تتواصل الاحتجاجات على قرارات التحكيم بالبطولة الوطنية لكرة القدم، خاصة بقسمها الأول، حيث الصراع على تحقيق المكاسب على أشده، سواء بالنسبة للراغبين في كسب اللقب، أو الفرق التي تسعى جاهدة للحفاظ على مكانة تحت "الشمس". والغريب أن ما يسمى بأخطاء الحكام، تحولت إلى موضوع مزايدة، تجاوزت إطارها الرياضي الصرف، لتصل إلى مجالات النفوذ واختبار القوة، بين مجموعة من المتدخلين والفاعلين، حيث تشهد الساحة نوعا من التعبئة، وحشد الدعم، وكأننا أمام حرب حقيقية شعارها البقاء للأقوى. صحيح أن هناك احتجاجات من طرف العديد من الأندية، وهناك أيضا بلاغات تسير في نفس الاتجاه، وهناك بالفعل أخطاء غير مقبولة، تحدث حتى بحضور تقنية الفيديو، لكن ما يصدر عن فريقي الوداد والرجاء شيء، وباقي الأندية شيء آخر، مختلف تماما عن ما يروج على الساحة. إنه بالفعل تصعيد واختبار قوة من طرف الناديين الكبيرين، تغذيه حرب بلاغات منذ بداية الموسم الجاري، تراشقات تتجاوز كالعادة الإطار الرياضي، لتتحول إلى إساءة للأشخاص فرادى وجماعات، دون أدنى شعور بالمسؤولية، وكأن من يصعد أو يبالغ هو الأكثر غيرة وحبا ووفاء. والغريب أن بعض الصحفيين الرياضيين، وعوض أن يأخذوا مسافة من هذا الصراع، ويختارون الحياد الإيجابي، انخرطوا سواء عن قصد أو بدونه وسط هذا الصراع المحموم، بل هناك من ينطلق من خيار الولاء لهذه الجهة أو تلك، والتعبير عن موقف يسير في اتجاه ما يريده، إما هذا الطرف أو ذاك، بل تصل بعض الحالات إلى ضرب لشرف المهنة، وعدم احترام ميثاق الشرف. هناك بالفعل أخطاء غير مقبولة خصوصا في زمن "الفار"، أخطاء استفادت منها أغلب الفرق، وهناك من تأثر أيضا، لكن أن يتحول المجال إلى ساحة لتصفية الحسابات، وحرب نفوذ، وطريقة لتحويل الأنظار عن المشاكل الحقيقية، فهذا المنحى هو ما تقتضي المصلحة العامة رفضه، وعدم السماح باستمراره، لما له من تداعيات وتأثير سلبي، خاصة على الحكام. إنه إشكال حقيقي يتزايد حجمه حتى في زمن "الفار"، التقنية التي كان من المفروض أن تنقص من حرب البلاغات وكثرة الاحتجاجات لدى الأندية، وما يتفرع عنها من منتسبين يغلب على سلوكهم، وردود أفعالهم طابع التصعيد والمزايدة، بل وحتى الإساءة. الأخطاء واضحة إذن والتصعيد أصبح واقعا مألوفا، ومسؤولية الجامعة ولجانها ومديرياتها قائمة، والإصلاح أصبح أكثر من أي وقت مضى، عاجلا.