بنغازي تهلل وطرابلس تعتبره «غطاءً» لمن حاول اغتيال الزعيم أعلنت المحكمة الجنائية الدولية أول أمس الاثنين خلال جلسة عامة في لاهاي عن إصدار مذكرة توقيف بحق الزعيم الليبي معمّر القذافي بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في ليبيا منذ 15 فبراير. وقالت القاضية سانجي مماسينونو موناغينغ خلال جلسة عامة في لاهاي أن «المحكمة تصدر مذكرة توقيف بحق القذافي». واصدر القضاة أيضًا مذكرات توقيف بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية بحق نجل القذافي سيف الإسلام ورئيس الاستخبارات الليبية عبد الله السنوسي. وكان مدعي المحكمة لويس مورينو-اوكامبو طلب من القضاة في 16 ماي إصدار مذكرات توقيف بحق الرجال الثلاثة. ويتهمهم بالمسؤولية عن أعمال القتل التي ارتكبتها قوات الأمن الليبية بحق السكان المدنيين منذ اندلاع الانتفاضة في منتصف فبراير، لاسيما في طرابلس وبنغازي ومصراته. النظام الليبي: القرار غطاء للناتو من جهته، أعلن النظام الليبي رفضه قرار المحكمة الجنائية الدولية، وقال وزير العدل الليبي الجديد محمد القمودي أن القرار «غطاء للناتو الذي حاول اغتيال (معمّر) القذافي». وذكر الوزير أن «ليبيا ليست طرفًا في نظام (معاهدة) روما» التي نصّت على إنشاء المحكمة الجنائية الدولية وهي «لا تقبل باختصاصات المحكمة». أسقف طرابلس: المذكرة ك»صب الوقود على النار: رأى القاصد الرسولي في العاصمة الليبية طرابلس المونسنيور جوفانّي مارتينيللي أن ملاحقة المحكمة الجنائية الدولية العقيد الليبي معمّر القذافي بإصدار مذكرة توقيف بحقه، «كصبّ الوقود على النار»، باعتبار أن من شأن ذلك تأجيج الأزمة الليبية الراهنة، مضيفًا «لا اعتقد بأن العقيد القذافي سيذهب، بل سيبقى في ليبيا». وأعرب المونسنيور مارتينيللي في تصريح لوكالة «آكي» الإيطالية للأنباء الاثنين عن «الأمل بأن تبدأ المفاوضات قريباَ، لأننا وصلنا إلى اليوم المائة من القصف ونحن متعبون»، منوهًا إلى موافقة العقيد الليبي على عدم المشاركة في المفاوضات بين الاتحاد الإفريقي والمجلس الوطني الانتقالي الليبي بشرط أن «تمضي قدمًا». ووصف رغبة القذافي بالمفاوضات ب»الأمر الإيجابي»، و»ينبغي ترك الأمور الأخرى جانبًا». وأشار المونسينور مارتينيللي إلى انه «من غير المجدي الاستمرار باتهام القذافي ما لم يتم وضع حد للقصف الذي سبب بالكثير من الضحايا في الآونة الأخيرة». وقال «ليلة أمس كانت هادئة في طرابلس، لكن العنف مستمر في مناطق أخرى من ليبيا والوضع غير واضح»، واختتم مارتينيللي تصريحاته لافتًا إلى «أن القنابل لن تحلّ المشكلة» في ليبيا. جاكوب زوما خاب أمله أما رئيس جنوب افريقيا جاكوب زوما فعبّر عن «خيبة أمله» لقرار المحكمة، وفق ما أعلن الاثنين المتحدث باسمه. وقال المتحدث الرئاسي زيزي كودوا للإذاعة العامة أن «الرئيس زوما خاب أمله كثيرًا، وهو قلق حيال مذكرة التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق العقيد القذافي». وأضاف «من المؤسف حقًا أن تتخذ المحكمة الجنائية الدولية قرارًا مماثلاً، فيما بذل الاتحاد الإفريقي جهودًا كبيرة عبر لجان الوساطة» التابعة له. وتابع المتحدث «اعتقد أن التقدم الذي أحرز يظهر أن هناك حاليًا التزامًا من جانب السلطة الليبية بقيادة القذافي والمجلس الوطني الانتقالي في الوقت نفسه، وتاليًا فإن هذا التطور الأخير سينسف فعلاً (...) عمل لجان الوساطة». جاء قرار المحكمة الجنائية الدولية غداة اجتماع لوسطاء الاتحاد الإفريقي حول ليبيا عقد في بريتوريا الأحد. وأعلن الوسطاء في بيان ختامي أن القذافي «قرر عدم المشاركة في المفاوضات» في شان إنهاء النزاع في بلاده، معتبرين هذه الخطوة تنازلاً من جانب الزعيم الليبي. أجواء فرح في بنغازي بعد إصدار مذكرة توقيف بحق القذافي عمّت أجواء فرح مدينة بنغازي بعد إصدار مذكرة توقيفا بحق القذافي. وعبّر سكان ثاني مدن ليبيا عن فرحتهم خصوصًا بإطلاق الرصاص في الهواء. والقذافي الذي يواجه انتفاضة شعبية غير مسبوقة، ثاني رئيس دولة يلاحق من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية بعد السوداني عمر البشير. وانتقلت مدينة بنغازي في شرق ليبيا تحت سيطرة الثوار مع بدء الانتفاضة في فبراير، وأصبحت عاصمتهم ومقر المجلس الوطني الانتقالي. وكانت كتائب القذافي على وشك استعادة بنغازي في مارس، لكن تدخلاً جويًا بتفويض من الأممالمتحدة حال دون تحقيق ذلك. مذكرة التوقيف تؤكد «عزلة» القذافي بدوره، اعتبر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي اندرس فوغ راسموسن الاثنين أن إصدار مذكرة توقيف بحق القذافي بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية «يؤكد مرة جديدة عزلته» «ويعزز» دوافع شن العملية في ليبيا. وقال راسموسن إن قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرة توقيف بحق القذافي ونجله سيف الإسلام ورئيس الاستخبارات الليبية عبد الله السنوسي، والذي أعلن في لاهاي ظهرًا «يؤكد مرة جديدة العزلة المتزايدة للنظام». وأضاف في بيان «انه يعزز اسس المهمة في ليبيا، وهي حماية الشعب الليبي من قوات القذافي». وتابع أن «القذافي ورجاله يجب أن يدركوا أن وقتهم يضيق. أن حلف شمال الأطلسي مصمم أكثر من اي وقت مضى على إبقاء الضغوط إلى حين وقف كل الهجمات ضد المدنيين وعودة قوات النظام إلى ثكناتها، وإتاحة وصول المساعدة الإنسانية بشكل كامل إلى كل الذين بحاجة إليها». وكانت المحكمة الجنائية الدولية أعلنت الاثنين إصدار مذكرة توقيف بحق العقيد معمّر القذافي بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية ليصبح ثاني رئيس دولة تلاحقه هذه المحكمة أثناء وجوده في السلطة بعد الرئيس السوداني عمر البشير. ألمانيا وإيطاليا ترحبان بقرار الجنائية الدولية وأعربت الخارجية الايطالية عن «الارتياح» إزاء «سرعة وجدية» قرار المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. فاعتبرت أن إصدار المذكرة يؤكد «المسؤوليات الخطرة على عاتق القذافي ونجله وصهره» إزاء «تهم القتل والاضطهاد التي ارتكبتها القوات المسلحة الموالية لنظام القذافي منذ تاريخ 15 فبراير الماضي في طرابلس الغرب وبنغازي ومصراته في الإعمال تندرج ضمن فئة الجرائم ضد الإنسانية»، حسبما جاء في بيان. وأشار البيان «لقد حصلنا على دلائل عبر صور وشهادات للفظاعات التي ارتكبها النظام ضد شعبه»، ورأت الخارجية أن النطق بالحكم من جانب الجنائية الدولية ضد القذافي «يثبت مرة أخرى الضرورة المطلقة والمعنى السامي لمهة حلف شمال الأطلسي الإنسانية في ليبيا، بناء على تفويض أممي في إطار مسؤولية حماية المدنيين التي تقع على عاتق المجتمع الدولي في ما يختص بحالات الطوارئ الإنسانية الناجمة من اضطهاد دكتاتوريين لشعوبهم»، وفق البيان. وأضاف البيان «أن قرار المحكمة أكد على أن القذافي فقد أية شرعية، تلك المعنوية قبل السياسية» أمام الشعب الليبي والمجتمع الدولي، واختتم البيان مشيرًا إلى أن «ايطاليا ستواصل الالتزام مع حلفائها وشركائها بالعمل في إطار المهمة الدولية لفتح الطريق للحوار السياسي لايجاد حل للازمة الليبية لبناء دولة ديمقراطية ومتحدة من دون القذافي». كما رحّب وزير الخارجية الألماني غويدو فيسترفيلله بإصدار المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي مذكرات اعتقال دولية بحق معمّر القذافي وابنه سيف الإسلام. وقال فيسترفيلله في تصريحات اليوم من برلين «يعتبر قرار المحكمة الجنائية الدولية بمثابة إشارة لا تخطئها العين على أن الديكتاتوريين وأعوانهم ليسوا فوق القانون، وإنما هم محاسبون على ما يقومون به من أعمال».