يحفل المعرض الدولي للنشر والكتاب في دورته السابعة والعشرين المقام هذه السنة بشكل استثنائي في الرباط، يحفل بمشاركة عدد كبير من الأدباء من داخل الوطن وخارجه، ومن أجيال مختلفة. بالمناسبة، كان لبيان اليوم لقاء مع نخبة منهم. اليوم مع الباحثة الأكاديمية المغربية حورية الخمليشي. ماذا يعني لك المعرض الدولي للنشر والكتاب في دورته السابعة والعشرين بالرباط؟ معرض الرباط الدولي للكتاب حدث ثقافي وفرصة لتجديد التواصل بالمثقفين والكتاب والناشرين واللقاء بالعديد من النقاد والمفكرين والأدباء العرب وغير العرب، خاصة بعد الخروج من أزمة وباء كورونا. إنه نوع من الاحتفاء بالكتاب وبالثقافة والمعرفة. ما جعل المعرض يكتسب أهمية ثقافيّة كبيرة في البحث عن الجديد والاستفادة من الأنشطة الثقافية المبرمجة، خاصة وأن هناك عددا كبير من الإصدارات الجديدة في فترة من بعد الجائحة والحجر الصحي. ما هي طبيعة مشاركتك في هذه الدورة؟ مشاركتي في هذه الدورة تدور حول "الكتابة وتأنيث العالم". ويحضرني قول لابن عربي في رسالة "الذي لا يعول عليه" من كتاب "رسائل ابن عربي، يقول: "وكل مكان لا يؤنث لا يعوّل عليه"، ويقصد المكانة. في الحقيقة نجد أن أدب المرأة لم يغب عن المجتمع العربي منذ زمن بعيد. فهناك مثلا شاعرات مجيدات منذ العصر الجاهلي، وكذلك في العصر العباسي والأندلسي. ولم يصلنا من إنتاجاتهن إلا القليل لعدم الاهتمام برواية وتدوين أدب المرأة. فمصطلحات "الأدب النسائي"، أو "الأدب النسوي"، أو "أدب المرأة"، أو "الأدب الأنثوي" مصطلحات حديثة عرفها الأدب العربي في مرحلة النهضة تبعا للحركات النسوية التحررية التي ظهرت في القرن العشرين. فلم يعتمد مصطلح النسوية رسميا في حقول العلوم الإنسانية إلا سنة 1910. وقد عرفت المشاركة النسوية في الحياة الثقافية العربية الراهنة تطورا كبيرا، إذ سجلت المرأة حضورها، ومشاركتها الفعالة في شتى مجالات العلم والمعرفة والإبداع. ما جعل المرأة تنخرط في جميع مجالات الحياة الثقافية، وهو ما حقق حضورا لافتا على مختلف المستويات، ليس لكونها أنثى، بل لكونها مثقفة وكاتبة ومبدعة. فما يهمنا في الكتابة هو أدبية الأدب وخصوصية التجربة الإبداعية لا غير. فلا يمكن الحكم على العمل الأدبي انطلاقا من جنس الكاتب، لكن من خلال قيمته الأدبية كما ذكرت. وأدب المرأة يشكل اليوم إضافة نوعية للإنسانية. وهنا يمكن أن نتساءل هل كتابات المرأة في عالمنا العربي الراهن توازي كتابات الرجل من حيث قيمتها الفنيّة والأدبية؟ وهل تغيرت فعلا نظرة الرجل إلى أدب المرأة؟ ألا يزال هناك في زمننا خوف من الأنوثة والاختلاف؟ وما الذي طرأ على إنتاجات المرأة من تحولات؟ وما هي الإضافات النوعية التي قدمتها الكاتبة العربيّة اليوم؟ وكيف تعاملت الكاتبة مع الجسد؟ ما هو جديد إصداراتك وما هو تعريفك له؟ جديد إصداراتي هو كتاب "تواشجات الشعري والفني في الشعر العربي الحديث.. شربل داغر نموذجاً" في 480 صفحة من الحجم الكبير، والصادر عن منشورات ضفاف ببيروت، ودار الأمان بالرباط، ومنشورات الاختلاف بالجزائر. وهو دراسة تطلبت مني سنوات من العمل. إنه محاولة لتقديم مشروع قراءة معرفية جديدة للنص الشعري تجمع بين الشعر والفن، مع مراعاة الحدود بين النص اللغوي والنص البصري. فقد حملت الحداثة معنى جديدا في تجديد الشعر وتطوره وانفتاحه على الفنون وعلى شعريات العالم، زمن الانفتاح والتلاقح الثقافي بين الحضارات العالمية، عبر ثقافة شعرية وفنية متفاعلة مع الشعر العالمي، لاكتشاف العوالم المتشابكة بين الشعر والفن، كفنين مختلفين، لكن متجاورين فعناق الشعر والفن مبني على التواشج والتجاور لا التباعد في نطاق الانفتاح الشعري الثقافي الذي تعرفه القصيدة في العصر الحديث، ضمن مشروع ثقافي منفتح على مشاريع اشتغال مستقبلية، لفتح النقد الشعري الحديث على آفاق جديدة في القراءة والتأويل، وتحقيق تواصلٍ مختلفٍ بين المُبدع والمتلقي. فالقراءة الشعرية معرفة وسفر في الخيال. والقراءة المتجددة تتطلب الكثير من الصبر والاجتهاد. وتختلف أساليب المقاربة من متلقي لآخر. والنص الشعري يتجاوز مبدعه، كما يتجاوز قارئه، لأنه نص لازمني، إنه يأتي من المستقبل.