بيد الله: ضرورة الانخراط الجماعي في مسلسل التطوير لإفراز نخب مؤهلة وقادرة على أجرأة الدستور الجديد الأغلبية تصف حصيلة الدورة ب «الإيجابية» والمعارضة تعتبرها «لا ترقى إلى المستوى المطلوب» اختتمت مساء أول أمس الثلاثاء الدورة الربيعية لمجلس المستشارين برسم السنة التشريعية 2011، وهي الدورة التي سجلت على مستوى التشريع، موافقة المجلس على 38 نصا مقابل 20 نصا تشريعيا خلال دورة أبريل 2010. وقال رئيس مجلس المستشارين محمد الشيخ بيد الله في كلمة بالمناسبة إن اختتام هذه الدورة تزامن مع حدث تاريخي متميز يتعلق بالدستور الجديد والمتقدم والذي يدشن لميلاد ملكية دستورية ديمقراطية برلمانية اجتماعية. وأبرز أن هذا الحدث جاء كتتويج لمسار إصلاحي انطلق منذ نهاية التسعينيات من القرن الماضي، أسس لمرجعيته الخطاب الملكي السامي ل 9 مارس الذي حدد مرتكزات الإصلاح العميق لدستور المملكة، وكذا خطاب 17 يونيو التاريخي واللذان «أعطيا الضوء الأخضر لأسابيع من النقاش الجاد والمسؤول والتشاور الواسع بين جميع مكونات الشعب المغربي»، من أحزاب سياسية ومركزيات نقابية ومجتمع مدني وهيئات شبابية، «أفضى إلى هندسة دستور جديد هو نتاج تشارك واسع بين جميع الفاعلين وميثاق بين الملك والشعب سيمكن المغرب من الالتحاق بركب نادي الدول الديمقراطية». وأبرز أن الدستور الجديد يعد تحديا جديدا يدعو مختلف الفاعلين إلى الانخراط، أكثر من أي وقت مضى، في مسلسل التطوير لإفراز نخب مؤهلة وقادرة على تنزيل وأجرأة الدستور الجديد لرفع تحديات المستقبل. وأشار إلى أن هذا الورش التاريخي الواعد وجد تجاوبا واسعا وترحيبا صريحا وقويا من مختلف الدول الرائدة في الديمقراطية والتي أشادت بأجواء الشفافية وروح المواطنة والمسؤولية التي طبعت هذا المسلسل، مؤكدة على أهمية إقدام المملكة على صياغة دستور جديد يستجيب للمعايير الدولية في هذا الميدان في جو تشاركي تسوده روح المسؤولية واستشراف آفاق المستقبل. وأكد بيد الله، من جهة أخرى، أن «من شأن التحولات الديمقراطية العميقة التي يعيشها المغرب اليوم والتي كرسها الدستور الجديد، أن تساهم في تحصين وحدة بلادنا وتكريس جدية ومصداقية مقاربتنا لحل النزاع المفتعل حول الأقاليم الجنوبية للمملكة عبر اقتراح الحكم الذاتي الموسع الذي لقي تجاوبا واسعا من لدن مجلس الأمن ومن طرف الدول العظمى». وشدد على أن المغرب ما فتئ «يحث الشقيقة الجزائر من أجل إعادة بناء الثقة بين البلدين وإعطاء دينامية لعلاقات التعاون الثنائية في أفق بناء الاتحاد المغاربي كخيار استراتيجي لمواجهة التحديات المستقبلية المشتركة». وأضاف أن الإصلاح الدستوري الذي شهده المغرب تزامن كذلك مع حصول البرلمان المغربي على وضع «شريك من أجل الديمقراطية» من لدن الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، «والذي يرفع من سقف مسؤولياتنا تجاه شريك استراتيجي نتوفر لديه على وضع متقدم خصوصا ونحن البلد الوحيد في جنوب البحر الأبيض المتوسط الذي يحظى بهذه المكانة «. من جانب آخر، خلفت الدورة الربيعية، التي اختتمت أول أمس، آراء متباينة، بين فرق الأغلبية والمعارضة داخل المجلس، بخصوص حصيلتها على المستويين التشريعي والرقابي. ففي الوقت الذي اعتبرت فيه فرق من الأغلبية أن حصيلة هذه الدورة «إيجابية»، بالنظر إلى العدد الكبير من مشاريع ومقترحات القوانين التي عرضت على مجلس المستشارين، ترى فرق من المعارضة أن هذه الدورة «لم ترق إلى المستوى المطلوب وظل المجلس خلالها يعاني من مجموعة من الاختلالات التي تحد من فعالية أدائه». وأكد محمد الأنصاري، رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، (أغلبية)، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه الدورة كانت «قياسية» على مستوى التشريع بالنظر إلى عدد مشاريع واقتراحات القوانين التي عرضت على مجلس المستشارين. وعلى المستوى الرقابي، أبرز الأنصاري أن هذه الدورة تميزت بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق بخصوص مكتب التسويق والتصدير، بالإضافة إلى الأسئلة الشفوية والكتابية. بالمقابل، يرى عبد الحكيم بنشماس رئيس فريق الأصالة والمعاصرة (معارضة) أن الحصيلة الإجمالية للدورة «لم تكن في مستوى ما كنا نطمح إليه على مستوى الإنتاج التشريعي حيث لاحظنا أن عددا لا يستهان به من مشاريع القوانين حرصت الحكومة على إحالتها أمام المجلس في وقت ضيق وهذا ما لم يسمح بدراسة كثير من مشاريع القوانين بالرغم من أهميتها». غير أن الفرق البرلمانية بمجلس المستشارين، أجمعت على أن الدستور الجديد يتضمن مجموعة من المقتضيات التي من شأنها تجاوز الصعوبات التي تحد من فعالية مجلس المستشارين، مما سيؤدي إلى إعادة النظر في بنية السلطة التشريعية وسيقوي أكثر أدوات الرقابة، باعتبار أن الدستور الجديد يعطي إمكانيات أخرى لمحاربة مجموعة من الظواهر التي تحد من العمل البرلماني منها ضرورة حضور مدراء المؤسسات العمومية والوزراء وإعطاء إمكانيات على المستوى القانوني للمعارضة لتكون لديها القدرة على المراقبة والمحاسبة بشكل أكبر. وأبرزت زبيدة بوعياد، رئيسة الفريق الاشتراكي (أغلبية)، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، انخراط المستشارين بقوة في مشروع الإصلاح الدستوري مثمنة بالمناسبة قرار الإبقاء على تمثيلية النقابات داخل مجلس المستشارين مما سيمكن من توسيع النقاش خاصة في القضايا الاجتماعية.