عاشت مدينة آسفي أول أمس الاثنين، خصوصا أحياءها السكنية الجنوبية، على إيقاع مواجهات عنيفة بين القوات العمومية وعشرات من الشباب المحتجين، منضوين تحت لواء تنسيقية «أبناء وسكان ضواحي معامل الفوسفاط»، أسفرت عن إصابات متعددة ومتفاوتة الخطورة في كلا الطرفين، واعتقالات في صفوف المحتجين. وكان المحتجون، قد عمدوا في وقت سابق من نفس اليوم، إلى تنفيذ اعتصام على خط السكة الحديدية الرابط بين المركب الكيماوي لآسفي، ومحطة القطار وميناء المدينة، للمطالبة بالاستفادة من نفس الامتيازات التي استفاد منها شباب من سكان المدينة يحملون «ديبلومات التكوين المهني» حيث تم منحهم وعودا بتوظيفهم في المركب الفوسفاطي، بعد أن قاموا خلال الشهور الأخيرة، بتعطيل حركة إنتاج الفوسفاط بالمدينة بفعل تنفيذهم لمجموعة من الأشكال الاحتجاجية. ويبدو أن المحتجين الجدد، حاولوا نهج نفس الخطة، بالتصعيد في حركتهم الاحتجاجية عسى أن يستجيب المسؤولون لطلبهم، وهكذا، وضعوا أحجارا من الحجم الكبيرعلى طول السكة، في محاولة منهم لشل حركة سير القطارات، قبل أن تتدخل القوات العمومية، ل «تحرير» خط السكة الحديدية، مما جعل الأحداث تتطور بشكل سريع، إذ عمد المحتجون إلى رشق عناصر القوات العمومية بالحجارة. وبعد أن هدأ الوضع نسبيا، وتنفس الجميع الصعداء، وظن الجميع أن هذه الأحداث أوشكت على نهايتها، شهدت المدينة، حوالي الساعة الرابعة بعد الزوال من نفس اليوم، اقتحام مئات من المحتجين الشباب لفضاء الدائرة الحضرية الثالثة بحي «الزاوية»، حيث قاموا بإضرام النارفي نوافذها وأبوابها، وإتلاف وبعثرة الوثائق المتواجدة بمكاتبها، فتصاعدت ألسنة النيران يصاحبها دخان كثيف، مما خلق أجواء من الفزع والرعب في نفوس المواطنين الذين فضل أغلبهم الاحتماء، خوفا من بطش المحتجين من جهة وعنف القوات العمومية من جهة أخرى، التي لم تعد تفرق هراواتها في بعض الأحيان بين المحتجين والمواطنين العابرين الذين وجدوا أنفسهم بالصدفة وسط أحداث عنف وعنف مضاد. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل عمد المحتجون إلى تنظيم مسيرة في اتجاه حي «كاوكي» القريب، حيث تتواجد دائرة أمنية استعصى عليهم في البداية اقتحامها، قبل أن يعمدوا ثانية إلى إضرام النار في بابها. لكن وصول التعزيزات الأمنية، خصوصا فرق التدخل السريع، حال دون استمرارهم في إلحاق أضرار بهذه الدائرة الأمنية.