لقد كان المخرج الدانمركي لارس فون تراير من المعجبين بالفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه، والذي كان مثار إعجاب أدولف هتلر، مذ كان في الثانية عشرة من عمره، كما انه عبر عن رغبته غير ذات مرة، في إخراج فيلم عن هتلر، يتناول فيه الجوانب الإنسانية في شخصية الزعيم النازي. فحقيقة انه كان يعتقد انه يهودي حتى سن الثالثة والثلاثين لم تمنع تراير (55 عاما) من الإدلاء بتصريحات مثيرة للجدل كقوله على هامش مشاركته في مهرجان كان السينمائي مؤخراً انه يتفهم ويتعاطف مع هتلر، وبأنه نازي. وكانت النتيجة طرده من المهرجان وشن المنظمات اليهودية من مختلف أنحاء العالم حملة على المخرج الدانمركي. والمعروف عن تراير انه كان يمقت المدارس، وقد ترك المدرسة واتجه لدراسة السينما منذ الثانية عشرة، وتخرج من كلية الأفلام الوطنية الدانمركية، وفاز بإحدى جوائز مهرجان كان عام 1984 على احد أفلامه وهو لم يتعد الثامنة والعشرين وفي عام 1991 فاز بجائزة المحكمين في المهرجان ولكنه كان يتخذ موقفا مناهضا من هوليوود ونظامه. راقصة في الظلام لقد مكنته الأموال التي حصل عليها من الجوائز من بناء استوديوهات خاصة به في إحدى ضواحي كوبنهاغن، حيث لا يزال يعمل، وصنع له اسماً بارزاً في بلاده إبان التسعينات من خلال أعمال مميزة من أهمها المسلسل التلفزيوني السوريالي بعنوان «المملكة» وفي عام 1996 عاد إلى الشاشة الكبيرة من خلال فيلمه الشهير Breaking With The Waves وتبعه عام 98 فيلم «الأبله» The Idiot. ووصلت شهرة تراير الآفاق عام 2000 من خلال فيلمه الأشهر «راقصة في الظلام» Dancer In The Dark، الذي فاز بجائزة السعفة الذهبية لمهرجان كان السينمائي. هذه الجائزة أغرت الممثلة نيكول كيدمان للعمل معه في فيلم Dog Cville ولكنها اختلفت معه حول تفاصيل الشخصية في الفيلم، ولم تعمل معه بعد ذلك، وفازت شارلوت غينسبورك بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان كان عام 2009 عن دورها في فيلم بعنوان «المسيح الدجال» Antichrist. مواقف مشوشة لقد تعرض تراير إلى انتقادات واسعة من النقاد والصحافيين لإفراطه في عرض الجنس والعنف في أفلامه، فرد في مؤتمر صحفي بالقول: «أنا أفضل مخرج سينمائي في العالم»! ورد على سؤال عن سبب اختيار امرأة لتلعب دور المسيح الدجال بالقول انه احتجاج على سيطرة الرجال على الكنيسة. ومن الواضح أن موقف هذا المخرج الدانمركي من الدين مشوش مثل مواقفه تجاه الكائنات البشرية الأخرى ككل، فعلى الرغم انه نشأ في كنف أب ملحد، لكن عائلته ذات خلفية يهودية في بلد بروتستانتي، ويقول انه كان يستطيع إطلاق النكات عن اليهود ولكن لم يعد بوسعه أن يفعل ذلك. لقد علم من والدته وهي تحتضر أنها تبنته وان والده الحقيقي هو موسيقي ألماني كاثوليكي، واخذ يبحث عن والده لسنوات، بل انه تحول إلى المذهب الكاثوليكي، لقد عاش تراير طفولة خالية من القواعد والقيود، ولكنها كانت خالية من المتعة كذلك. وفي النهاية، اضطر للاعتذار عن تصريحاته عن هتلر والنازية، وقال انه يدرك أن «الهولوكوست هي الجريمة الأكبر ضد الإنسانية»، ودافع عن حرية التعبير في الدانمرك.