عرض رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون خططه لرفع آخِر القيود الصحّية في إنجلترا خلال أسبوعين، داعيا البريطانيين إلى "تعلم كيفية التعايش" بحذر مع فايروس كورونا كما لو أنه "أنفلونزا". ودعا جونسون في الوقت نفسه إلى الحذر، مؤكدا أن الوباء "لم ينته" وأن على الشعب "تعلم كيفية التعايش مع الفايروس وإبداء الفطنة". وكان مقرّرا رفع تلك القيود في 21 يونيو، غير أنّ هذا الموعد أرجئ شهرا بسبب انتشار المتحوّرة دلتا الشديدة العدوى والتي باتت تمثّل حاليّا غالبيّة حالات الإصابة الجديدة في المملكة المتّحدة، حيث اقترب عدد الإصابات من 30 ألفا في الأيام الماضية. وخرجت بريطانيا، الدولة التي تعد أعلى عدد وفيات بالوباء (128 ألفا) بعد روسيا، تدريجيا من الإغلاق الثالث في فصل الشتاء مع إعادة فتح المطاعم والمتاجر غير الأساسية والأماكن الثقافية في هذا البلد الذي يعد 66 مليون نسمة، لكن بعض القيود بقيت سارية مثل العمل عن بعد وإغلاق الملاهي الليلية أو حظر التجمعات الكبرى ذات السعة الكاملة. وبحسب داونينغ ستريت، فإن المعطيات الأخيرة تشير إلى أن الإصابات ستواصل الارتفاع مع رفع القيود "لكن الرابط مع دخول المستشفيات والوفيات تراجع" بفضل التلقيح. وأتاحت هذه الحملة التي أطلقت في مطلع ديسمبر إعطاء جرعتين لحوالي 64 في المئة من الشعب، وجرعة لحوالي 86 في المئة. وخففت الحكومة إجراءاتها للتجمعات بهدف إفساح المجال أمام 60 ألف مشجع لحضور هذا الأسبوع نصف النهائي ونهائي كأس أوروبا لكرة القدم 2020 في ملعب ويمبلي اللندني في قرار أثار جدلا. ومنذ عدة أيام تلمح الحكومة إلى عزمها على ترك الأمور لحكمة البريطانيين بالنسبة إلى وضع الكمامة. وقالت وزيرة الدولة المكلفة بالحماية الاجتماعية هيلين والي لإذاعة تايمز الإثنين "لا أحبذ وضعها إذا لم أكن ملزمة بذلك"، مؤكدة أن الحكومة تفضل مقاربة تستند إلى "المسؤولية الفردية" و"العقلانية". وهذه الاستراتيجية انتقدها بعض الجامعيين الذين يقدمون النصح للحكومة. واعتبر ستيفن رايشر أستاذ علم النفس الاجتماعي في جامعة سان اندروز أنه من "المخيف رؤية وزير صحة يريد جعل الحماية مسألة خيار شخصي في حين أن الرسالة الأساسية في هذا الوباء ليست مسألة أنا وإنما نحن". وبالنسبة إلى البروفيسور سوزان ميتشي المتخصصة في السلوك في جامعة كوليدج لندن، فإن خيار ترك الإصابات تفلت يعني "بناء مصانع جديدة للمتحور بوتيرة مرتفعة جدا". ودعت الجمعيّة الطبّية البريطانيّة خلال عطلة نهاية الأسبوع الحكومة إلى الإبقاء على بعض القيود بسبب الزيادة "المقلقة" في عدد الإصابات. وبحسب تقارير إعلامية، فإن الحكومة ستقرر أيضا هذا الأسبوع بشأن رفع الحجر الصحي الإلزامي للبريطانيين الملقحين بالكامل العائدين من دولة مصنفة في الفئة "البرتقالية" وبينها وجهات سياحية أوروبية كبرى مثل فرنسا وإيطاليا وإسبانيا. وفي بريطانيا تقرر كل مقاطعة جدولها الزمني الخاص في مواجهة الأزمة الصحية. فقد عمدت اسكتلندا وويلز وأيرلندا الشمالية إلى رفع للقيود أكثر بطئا. وأظهرت بيانات أن اسكتلندا تسجل أعلى معدلات إصابة بكورونا في أوروبا، وذلك قبل نحو شهر من موعد حددته الحكومة لرفع معظم القيود المفروضة على المجتمع والاقتصاد. وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) أن مدينتي دندي وإدنبره كانتا على رأس أحدث خارطة للمناطق الساخنة بمنظمة الصحة العالمية، في وقت تتفشى فيه السلالة المتحورة دلتا في أنحاء البلاد. وأعلنت اسكتلندا الأسبوع الماضي تسجيل أكثر من أربعة آلاف إصابة بكورونا في يوم واحد، وذلك للمرة الأولى منذ بداية الجائحة. ورغم تزايد الأعداد، تتطلع الحكومة إلى أن تؤدي التطعيمات إلى كسر سلاسل العدوى وتقليل الحالات الخطيرة. وحتى الآن، يبدو أن البيانات تدعم هذا النهج، حيث يرتفع عدد حالات الإصابة في المستشفيات بوتيرة أقل بكثير من حالات الإصابة الجديدة بشكل عام. وتلقى أكثر من نصف سكان اسكتلندا، البالغ عددهم 5.5 مليون نسمة، جرعتين من اللقاح حتى الآن. وأعلنت الحكومة عن قلقها من أن معدل التطعيم قد بدأ في التباطؤ مع عزوف الأجيال الشابة عن تلقي اللقاحات.