في محاكاة لما ستكون عليه انطلاقة مونديال 2022 بعد عام على أرض الدوحة، تنطلق اليوم الثلاثاء من استاد البيت، ثاني أكبر ملاعب البلاد من حيث السعة، صافرة افتتاح النسخة العاشرة من كأس العرب لكرة القدم بين قطر صاحبة الأرض والجارة البحرين. وتسبق مباراة الافتتاح الرسمية، مواجهتان بين تونسوموريتانيا، والعراقوعمان، فيما تعقبها مباراة بين سوريا والإمارات اللذين سبق والتقيا مؤخرا ضمن التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى المونديال. بطولة بثوب جديد مع إلزامية بطاقة "هيا" وعروض متنوعة تعود كأس العرب بثوبها الجديد بعد غياب تسع سنوات، في ضيافة قطرية لستة عشر منتخبا يتواجهون على ستة من الملاعب المونديالية الثمانية. وللمرة الأولى تقام كأس العرب تحت مظلة الاتحاد الدولي (فيفا)، في نهائيات ستكون بمثابة بروفة مصغرة لكأس العالم التي تستضيفها الدولة الخليجية الصغيرة في نهاية 2022 للمرة الأولى في الشرق الأوسط والعالم العربي. وإلى جانب ملعب "البيت"، تقام المباريات على ملاعب "أحمد بن علي" و"الجنوب" و"الثمامة" و"المدينة التعليمية" و"974″، وصولا إلى النهائي المحدد في 18 دجنبر، تزامنا مع اليوم الوطني لدولة قطر في ملعب "البيت" نفسه. وتسعى قطر بكأس العرب إلى تقديم نسخة نموذجية لإثبات جدارتها في استضافة المونديال العام المقبل. من مطار حمد الدولي، تبدأ الحملة التسويقية لكأس العرب بلافتات متنوعة تدعو الجماهير إلى الحضور بكثافة في الملاعب، التي تصحرت على مدى أكثر من عام ونصف العام للسيطرة على تفشي فيروس كورونا الذي لا ينفك يقلق العالم، خصوصا مع ظهور متحورات جديدة. ولضبط ذلك، اتجه المنظمون القطريون إلى اعتماد بطاقة "هيا" للمشجعين، استنادا إلى نظام بطاقة المشجع الذي اعت مد في مونديال روسيا 2018. وبالتالي باتت بطاقة "هيا" الذكية إلزامية لحضور المباريات ويجب للمتقدم أن يكون ملقحا بالكامل للحصول عليها، وتتيح لحاملها إمكانية الدخول إلى الملاعب والاستفادة من عدد من الخدمات والمزايا المتعلقة بالنقل المجاني. ويتهافت القطريون والمقيمون إلى التقديم على البطاقة، وبدا ذلك واضحا في النقاط المحددة، خصوصا في المراكز التجارية حيث يتجمع العشرات في طوابير. ويرى قطريون، على غرار عبد العزيز (28 عاما ) العامل في مجال الاستيراد والتصدير، أن كأس العرب وإن لم تكن ذات مقارنة بالمونديال "فهي تبرز التضامن العربي في إنجاح مشروع ما. من الآن إلى العام المقبل، هو عصر العرب في الرياضة". من جهة أخرى، أعلنت اللجنة المنظمة لكأس العرب عن باقة واسعة من الفعاليات والأنشطة الترفيهية للمشجعين في المناطق المحيطة بخمسة من الملاعب الستة. تتضمن نحو مائتي عرض موسيقي وفولكلوري وثقافي في ستين موقعا مختلفا تقد مها الجاليات المقيمة في قطر، والتي تشارك منتخباتها في المنافسات، من بينها المصرية، اللبنانية، الفلسطينية، المغربية، والسودانية. ولذلك، أغلقت شوارع عدة في وسط المدينة، التي تشهد أصلا أعمال حفريات مرتبطة بالمونديال بما يتعلق بالبنية التحتية تحسبا لأي طارئ بالشتاء، رغم أن الحرارة لا تزال تلامس الثلاثين درجة مئوية نهارا . "العنابي" يسعى لمصالحة جمهوره والبحرين تبحث عن إنجاز جديد وعلى ملعب "البيت" المشيد بطراز الخيمة العربية، سيقام حفل الافتتاح الثلاثاء، وسيتضمن عروضا موسيقية لفنانين مشهورين، وإطلاقا للألعاب النارية، إضافة إلى فقرة تستعرض تاريخ المنطقة العربية وتروي مآثر العرب ووحدتهم وتكاثفهم. وعلم أن دعوات وجهت إلى ملوك وأمراء ورؤساء عرب لحضور حفل الافتتاح، إلى جانب رئيس (فيفا) السويسري جاني إنفانتينو الحاضر بشكل مكثف في الآونة الأخيرة في الدوحة. بعدها سيسعى رجال المدرب الإسباني فيليكس سانشيز، بدء مشوار مصالحة الجماهير بعد نتائج مخيبة مؤخرا في التصفيات المونديالية التي شاركت فيها قطر كمنتخب زائر. ويعد "العنابي" من بين أكثر المنتخبات جاهزية واكتمالا للصفوف. ويقول لاعب وسط نادي الدحيل عاصم ماديبو إن "هذه البطولة ليست للتعويض. نحن ننافس مع مدارس مختلفة غير المدارس الأوروبية في التصفيات". ويضيف لفرانس برس "كل المنتخبات حظوظها متساوية وهناك فرصة للجميع". وعن مواجهة البحرين "عادة ما تكون مباراة الافتتاح صعبة، ولكن نحن قادرون". واكتفى المنتخب القطري طيلة 58 عاما بمشاركتين فقط في بطولات كأس العرب التسعة السابقة، فظهر للمرة الأولى في كأس العرب الرابعة التي جرت في السعودية عام 1985 وحل رابعا، فيما جاء وصيفا للنسخة السابعة التي استضافها على أرضه عام 1998. من جهته، يدخل المنتخب البحريني المنافسات بنوايا تحقيق إنجاز جديد في الدوحة، حيث أحرز لقبه الخليجي الأول عام 2019. وبعد ست مشاركات سابقة أعوام 1966 و1985 و1988 و2002 و2012، حل المنتخب البحريني وصيفا مرتين في 1985 و2002، ويأمل حاليا بلقب جديد، بعد كأس غرب آسيا في العراق عام 2019 وبعدها مباشرة اللقب الخليجي في الدوحة. مدرب العراق يعتبرها محطة للاستعداد الأمثل للمستقبل في المجموعة عينها، يعود منتخب "أسود الرافدين" إلى كأس العرب الذي يحمل أربعة من ألقابها (رقم قياسي)، قادما من الدور الحاسم لتصفيات المونديال الذي تضاءلت فيه تماما آماله في خطف إحدى بطاقتي التأهل المباشر. ودفعت النتائج المخيبة المدرب الهولندي ديك أدفوكات إلى الاستقالة من منصبه قبل أسبوع من كأس العرب التي كان يريد التعويل عليها بظهور أفضل قد يخفف من كاهل الضغوطات الراهنة. وقال مدربه الجديد المونتينيغري جيليكو بتروفيتش "قد يكون تفكير الجمهور أننا نشارك من أجل كأس العرب فقط، لكن الواقع أنها محطة للاستعداد الأمثل للمستقبل". وفي الاختبار الأول، سيواجه العراق منتخب عمان المشارك للمرة الأولى في تاريخه بكأس العرب، رغم الجدل الذي رافق مشاركة فريق لعب باسمه في النسخة الثالثة عام 1966 في بغداد وخسر أمام ليبيا بنتيجة قياسية 0-21. ولا يعترف الاتحاد العماني لكرة القدم بالمباراة، ذلك لأن الفريق الذي شارك في كأس العرب قبل 55 عاما تألف من طلاب يدرسون في الخارج. موريتانيا بدون فوز على "نسور قرطاج" وطموح إماراتي في مواجهة سوريا في المجموعة الثانية، تبحث تونس عن لقب ثان بعد الافتتاحي عام 1963، بمواجهة موريتانيا التي تعول على نهضتها الأخيرة ببلوغها النهائيات الإفريقية مرتين تواليا. ولم يسبق لموريتانيا أن حققت أي فوز على "نسور قرطاج" الذين انتصروا في مواجهة من أصل 15 بينهما. وقال التونسي فرجاني ساسي الثلاثاء "نحن من المنتخبات المرشحة. مباراة الافتتاح مهمة جدا لاكتساب الثقة بالفوز". ويبدو الطريق خاليا من العقبات بالنسبة لتونس في هذه المجموعة التي تضم أيضا سوريا والإمارات اللذين يختتمان اليوم الأول من المواجهات. وكانت آخر مواجهة بينهما في الجولة الثانية لمنافسات المجموعة الآسيوية الأولى من الدور الثالث الحاسم المؤهل لمونديال قطر في الأردن في شتنبر الماضي، وانتهت بالتعادل بهدف لمثله. ويقول المدافع الإماراتي بندر الأحبابي "ندخل البطولة بطموح الوصول إلى أبعد مرحلة (…) وتقديم مستوى يلبي التطلعات".