لا شك أن دورة الألعاب الأولمبية الصيفية تظل أهم حدث رياضي على مستوى العالم ما دامت مسرحا للتنافس على المعدن الأولمبي من ذهب وفضة وبرونز بين أبطال وبطلات في رياضات عريقة ومتنوعة جماعية وفردية. تظاهرة كونية تطورت مع مرور السنوات منذ أول دورة أولمبية بأثينا سنة 1896، انتهاء بأولمبياد طوكيو 2020 التي كانت مقررة الصيف الماضي لكنها تأجلت إلى العام الجاري بسبب جائحة كورونا. وبالنسبة للرياضة المغربية، فقد تأخر ظهورها في هذا المحفل الكوني إلى سنة 1960 عندما شاركت أولمبياد روما في 10 أنواع رياضية، إلا أنها كانت مشاركة مميزة بظفر العداء عبد السلام الراضي بفضية سباق الماراطون. في المجمل شارك المغرب بالأولمبياد في 14 دورة منذ 1960 ولم يغب سوى عن نسخة 1980 بموسكو احتجاجا على غزو الاتحاد السوفياتي لأفغانستان، وحصد ما مجموعه 22 ميدالية (6 ذهبيات و5 فضيات و11 برونزية). ومع تبقي قرابة 100 يوم على انطلاقة الأولمبياد الياباني، ارتأت بيان اليوم أن تنبش في تاريخ المشاركة المغربية بالألعاب الأولمبية، وأن تعرض معطيات وأرقاما حول الحضور المغربي في 14 دورة أولمبية بما عرفتها من نجاح وتوهج وإخفاق وانكسار. الحلقة السابعة لوس أنجلوس 1984 .. عويطة يكسر هيمنة البريطانيين والمتوكل أول عربية تحرز ميدالية أولمبية بعدما قاطع المغرب في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية 1980 بموسكو، بسبب غزو الجيش السوفياتي لأفغانستان، عادت الرياضة المغربية للظهور مجددا بالأولمبياد، وهذه المرة بدورة لوس أنجلوس الأمريكية، والتي أقيمت في الفترة ما بين 29 يوليوز و12 غشت 1984، بوفد ضم 33 رياضي ورياضية واحدة نافسوا في 6 ألعاب هي ألعاب القوى وكرة القدم والملاكمة والمصارعة والجيدو وسباق الدراجات. الأولمبياد الأمريكي كان فأل خير على المغرب الذي نجح في صعود منصة التتويج في مناسبتين بواسطة العداء سعيد عويطة الذي أحرز الميدالية الذهبية لسباق 5000 متر بتوقيت 13 دقيقة و5 ثوان و59/100، والعداءة الواعدة نوال المتوكل الفائزة بالميدالية الذهبية لسباق 400 متر حواجز بزمن قدره 54 ثانية و61/100، ما مكنه من احتلال المركز 18 في سبورة الترتيب العام من أصل 140 دولة. ولم يكن إنجاز عويطة مفاجئا بعدما دخل منافسات سباق 5000 متر الذي احتكره البريطانيون في السنوات الأخيرة، بطلا لإفريقيا في سباق 1500 متر، وقبلها بعام أحرز ميداليتين ذهبيتين في سباقي 800 و1500 متر بدورة العاب بحر الأبيض المتوسط بالدار البيضاء، إضافة إلى برونزية سباق 1500 متر بطولة العالم في هلسنكي. ويعلق عويطة على ذلك قائلا "كنت واثقا من تتويجي بإحدى الميداليات. كانت استعداداتي للأولمبياد جيدة بمشاركتي في بطولة العالم وألعاب البحر الأبيض المتوسط ومنافسات أخرى. وبفضلها تمكنت من تصحيح بعض الأخطاء. كما أنني حققت أرقاما شخصية جيدة". ويقر البطل المغربي بأنه واجه بعض الصعوبات "تمت برمجة السباقات بشكل متباعد. وطلب مني أن أختار المشاركة في سباقين من أصل ثلاثة. لأني كنت أهدد مشاركة العدائين البريطانيين. وفي النهاية اخترت سباقي 1500 و5000 متر". ويضيف عويطة "قبل أسبوعين على انطلاقة الأولمبياد تعرضت لإصابة في الفخذ. وبعد التشاور مع وكيل أعمالي وزوجتي قررت أن لا أشارك في سباق 1500 متر". وبالنسبة للمتوكل التي أصبحت أول رياضية عربية تفوز بالمعدن الأولمبي، فقد دخلت هي الأخرى المنافسات الأولمبية في أتم الجاهزية، على وقع هيمنة على سباقات السرعة محليا، وفازت بذهبية في دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط بالدار البيضاء سنة 1983، وتوجت بذهبيتي سباقي 200م و400 متر حواجز في بطولة إفريقيا بالرباط. ورغم ذلك، لم يكن أحد يراهن على انتزاع العداءة المغربية للمركز الأول في نهائي 400 متر، في ظل تواجد عداءات أوفر حظا، كالأمريكية جودي بروان والرومانية كريستينا كوجوكارو، علما أن السباق عرف غياب عداءات الاتحاد السوفياتي وألمانيا الشرقية بسبب المقاطعة، وهن اللواتي سيطرن على هاته المسافة في بطولة العالم في هلسنكي. وتتحدث المتوكل عن السباق قائلة "كنت أثق في قدرتي على بلوغي النهائي ضمن أفضل 8 عداءات. مدربي كان يحفزني وكان يثق في إمكانياتي للفوز بالسباق". وتؤكد البطلة المغربية أنها شعرت بسعادة عارمة بعد بلوغ خط النهاية، لكنها أحست أيضا بالحزن لأن والدها (توفي قبل أشهر) لم يكن موجودا لمشاركتها تلك اللحظة التي تصفها ب "العظيمة" و"ستبقى عالقة في ذهني إلى الأبد".