نظمت جمعية الألفية الثالثة لتنمية الفعل الجمعوي بالجنوب الشرقي بصفتها التنسيقية الوطنية لشبكة "أناروز"، في بحر الأسبوع الماضي بالرشيدية، ندوة وطنية حول موضوع "تزويج القاصرات بين واقع تحكمه الأعراف وقانون تشوبه اختلالات". وعرف هذا اللقاء، الذي نظم بتنسيق مع صندوق الأممالمتحدة للسكان وبتعاون مع سفارة كندا بالمغرب، حضور قضاة ومحامين وحقوقيين، وفعاليات من المجتمع المدني وممثلي صندوق الأممالمتحدة للسكان والتنسيقيات الجهوية لشبكة "أناروز". وهدفت هذه الندوة إلى الوقوف على واقع ظاهرة زواج القاصرات، ومناقشة أسباب هذه الظاهرة ونتائجها وأبعادها، وصياغة مقترحات عملية للحد منها، وإصدار توصيات من أجل إدراجها بالمذكرة الترافعية . وتم التطرق إلى محاور تهم، على الخصوص، "زواج القاصرات من خلال مدونة الأسرة .. بين النص والواقع"، و"أهمية الخبرة الطبية في الحد من المشاكل الصحية الناجمة عن زواج القاصرات"، مع عرض "تجربة شبكة أناروز في المرافعة من أجل إصلاح مدونة السرة، خاصة ما يتعلق بزواج القاصر". وبالمناسبة، أكد ممثل صندوق الأمم المتحددة للسكان بالمغرب، لويس مورا، أن زواج الأطفال يعد موضوعا هاما ورئيسيا يشكل باستمرار تحديا حقيقيا بالنسبة لحماية حقوق الإنسان والفرص الخاصة بالفتيات في المغرب والعالم. وأوضح أن هذا النقاش يشكل مناسبة للترافع من أجل مشاركة جميع الفاعلين المؤسساتيين والمجتمع المدني في وضع استراتيجية مندمجة تحدد الأولويات في مجال الإصلاحات التشريعية والاقتصادية والاجتماعية الهادفة إلى وضع حد لزواج القاصرات في أفق سنة 2030 كما هو مسطر في أهداف التنمية المستدامة. وأضاف أن "زواج الفتيات هو انتهاك لحقوق الإنسان. ورغم أن القوانين تمنعه، فإن الممارسة تظل غير ذلك. وبحسب الإحصائيات فإن فتاة واحدة من أصل خمس فتيات في العالم تتزوج أو مرتبطة قبل بلوغ سنة 18 عاما". كما أشار إلى أن صندوق الأممالمتحدة للسكان يدعم، في إطار مساندة المغرب للاستجابة لملتمسات المؤتمر الدولي حول السكان والتنمية وفي سياق متابعة الأهداف العالمية، تعزيز الإطار التنظيمي والعملي والجدوى العلمية حول العنف ضد النساء والفتيات. من جهته، أكد كريم بناني، رئيس جمعية الألفية الثالثة لتنمية الفعل الجمعوي بالجنوب الشرقي، أن هذه الندوة تندرج في إطار اتفاقية شراكة بين صندوق الأممالمتحدة للسكان في المغرب والجمعية بصفتها التنسيقية الوطنية لشبكة "أناروز" (الشبكة الوطنية لمراكز الاستماع للنساء ضحايا العنف)، بهدف محاربة ظاهرة زواج القاصرات. وأبرز أنه يتم تنفيذ هذه الاتفاقية، ضمن مشروع تعزيز حقوق النساء في الصحة الجنسية والإنجابية والمساواة بين الجنسين في المغرب، بدعم من سفارة كندا في المغرب، مضيفا أنها تروم أيضا تعزيز الترافع ضد زواج الأطفال وضمان التكفل بالنساء ضحايا العنف خلال أزمة كوفيد-19. وأوضح أن هذه الندوة تأتي كذلك في إطار سلسلة المرافعات التي دأبت جمعية الألفية الثالثة على القيام بها منذ عدة سنوات بالتعاون مع شبكة "أناروز" بهدف مكافحة جميع أشكال التمييز ضد المرأة. وذكر بناني بأن دستور 2011 يكرس حقوق الإنسان المتعارف عليها عالميا وينص على حماية هذه الحقوق مع مراعاة عالميتها وعدم قابليتها للتجزئة. وأشار إلى أن زواج الأطفال من الممارسات التي تتم محاربتها بشكل كبير في جميع أنحاء العالم، مضيفا أن هذه الممارسة تعتبر في المغرب تراثا ثقافيا متأثرا بالعادات. من جانبها، قدمت حنان رباني، المنسقة الإقليمية للنوع الاجتماعي لحقوق الإنسان والثقافة للمكتب الإقليمي للدول العربية لصندوق الأممالمتحدة للسكان، في مداخلة عبر تقنية الفيديو، العديد من التوصيات التي يمكن أن تساعد في القضاء على هذه الظاهرة. وشددت على ضرورة رفع السن القانوني للزواج إلى 18 عاما دون الاستثناءات التي تقيد القانون والتي تنتشر في كل الدول العربية. ودعت إلى تطبيق القانون حينما تلجأ الفتيات ضحايا الزواج المبكر أو المتزوجات بالفعل إلى العدالة طلبا للحماية، مبرزة أهمية العمل المشترك بين الحكومات والمجتمع المدني والشركاء الآخرين من أجل ضمان حصول الفتيات على التعليم والخدمات الصحية والتربية الجنسية الشاملة والتدريب على المهارات الحياتية لتحقيق الاستقلال الذاتي. كما أبرزت ضرورة التعامل مع زواج القاصرات كقضية مشتركة تمس المجتمع بكامله لكون ضررها لا يقتصر فقط على الفتاة.