قرر رئيس مجلس السيادة الحاكم في السودان عبد الفتاح البرهان رفع حالة الطوارئ التي فرضت في البلاد منذ تنفيذه انقلابا عسكريا في أكتوبر الماضي، فيما أرجئت محاكمة بعض المحتجين السودانيين بتهمة قتل ضابط شرطة، إلى الشهر المقبل. ومنذ الانقلاب العسكري الذي قاده البرهان وهو قائد الجيش، يتظاهر آلاف السودانيين في العاصمة ومدن أخرى للمطالبة بعودة الحكم المدني ومحاسبة قتلة المتظاهرين الذين قتل 98 منهم وجرح العشرات، بحسب لجنة أطباء السودان المركزية. وقال بيان صادر عن المجلس، الأحد، "أصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان اليوم (الأحد) مرسوما برفع حالة الطوارئ في كافة أنحاء البلاد"، وأرجع البيان سبب ذلك إلى "تهيئة المناخ وتنقية الأجواء، لحوار مثمر وهادف، يحقق الاستقرار للفترة الانتقالية". وجاء القرار بعد إصدار مجلس الأمن والدفاع السوداني (الذي يضم قيادات عليا من الجيش) عقب اجتماع له الأحد، توصيات ب"رفع حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد" إضافة إلى "إطلاق سراح جميع المعتقلين بموجب قانون الطوارئ بما لا يتعارض مع القوانين التي تتعلق بقضايا أمن الدولة أو القانون الجنائي". ويأتي رفع حالة الطوارئ أيضا إثر تغريدة للممثل الخاص للامين العام للأمم المتحدة بالسودان فولكر بيرتس الأحد جاء فيها، "حان الوقت لوقف العنف، حان الوقت لإنهاء حالة الطوارئ". وكانت لجنة أطباء السودان المركزية ذكرت في بيان أن متظاهرين قتلا السبت في منطقة الكلاكله جنوب العاصمة. وقال وزير الدفاع الفريق يس ابراهيم يس الناطق الرسمي باسم هذا المجلس إن التوصيات التي تم رفعها إلى رئيس مجلس السيادة، وهو نفسه البرهان، تشمل كذلك "السماح لقناة الجزيرة مباشر بمزاولة البث". وكانت السلطات حظرت عمل هذه القناة القطرية في يناير واتهمتها "بتغطية غير مهنية" للاحتجاجات في السودان. على خط مواز ، بدأت الأحد في الخرطوم محاكمة أربعة متظاهرين متهمين بقتل ضابط في الشرطة السودانية، لكن القاضي قرر رفع الجلسة إلى 12 يونيو، كما ذكر صحافي من وكالة فرانس برس. وكانت الشرطة السودانية أعلنت في يناير الماضي مقتل ضابط برتبة عميد أثناء تفريقها محتجين كانوا في طريقهم الى القصر الجمهوري في وسط العاصمة. وفي وقت لاحق أعلنت توقيف محمد ادم و محمد الفتاح ومصعب الشريف وأحمد الننه بتهمة قتل الضابط. وبدأت محاكمة الشبان الأربعة الأحد لكن الجلسة رفعت إلى 12 يونيو المقبل. وقال القاضي زهير عثمان إنه طلب من الطب الشرعي تقريرا حول احتمال أن يكون الشبان الأربعة "تعرضوا لتعذيب" بينما كان الموقوفون قد قاموا في مارس بإضراب عن الطعام احتجاجا على "معاملة غير إنسانية" و"عنف الشرطة". وتجمع مئات المحتجين أمام قاعة المحكمة في شرق الخرطوم وهم يرفعون صورا للمتهمين ويطالبون بالإفراج عنهم. ووصل محمد ادم والفاتح ومصعب والننه الى مقر المحكمة تحت حراسة الشرطة ولوحوا للحاضرين بالخارج بعلامات النصر وأرجلهم مقيدة بسلاسل حديدية. كما حضر عشرات من أفراد أسرة الضابط القتيل وهم يرفعون لافتات تطالب بالقصاص. كتبت اللجنة الشعبية لأحياء البراري المضطربة في الخرطوم أن "هذه القضية لا تخص هؤلاء الثوار الأربعة وحدهم بل تمثل انقضاضا على الثورة وقيمها ومواصلة لتسييس القضاء واستهداف الثوار والثائرات بالبلاغات الكيدية للتخلص منهم". ودعت إلى التجمع أمام المحكمة "للبرهنة على أننا لن نسمح لقوى الردة أن تعود لمفاصل الدولة مهما كان الثمن". ويطالب الاتحاد الإفريقي، الذي علق عضوية السودان منذ الانقلاب، والأممالمتحدة بحوار سياسي حتى لا ينهار السودان تماما "على الصعيدين السياسي والأمني". وتقول الأممالمتحدة أن واحدا من كل سودانيين اثنين سيعاني من الجوع بحلول نهاية العام 2022 بعد أن حرم الانقلاب، الذي أزاح المدنيين من السلطة وأنهى التقاسم الهش الذي كان قائما بينهم وبين العسكريين، من المساعدات الدولية.