتج الداخلي الإجمالي. وهكذا، سيتباطأ الاستهلاك النهائي الوطني، ليسجل نموا بوتيرة %2,5 عوض %7,5 خلال السنة الماضية، ليساهم في النمو الاقتصادي بحوالي نقطتين سنة 2022 عوض5,9 نقط سنة 2021. بالإضافة إلى ذلك، ستتراجع وتيرة نمو التكوين الإجمالي لرأس المال الثابت إلى حوالي %2,6 سنة 2022 عوض 9,3% سنة 2021، ليسجل مساهمة موجبة بحوالي0,7 نقطة سنة 2022 عوض 2,4 نقط سنة 2021، في حين أن التغير في المخزون سيسجل مساهمة سالبة في نمو الناتج الداخلي الإجمالي ب 1,2 نقطة عوض مساهمة موجبة ب 1,4 نقطة سنة 2021. وبناء على هذه التطورات، سيسجل الاستثمار الإجمالي انخفاضا ب1,6% سنة 2022 عوض ارتفاع ب13,3% خلال السنة الماضية. وبالتالي سيفرز مساهمة سالبة في النمو في حدود0,5 نقطة عوض مساهمة موجبة ب 3,8 نقط المسجلة سنة 2021. في سياق متصل، أشار التقرير إلى أن الاقتصاد الوطني سيتأثر بتداعيات الاختلالات التي تعرفها التجارة العالمية، خاصة نتيجة تباطؤ نمو أهم الشركاء التجاريين. وهكذا، سيسجل الطلب العالمي الموجه نحو المغرب تباطؤا في وتيرة نموه لتنتقل من %10,9 سنة 2021 إلى%5,9 سنة 2022. وسيسجل حجم الصادرات من السلع والخدمات زيادة ب9% سنة 2022 مدعمة بصادرات قطاعات الفلاحة والصناعات الغذائية والنسيج. ومن جهتها، ستتباطأ صادرات قطاع السيارات نتيجة العراقيل المرتبطة بالتموين وارتفاع تكاليف المدخلات على المستوى العالمي. ومن جهتها، ستعرف الواردات من السلع والخدمات بالحجم نموا ب7,4% سنة 2022 عوض 11,8% خلال السنة الماضية. وهكذا، سيؤدي انخفاض مردودية الحبوب إلى زيادة الواردات من المنتجات الغذائية، خاصة الحبوب، الشيء الذي سيؤدي إلى تفاقم الفاتورة الغذائية. بالإضافة إلى ذلك، ستواصل الواردات من المنتجات الطاقية منحاها التصاعدي، نتيجة زيادة الطلب الداخلي على هذه المنتجات. بالإضافة إلى ذلك، ستستفيد المبادلات من الخدمات، التي ستواصل منحاها التصاعدي، من الانتعاش التدريجي لأنشطة السياحة والنقل، نتيجة تخفيف القيود على التنقل وفتح الحدود. وسيسجل صافي الطلب الخارجي من جديد مساهمة سالبة في النمو ستبلغ سنة 2022 حوالي -0,1 نقطة عوض-1,8 نقطة سنة 2021. وفي الوقت الذي ستستفيد الصادرات من السلع من الارتفاعات في الأسعار العالمية للمواد الأولية، ستتفاقم فاتورة الواردات من السلع خاصة الفاتورة الغذائية والطاقية. وهكذا، سيعرف العجز التجاري تدهورا خلال سنة 2022 لينتقل إلى%17,9 من الناتج الداخلي الإجمالي عوض %15,6 سنة 2021. وبناء على تطور الخدمات، سيتفاقم عجز الموارد ليصل إلى %11,6من الناتج الداخلي الإجمالي عوض%10,7 سنة 2021. ومن جهتها، ستعرف تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، بعد الزيادات المسجلة خلال السنتين الماضيتين، انخفاضا طفيفا، في حين أن تدفقات مداخيل الاستثمارات ستسجل شبه استقرار، الشيء الذي سيفرز تراجعا في المداخيل الصافية الواردة من باقي العالم ب%10,2 . وهكذا، سيتفاقم عجز رصيد الحساب الجاري ليصل إلى%4,7 من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2022 عوض%2,3 سنة 2021.