«البام» يدفع بالعنصر إلى شجب «ضيفه الإسلامي» في مؤتمر الحركة الشعبية وجد امحند العنصر نفسه، مضطرا، بعد ساعات قليلة من «تنصيبه» لولاية جديدة كأمين عام لحزب الحركة الشعبية، إلى أن يكون أول تصرف رسمي له هو شجب تصريحات أحد كبار ضيوف مؤتمر الحزب. وبحسب ما توفر لدى بيان اليوم من معطيات، فقد تطورت الأمور بشكل متسارع بعدما خاطب عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، الحركيين خلال مؤتمرهم بالقول إن «الحركة الشعبية يجب أن تقف إلى جانب حزب العدالة والتنمية إذا استهدفه حزب معين، لأن من يستهدف حزب العدالة والتنمية اليوم، سيستهدف الحركة غدا»، مضيفا أن «الأحزاب الحقيقية التي لها الشرعية هي الحركة الشعبية وحزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي والعدالة والتنمية، لأنها خرجت من المجتمع وليس مثل أخرى». وعلى إثر ذلك، أجريت اتصالات مكثفة طيلة يوم الأحد، بين العنصر وقيادة حزب الأصالة والمعاصرة المعني بشكل رئيسي، بهذا التصريح، وطالب «البام» من الأمين العام لحزب الحركة الشعبية باتخاذ «موقف واضح»، عوض الركون لمنطق «الرمادية»، لأن «الواقعة تمس جوهر الحياة الدستورية وأدواتها السياسية والحزبية»، فما كان من العنصر إلا أن أصدر بلاغا سريعا عشية يوم الأحد، يشجب فيه ما وصفه ب»التصريحات غير الملائمة» لبنكيران التي تكشف عن «نزعات إقصاء الآخر والعودة إلى رؤية الهيمنة البائدة». فيما لم يتردد حزب الأصالة والمعاصرة من جانبه، وفي الوقت نفسه، في التعبير عن استنكاره واستهجانه لتصريحات بنكيران بوصفها «تؤكد من جديد حقيقة المشروع السياسي الإقصائي الذي يقوده هذا الحزب». كما طالب الحزب أيضا من الوزير الأول عباس الفاسي -الذي كان حاضرا- وباقي الأحزاب السياسية، باتخاذ مواقف مماثلة، محذرا من «التعامل مع هذه التصريحات بلامبالاة أو انطلاقا من غايات حزبية سجينة حسابات الأغلبية أو المعارضة، لأنه سيعرض تجربتنا الديمقراطية لمنزلقات، أو انتكاسات». ورغم أن بنكيران الذي أقر بما نسب إليه، قال في بلاغ توضيحي له أمس، تلقت بيان اليوم نسخة منه، أن «أي حزب اعتبر كلامي إساءة له أو رغبة في إقصائه، فإني أؤكد أني لم أقصد ذلك»، إلا أن العنصر عبر، في بيان له، عن أسفه الشديد لهذه «التصريحات غير الملائمة» و»للخطاب المناهض للديمقراطية الذي لا يمكنه أن يمس بالتعددية السياسية التي تتمسك بها الحركة الشعبية بقوة»، موضحا في هذا الصدد «أن الحضور المكثف للهيئات السياسية المغربية، من مختلف المشارب، في المؤتمر الوطني الحادي عشر للحركة الشعبية، يعد بالنسبة لنا اعترافا بتشبث حزبنا بالتعددية الحزبية وبالتنوع اللذين شكلا نهجنا منذ إحداث الحركة الشعبية». وأضاف العنصر قائلا «إذا كانت روابطنا أكثر قوة مع الأحزاب التي نتقاسم معها قيم الحرية والانفتاح واحترام الآخر، فإن اعتدالنا وثقافتنا الديمقراطية يجعلاننا في منأى عن نزعات إقصاء الآخر والعودة إلى رؤية الهيمنة البائدة». أما حزب الأصالة والمعاصرة، فقد أصدر مكتبه الوطني بلاغا أول أمس الأحد، يقول فيه إنه «تلقى باستنكار واستهجان كبيرين هذه التصريحات والتي ذهب فيها الأمين العام لحزب العدالة والتنمية إلى حصر الشرعية في أحزاب سياسية معينة، في تعارض مع مبدأ التعددية المكرس دستوريا وحق الأحزاب في التأسيس والوجود المكفول قانونا»، مضيفا أن هذه التصريحات تعد «محاولة يائسة لإرجاع بلادنا إلى نقاشات أصبحت جزء من متحف تاريخها السياسي، خصوصا وأن رهان تكريس التعددية السياسية والحزبية كان ضمن الخيارات الكبرى للمؤسسة الملكية منذ حصول بلادنا على استقلالها، لتصبح بعد ذلك التعددية الحزبية ثابتا دستوريا غير قابل للمراجعة والتعديل، موكول أمر صيانته وحمايته لأمير المؤمنين». ووجه البام، في بلاغه، اتهاما جديدا بشكل رسمي إلى حزب العدالة والتنمية؛ إذ قال إنه «لا ينتظر دروسا في الشرعية من حزب يعرف الجميع طريقة ولادته وملابستها، وسطوه على إطار حزبي جامد، وانتظاره في كل مناسبة سياسية لإشارات، سواء في تحديد سقف حضوره الانتخابي، أو اختيار قيادة لهياكله». وأضاف البلاغ أن «الإدلاء بتصريحات مخالفة لروح ونص الدستور، يثير تخوفاتنا، خصوصا وأن حزب العدالة والتنمية ممثل في مجلس النواب ويشرف وفي مستويات متعددة على تدبير الشأن المحلي». وعاد البام الذي يخوض حربا مع حزب العدالة والتنمية منذ اليوم الأول لولادته، إلى التصريح بأن حديث بنكيران، «يؤكد من جديد، حقيقة المشروع السياسي الإقصائي الذي يقوده هذا الحزب وتعامله الأداتي مع الديمقراطية، ومناصرته لخيارات غير تلك المتوافق عليها من قبل مختلف أطياف الطبقة السياسية». ولم تقف موجة البيانات ضد الإسلاميين عند هذا الحد، إذ انبرى حزب التجمع الوطني للأحرار، من جهته للتنديد بتصريحات بنكيران، حيث اعتبر أن «التصرفات الشاذة التي تصدر عن حزب العدالة والتنمية ليست معزولة بقدر ما ترتبط بسلسلة مواقف تسعى لفرض الوصاية على المجتمع في جميع المجالات». وقال الحزب في بيان له، أمس، أنه فوجئ بما صرح به الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، خلال مؤتمر الحركة الشعبية، والذي «حصر عدد الأحزاب الوطنية في أربعة نافيا هذه الصفة على ما دونها من أحزاب»، معتبرا أن صناديق الاقتراع تشكل المصدر الوحيد للشرعية بالنسبة للأحزاب السياسية، وأنه «لا يحق لأي كان السطو على القيم والمقدسات المشتركة بين المغاربة للمتاجرة بها واكتساب شرعية موهومة بواسطتها». ولم يجد بنكيران من رد آخر على هذه الموجة الجديدة من التنديد بحزبه، سوى القول «حسبنا الله ونعم الوكيل»، على اتهام البام دون أن يسميه، بالوقوف وراء هذا الموضوع، «في إطار الممارسات القديمة الجديدة التي ما فتئت تستهدف حزب العدالة والتنمية وتحرض الآخرين ضده».