رحل الفقيد ندير يعته عن هذه الحياة قبل خمسة وعشرين سنة بالتمام والكمال، وبالضبط يوم الجمعة 12 أبريل 1996 بمدينة الدارالبيضاء، بعد أربع سنوات من حادثة السير المفجعة التي تعرض لها في الطريق السيار بين مدينتي الرباطوالدارالبيضاء، ومعاناته مع تداعياتها القاسية وما سببته له من إعاقة حركية، تاركا مساحة فارغة في الحقل الإعلامي المغربي تعذر ملؤها، وبصمات فكرية وسياسية في المشهد الحزبي يصعب محوها. النشأة.. محيط عائلي سياسي ولد الفقيد ندير يعته يوم الخميس 10 يوليوز 1952 بالدائرة الحادية عشر (11) بالعاصمة الفرنسية، حيث رأى نور الحياة، كتوأمه فهد وأختيه المرحومة ليلى وسامية، بالعاصمة الفرنسية في بداية النصف الثاني من القرن 20، حيث كان والده الراحل علي يعته الأمين العام للحزب الشيوعي المغربي يعيش في ظروف قساوة المنفى، وصعوبات العمل السري، جراء المتابعات البوليسية والمضايقات القمعية من طرف السلطات الاستعمارية الفرنسية بالمغرب، بل إنه قضى فترات متقطعة في مراكز سجنية بمارسيليا وبباريس " Fresnes/ Baumette / Santé". وبخصوص الدائرة 11، فهي تقع على الضفة اليمنى لنهر السين (Seine)، مابين أشهر ساحات مدينة باريس: ساحة الأمة "La Nation"، وساحة الجمهورية "La République" وهما فضاءان تنظم فيهما عادة المظاهرات التي تدعو لها الأحزاب السياسية اليسارية أو المنظمات النقابية، ثم ساحة لاباستيل" La Bastille" المكان الرمزي للثورة الفرنسية. وإذا كانت هذه الدائرة تعتبر اليوم دائرة "شعبية"، وتعرف بقلة نشاطها السياحي مقارنة مع دوائر أخرى، فقد سكنتها، عدة شخصيات طبعت تاريخ الفرنسي السياسي والثقافي والفني، نذكر منهم: السياسي ليون بلوم، الفنان بابلو بيكاسو، الشاعر بول فيرلين. كما أنها شهدت أحداثا استثنائية في تاريخ فرنسا عموما ومدينة باريس على وجه الخصوص، بحكم موقعها في قلب الحراك الثوري والانتفاضات العمالية في القرن التاسع عشر، وقلعة لخلايا المقاومة الفرنسية وملجأ وكذا للتنظيمات الشيوعية خلال الحرب العالمية الثانية، كما أنها كانت في ما مضى من الزمن تعد حيا عماليا بحكم احتضانه لنسيج مكثف من المقاولات الصناعية والتجارية التقليدية. وتميزت نشأة ندير يعته، كباقي إخوانه، في محيط عائلي يخيم عليه الالتزام السياسي الوطني والنشاط الثوري من جهة والده علي يعته وكذلك من جهة أسرة والدته، علاوة على احتكاكه، منذ طفولته، بقادة الحزب وأصدقاء والده خلال زياراتهم للبيت العائلي. الفترة الباريسية.. تحصيل ونضال وتكوين إثر إكمال ندير لمراحل التعليم الابتدائي والثانوي بمدينة الدارالبيضاء بعد عودة الأب من المنفى، التحق بفرنسا لمتابعة دراسته الجامعية بباريس في تخصص العلوم السياسية، ولينخرط في التنظيم الحزبي الذي يجمع الطلبة والعمال المهاجرين بالديار الفرنسية كما كانت التسمية حينها. وخلال هذه المرحلة، انغمس في النضال داخل صفوف المنظمة النقابية الاتحاد الوطني لطلبة المغرب (UNEM)، ويتذكر الطلاب المناضلون أعضاء المجلس الفيدرالي بأوروبا الغربية آنذاك مستوى تدخلاته وتحاليله في الاجتماعات والمؤتمرات، إلى جانب رفاقه المناضلين في التحرر والاشتراكية ثم التقدم والاشتراكية، وبكونه كان مدافعا صلبا عن القيم الوطنية والمبادئ الديمقراطية والتطلعات الشعبية، يشارك في إغناء النقاشات السياسية العامة ويتألق في سجالات الصراع الفكري والإيديولوجي مع الخصوم السياسيين للحزب وأعداء الوطن، وفي خضم هذه المعارك التي لا تفسد للود قضية ربط علاقات صداقة واسعة مع العديد من الأطر الطلابية المغربية الذين تقلدوا مناصب ومهام سياسية بعد عودتهم لأرض الوطن. وبالنسبة للدفاع عن قضية الصحراء المغربية والوضع الديمقراطي بالمغرب، سواء في أوساط الطلاب المغاربة أو الأوساط اليسارية الفرنسية، فقد كان محاورا ومجادلا قويا، يجعل مخاطبيه يحسون أنهم أمام شخص ذي رؤيا واضحة يدعو للتفاؤل الثوري وله مستقبل واعد. علاوة على مساهماته في دعم التضامن المغاربي بحكم عضويته في جمعية طلاب شمال إفريقيا (AEMNA) التي كانت تجمع المكونات الثلاثة للطلاب المغاربيين من دول المغرب والجزائر وتونس. ولم يمنعه نشاطه السياسي والطلابي من إكمال مشواره الجامعي بتفوق وإنجاز أطروحته في الدكتوراه حول موضوع العلاقات الاقتصادية والسياسية بين المغرب والاتحاد السوفييتي. مدرسة "AL BAYANE" بعد عودته إلى المغرب عام 1978 التحق بسلك التدريس الجامعي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية بالدارالبيضاء، وقد كان يحظي بتقدير واحترام كبيرين من طرف زملائه الأساتذة ومن طلبته، بفضل طريقة تدريسه ومنهجيته التربوية وجديته في العمل وجاهزيته للعطاء الفكري إزاء طلبته ومفهومه للمساندة وللتقاسم المعرفي إزاء هيئة التدريس. وبموازاة مع عمله الأكاديمي، انخرط كصحفي متطوع في هيئة تحرير جريدة AL BAYANE "البيان" باللغة الفرنسية، التي كانت تصدر أسبوعيا، ورغم الصعوبات المادية والتقنية والإكراهات السياسية فقد تمكن بعد مدة من التمرن المهني والتكيف مع المشهد الإعلامي والوضع السياسي والإخلاص لحزبه من إعطاء دفعة حقيقية للجريدة الناطقة باسم حزب التقدم والاشتراكية في طبعتها الفرنسية بالخصوص، بفضل تفرغه المستمر وتسخير قلمه لقضايا الوطن والدفاع عن الطبقات الشعبية والعمال والفلاحين الصغار والمثقفين المتنورين. وعرفت جريدة AL BAYANE دفعة قوية خلال الخمس عشرة سنة تحت رئاسة تحرير ندير، وأصبحت الجريد الأكثر مقروئية في المغرب، والمفضلة لدى العديد من المثقفين، وطبعا بفضل المساهمات التطوعية المستمرة باللغة الفرنسية لأعضاء من قيادة الحزب، نذكر منهم عزيز بلال وشمعون ليفي وخالد الناصري وميمون حبريش ومحمد فرحات ومحمد أنيق وعبد القادر برادة وفهد يعته وعبد القادر الجمالي ومصطفى الزاوي غيرهم. حضور وطني وإشعاع دولي لقد طبع ندير المشهد الإعلامي المغربي، وتجاوز إشعاعه حدود المغرب ليبرز اسمه كأشهر صحفي مغربي وعربي وإفريقي، حيث كانت الجريدة الفرنسية (لوموند) تنشر من حين لآخر مقالاته بصفحتها الخاصة بالشؤون الإفريقية، وحصل على جائزة منظمة الأممالمتحدة للسكان FNUAP المخصصة لمكافأة كل شخص ساهم بكيفية ملحوظة في تعبئة المجتمع العالمي حول القضايا مرتبطة بالسكان وإيجاد الحلول لها. كما أسمع صوت الصحافة المغربية والعربية داخل قاعات الأممالمتحدة، وتم استقباله من طرف الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب الذي خصه بحوار صحفي، وهو أول حوار لصحفي عربي إفريقي مع رئيس أمريكي. ورغم معاناته مع المرض بعد الحادثة المشؤومة، وصعوبة التحرك، فقد كان يصر على الحضور اليومي إلى مقر الجريدة من أجل العمل والعطاء بسخاء، وكذلك الأمر حين كان نزيلا بالمستشفى العسكري بالرباط أو بمستشفى la Salpêtrière بباريس أو بالمستشفى الأمريكي. وقد حظي الفقيد ندير طيلة مرحلة المرض بالعناية الكريمة للملك الحسن الثاني رحمه الله الذي كان يكن لشخصه كل التقدير والإعجاب لدوره الإعلامي وإسهامه السياسي. العمل الإعلامي.. تفتح وجرأة زيادة على تحرير ندير لافتتاحية يومية غالبا بتوجيه من مدير الجريدة السي علي تحمل توقيع "البيان"، وتحرير مقال مركزي بتوقيعه أو "أبو سوسن"، فإنه كان حريصا كذلك على كتابة تعليق قصير يومي تحت عنوان «Mais dit l'autre» إلى جانب زاوية ساخرة منتظمة «Les mauvaises Langues» يفتحها بين الفينة والأخرى لمساهمات بعض أعضاء هيئة التحرير. وتميزت الافتتاحيات التي كتبها والمقالات اليومية التي نشرها بنكهة فريدة من نوعها، بما تتسم به من جدية في المعالجة الصحفية ومن صرامة في استعمال قواعد اللغة الفرنسية، ومن قدرة هائلة على طرح الأفكار وسلاسة في التعبير عن المواقف والطروحات ونزاهة فكرية عند توجيه الانتقادات، الأمر الذي ساهم في توسيع دائرة قراء الجريدة يوما عن يوم، واستجلاب أقلام جديدة لها، وفي تزايد أعداد المعجبين بأسلوبه السهل الممتنع وجرأته السياسية، وبالتالي المتعاطفين مع الحزب. كما كان خلال مروره في البرامج الحوارية التلفزية بالقناتين المغربيتين يبهر المشاهدين والمتتبعين لما يظهره من مواهب شخصية كإعلامي متألق وسياسي متميز إن "البيان" كجريدة حزبية مدينة لنظرته ولرؤيته، حيث عمل بشكل كبير على إحداث تغييرات ملحوظة في شكلها ومضمونها، كما ساهم بشكل نشيط ودؤوب في تحويل بعض الأفكار وتجاوز القوالب الجاهزة داخل الحزب، وإغناء أطروحات الحزب السياسية، واستطاع جلب مناصرين ومؤيدين لمقاربته الجديدة على أساس الوفاء للنظرية الاشتراكية ولمصالح الطبقات الشعبية دون أي تنكر للمبادئ الديمقراطية والأفكار التقدمية. العمل الحزبي.. إغناء وتجديد لم يكن ندير غريبا عن التحولات السياسية الكبيرة التي كانت تخترق المجتمع المغربي، أو بعيدا عن النضالات التي يخوضها حزب التقدم والاشتراكية، وبفضل نشاطه وما اكتسبه من خبرة وما حققه من مكتسبات وما أبان عنه من استعداد، فقد استطاع بعد وقت غير طويل أن يصير أحد الأطر السياسية الجديدة التي تحملت المسؤولية في قيادة الحزب، حيث تم انتخابه باللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية في المؤتمر الوطني الثاني للحزب عام 1979 ثم بالمكتب السياسي في المؤتمر الوطني الرابع عام 1989 وفي هذا السياق، لا يمكن القفز على مساهمته الرائعة القيمة والعميقة في النقاش داخل اللجنة المركزية التي ظل اجتماعها مفتوحة لدورات إثر سقوط جدار برلين، والتي تم نشر صيغتها بالفرنسية بجريدة "البيان" وصيغتها المترجمة إلى العربية بجريدة "بيان اليوم" بالعربية، تحت عنوان (في نهايتي تكمن بدايتي). كان رجلا ذا قيمة إنسانية كبيرة، مواطنا محبا لوطنه، مناضلا بحماس وتفاؤل، عرف كيف يوظف ذكاءه لفائدة حزبه وخدمة شعبه، ما جعل مساره في الحياة مسارا إيجابيا بكل تأكيد، وبوأه مكانة فاعل سياسي من الطراز الرفيع بما لا يقبل الجدل. دليلة.. رفيقة الدرب £في الأخير، لا بد من تذكر رفيقة حياته دليلة زمامة التي تابعت تربية الابنة سوسن والابن إلياس، فقد فارقت الحياة بعد 23 سنة من رحيل زوجها إثر تدهور مفاجئ لحالتها الصحية خلال شهر دجنبر 2019، وذلك بعد فترة قصيرة في إحدى العيادات الخاصة بالدارالبيضاء، وخلال نقلها إلى فرنسا للعلاج توفيت في طريقها بمدينة "بايون" جنوبفرنسا، وتم دفن جثمانها بالجناح الإسلامي لمقبرة "ثياس" بضواحي باريس بحضور أفراد العائلة والأقرباء. فالرحمة والسكينة والسلام لروحه الطاهرة.. والخلود لتراثه الإعلامي والسياسي. *** إسماعيل العلوي رئيس مجلس رئاسة حزب التقدم والاشتراكية: الراحل ندير يعته شعلة من الذكاء بحس سياسي ثاقب في الواقع، ماذا يسعني أن أقول في حق الراحل الرفيق ندير يعته، لقد كان رحمه الله، شعلة من الذكاء، وكان يتميز بحس سياسي ثاقب، وفي نفس الوقت كان يتميز بأقصى درجات البشاشة، وحسن التواصل مع الناس، ولعمري أنه ورث هذه الخصال مجتمعة عن والده الرفيق الراحل علي يعته رحمه الله. لقد مثلت وفاة الرفيق ندير يعته، خسارة كبير بالنسبة للصحافة المغربية وبالنسبة لحزب التقدم والاشتراكية، فقد كان رحمه الله مؤهلا لاحتلال مواقع مرموقة في صفوف مناضلات ومناضلي حزب التقدم والاشتراكية، مواقع أكثر من تلك التي كان يحتلها قيد حياته. لقد فقد حزب التقدم والاشتراكية، بوفاة الرفيق ندير يعته، مناضلا صلبا، من طينة المناضلين الأشاوس، نتمنى أن يظهر في صفوف حزبنا مناضلين من طينة ندير يعته الذي كان إلى جانب ثلة من الصحفيين، متميزا في كل شيء، سواء من الناحية المهنية كصحفي متألق، أو كمناضل سياسي فذ. *** نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية: ندير يعته كان يجسد قوة نضالية هائلة الرفيق الراحل ندير يعته، ترك آثارا وبصمات عميقة في التاريخ النضالي لحزب التقدم والاشتراكية، وإلى يومنا هذا لازال الكثير من القراء والمثقفين، والمناضلات والمناضلين يتذكرون كتاباته الغزيرة والمعمقة والثاقبة التي كان يملئ بها الصفحات الأولى لجريدة AL BAYANE ، وقد بلغ الأمر من الأهمية والتأثير درجة الوقع المباشر على عدد من القرارات الأساسية والمصيرية التي اتخذتها بلادنا في مجالات وطنية سواء كانت سياسية، أو اقتصادية، أو اجتماعية. فجريدة AL BAYANE عرفت بفضله، وبفضل الرؤية المتنورة لمؤسسها الراحل الرفيق علي يعته، بالطبع، في سياق الجهود والقرارات الجماعية لقيادة الحزب، عرفت الجريدة تطورا ملحوظا في أوساط مختلفة، وبفعل هذا العطاء المتميز، أضحى ندير يعته يحتل مكانة متميزة في حزب التقدم والاشتراكية، مما أهله ليحظى بشرف العضوية في المكتب السياسي للحزب سنة 1995 على إثر المؤتمر الوطني الخامس، وهي السنة نفسها والمناسبة ذاتها التي صعدت فيها أنا أيضا إلى المكتب السياسي. مع الأسف، شاءت الأقدار، أولا بعد تعرضه لحادث سير بين الرباطوالدارالبيضاء، وثانيا بعد مرض عضال لم ينفع معه العلاج، أن يغادرنا يوم 12 أبريل 1996 سنوات قليلة قبل أن يغادرنا إلى دار البقاء، والده زعيمنا الراحل علي يعته. ولا يفوتني بهذه المناسبة أن أعود إلى سنوات السبعينيات من القرن الماضي، حيث وصلت إلى باريس من أجل متابعة دراستي الجامعية، وتعرفت حينها على عدد من المناضلين الكبار، والقامات الهائلة التي تعلمت بفضلها الكثير، وكان لها دور أساسي في التحاقي بحزب التقدم والاشتراكية، من ضمنها الرفيق ندير يعته رحمه الله، الذي كان يجسد قوة نضالية هائلة خاصة داخل صفوف الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، حيث كانت تحاليله ثاقبة، وكان صوته مدويا في الجموع العامة لهذه النقابة الطلابية العتيدة، ومن ثمة بدأت علاقتي به، وتطورت بشكل ملحوظ، رغم وجود تفاوت في السن بيننا. وعند عودتي من فرنسا إلى أرض الوطن سنة 1985، أي بعد سبع أو ست سنوات على عودة الراحل ندير يعته، توطدت العلاقة، باعتبارها علاقة نضالية مبنية على تناغم كبير في المواقف والمقاربات التي كانت تسير في سياق الرؤية الثاقبة التي كان يقودها الرفيق علي يعته، وغالبية أعضاء القيادة الوطنية للحزب آنذاك، لبلورة ما كنا نسميه باستراتجية الوفاء والتجديد، وخضنا، معا، في هذا السياق معارك كثيرة للعمل على توطيد انفتاح الحزب على محيطه، لكن وفي الوقت ذاته، الدفاع والاستماتة من أجل صيانة استقلالية قرار الحزب رغم بعض المحاولات التي يتذكر الجميع والتي تبلورت خلال فترة التسعينيات من القرن الماضي. كما أن هذه العلاقة جعلتني أكون من المحظوظين الذين دخلوا، وتعرفوا على الحياة العائلية للرفيق ندير يعته رحمه الله، وبهذه المناسبة الأليمة أجدد الترحم على روحه الطاهرة وعلى روح زوجته الفاضلة دليلة، وأوجه التحية والتقدير لابنته سوسن وابنه إلياس. *** عبد الواحد سهيل: رحيل ندير كان خسارة كبيرة للحزب وللصحافة الوطنية: ندير يعتة كبر في الظروف التي عاشها والده الرفيق علي، ظروف النفي والاعتقالات، وقد عاش صغره هو وأخوه وأخته في الخارج، والرفيق علي والد ندير دخل إلى المغرب بعد عدة محاولات عدة خلال مرحلة ما بعد الاستقلال، حيث لم يتمكن من الالتحاق ببلاده إلا في حدود سنة 1958. جزء من دراسة ندير كان بالمغرب، ثم انتقل إلى فرنسا، حيث كان يدرس العلوم السياسية. وعندما دخل للمغرب دخل على أساس مزاولته لمهنة أستاذ جامعي، وهذه كانت بدايته، كأستاذ جامعي مساعد، ولكن في نفس الوقت كان مناضلا لحزب التقدم والاشتراكية عندما كان طالبا بفرنسا وخاض معارك مع رفاقنا آنذاك في نهاية الستينيات وحتى أواخر السبعينيات منها المواجهات التي كانت بين الحركات الطلابية آنذاك، والوضع السياسي في المغرب الذي كان جد مضطرب، والدور الذي كان يلعبه الطلبة المغاربة بالخارج وتأثيرهم على الرأي العام للبلدان التي كانوا يعيشون فيها، حيث كان ندير من المناضلين البارزين ضمن طلبة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وكذلك في حزب التحرر والاشتراكية، ثم حزب التقدم والاشتراكية فيما بعد. عندما دخل ندير وأخاه فهد للمغرب، التحقا بالبيان، لأن الالتحاق بالجريدة آنذاك كان شيئا عاديا، أي كان تطوعيا. جريدة البيان إنذاك كان يشرف عليها صحفون دائمين لكن قلائل العدد. وكان يساهم فيه الكثير من المناضلين، وبهذه الطريقة التحقوا ليساعدوا الجريدة ويتمرسوا في العمل الصحفي الذي لم يكن اختصاصهم، ولكن تكوينهم السياسي، والنقاش الغني والمثمر الذي كان وسط الساحة السياسية المغربية والدور الذي كان يلعبه حزب التقدم والاشتراكية ساهم في بروز قلم ندير، كقلم بتكوين سياسي وثقافي كبيرين إلى جانب والده ورفاق آخرين كانوا يشتغلون بالبيان أو يساهمون فيها، ومن بينهم على سبيل المثال فقط خالد الناصري، ومحمد بنيس، وشمعون ليفي، وشعيب الريفي، وعبد السلام بورقية، وكنت أيضا أساهم في الصفحة الاقتصادية... وسط هذا الجو العام، ساهم الشاب ندير وأخوه فهد في جعل البيان صحيفة رأي وازنة في الساحة السياسية. كان لندير قلم رائع، يستطيع أن يعبر به بشكل قوي، ولم يكن الصحفي الذي يمكنه التراجع عن التعبير على الرأي بقوة، وكذلك تكوينه السياسي كان قويا، وكان لديه حدثا قويا للأسف لم ننشره بعد، على الأقل مقاله اليومي "Mais dit l'autre" الذي واكب مرحلة مهمة من التطور الحديث للمغرب، وأرى أنه من واجب جريدة بيان اليوم نشر هذه الحقبة التاريخية التي كانت بقلم ندير. كان رجلا متمكنا فرض اسمه وبصمته وأصبح أحد الوجوه البارزة في الجيل الجديد من المناضلين وقادة الحزب، وكان في مسلكه يذكر بكثير من شيم والده رحم الله، لكن مع كامل الأسف غادرنا ندير في ظروف صعبة. فبعد الحادثة التي أقعدته لمدة، استمر في القيام بدوره القيادي والصحفي، محاربا بشجاعة كبيرة المرض الذي أودى بحياته. وبصراحة، كانت وفاته خسارة كبيرة للحزب وللصحافة الوطنية. ذكراه لا زالت حية وموجودة مع عدد من أصدقائه ورفاقه، أنا عشت عن قرب سواء مع ندير أو مع الرفيق علي. أتذكره بكثير من الاعتزاز والألم. باعتزاز أتذكر دور هذا الشاب. وبألم وحسرة أتذكرالحسرة التي أصابتنا بفقدانه رحمه الله. *** مصطفى البرايمي: مقلدون بتفعيل إرث ندير يعته من الناحية النضالية والعملية خمسة وعشرون سنة مرت على رحيل ندير يعته، الرفيق العزيز، والصديق الحميم والأخ الذي كنا نتقاسم بين العائلتين الصغيرتين، أوقات كبيرة ملؤها السعادة والاستجمام، وفي الوقت ذاته، كثيرا ما كان يسودها نقاش كبير حول مختلف القضايا والأحداث التي كانت تهم الوطن والشعب. فقد كان الراحل ندير يعته رحمه الله، أديبا ألمعيا، وسياسيا ملتزما بوطنيته، وشغوفا بمعرفة كل كبيرة وصغيرة تهم الوطن، إلى درجة أن بعض النكت التي كان يسمعها عن المغرب، كان يأخذها بجد، سواء تلك التي تتعلق بالمعيش اليومي للشعب المغربي، أو تلك المتصلة بتقاليده وأعرافه. وكان رحمه الله متنورا ومتشبعا بكل ما هو تقدمي وبكل ما هو إيجابي، سواء من الجانب النظري، أو من الجانب العملي. كان ندير يعته مناضلا فذا، وكان رحمه الله يعيش كل لحظة في حياته لحزب التقدم والاشتراكية، وكان هاجسه الأساسي هو تحقيق العدالة الاجتماعية ودعم النضال الديمقراطي، والوقوف إلى جانب المستضعفين والدفاع عن حقوقهم. لم يكن الرفيق ندير يعته، فقط، مثقفا ملما بالمراجع الفلسفية والفكرية والاقتصادية، وأستاذا أكاديميا جامعيا فدا، بل كان همه أيضا، هو إيجاد الحلول لمختلف الإشكالات التي كانت تطرح أمامه، ليس لأنه ابن الزعيم الراحل علي يعته، بل لأنه ندير يعته حيث كان يناقش أباه كأب وكأمين عام لحزب التقدم والاشتراكية، مع كل ما يقتضي ذلك من واجب الاحترام للأب وللزعيم التاريخي للحزب الشيوعي المغربي وحزب التحرر والاشتراكية ثم حزب التقدم والاشتراكية، فقد كان رحمه الله يناقش بعمق كبير كل الإشكاليات والقضايا المجتمعية، وكان من الرفاق الذين عملوا على تجاوز تلك الإشكاليات الكبرى التي عرفها الحزب في ذلك السياق التاريخي. الأكيد أن جزء من الشعب المغربي ومن المناضلين لازالوا يعيشون في وجدانهم البرنامج التلفزي الشهير "في الواجهة" الذي كانت تبثه القناة الثانية واستضاف ندير يعته، حيث بقيت أطوار تلك الحلقة عالقة في الأذهان، فقد كانت الأسئلة واضحة وكانت الإجابة أكثر وضوحا، حيث عمل بشكل منهجي وبذكاء خارق على إماطة اللثام عن كل الإشكالات السياسية التي تهم الحزب أو التي تهم المشهد السياسي الوطني بصفة عامة. كما أن الرفيق ندير يعته، لما كان يكتب، كان يفعل ذلك بمهنية عالية، وكان يكتب ما يناضل من أجله، وكان يتعامل مع الأحداث الوطنية والدولية انطلاق من رؤيته الفلسفية انسجاما مع خطه السياسي والفكري، وكان لحادث الغزو العراقي الأثر البليغ على الرفيق ندير يعته، عكس ذلك في مواقفه التي تشهد عليها جريدة AL BAYANE. بالإضافة إلى ذلك كان ندير يعته رحمه الله، أبا رائعا، يحب أبناءه ويربيهم على حب الوطن والشعب، وعلى معرفة الواقع المغربي بكل تفاصله، وكان يربيهم على قيم الإنسانية والعدالة الاجتماعية. وكان مسؤولا على تحرير جريدة AL BAYANE التي عرفت في عهده نموا وانفتاحا ملحوظا، وكان العمود الذي يكتب، نافذا وله مفعول كالقنبلة تنفجر أمام الحدث الذي يكتب حوله، وقد كان لذلك العمود الصدى الواسع داخل مختلف الأوساط المغربية سواء داخل صناع القرار أو وسط السياسيين والمثقفين وعموم فئات الشعب المغربي. رحيل الرفيق ندير يعته شكل خسارة حقيقية بالنسبة لنا، وبالنسبة للرفيق علي يعته الذي لم يقو على فراقه، ولم يتحمل هول الصدمة حينها، على الرغم مما نعرف عنه من صمود وجأش أمام الصعاب، رحيله أيضا هو خسارة للحزب وللوطن. لا شك أن الرفيق ندير يعته، هو اليوم في عالم آخر، يتتبع بكل دقة ما يجري في الوطن وما يجري في العالم اليوم، فقد كان مناضلا تقدميا أمميا بدون طابوهات، فقد كان شخصية لامعة، رحمه الله ورحم الله رفيقة دربه زوجته الفاضلة دليلة، وأطال الله في عمر أبنائه إلياس وسوسن. لا شك أننا مقلدون بتفعيل إرث ندير يعته من الناحية النضالية والعملية ليكون حزبنا حزب التقدم والاشتراكية حزبا عتيدا وشعبنا شعبا سعيدا. *** أحمد بوكيوض: كان أحد الرجالات الذين أعطوا للصحافة المغربية وفقدانه كان مؤلما للساحة الإعلامية في هذه الذكرى، أستحضر أحد الشباب في حينه، وأحد الرجالات الذين أعطوا للصحافة المغربية ومارسوا الصحافة بكل قواعدها. إن مشاركة ندير يعتة وحضوره في المجال الصحفي كانت لها عطاءات جد متميزة، وكان لها إشعاع وسمعة على المستوى الوطني. الصديق الزميل والرفيق ندير يعته ربطتنا معه علاقات قوية من خلال مؤسسة البيان، علاقة عمل في مراحل أقل ما يقال عنها أنها أوضاع ومراحل صعبة من العمل الشاق والمعقد وقلة الإمكانيات، إلى غير ذلك. الرجل كان بالفعل من الرجالات ومن العاملين في الحقل الصحفي بأسس وإمكانيات عالية من التكوين ومن الاستعداد، ومن القدرة على تدبير مهام الجريدة اليومية، ثم أن الرجل كان يتصف بأن لديه مواقف وآراء يدافع عنها وكذلك بقناعات يدافع عنها ويناقش حولها مع أي كان، ويكون مستعدا للدفاع عن آرائه في أي محفل وعلى أي مستوى بما في ذلك والده السيد علي يعته الذي كان مديرا للجريدة. كان دائما يدافع عن آرائه بشأن قضايا الممارسة وقضايا المهنة وقضايا تدبير الجريدة وما ينشر فيها. اشتغلنا آنذاك حين كان البيان بالعربية والبيان بالفرنسية، وكانت هناك صعاب كثيرة، من بينها المضايقات التي كانت تتعرض لها حرية الصحافة، وتم توقيف الجريدة أكثر من مرة بسبب مواقفها. فقدانه كان مؤلما للساحة الإعلامية. وقبل وفاته خلفت الحادثة التي وقعت له أسى عميقا لدى الزملاء والأصدقاء. كانت الحادثة صدمة. وقبل وفاته كان يمارس المهنة وهو على كرسي متحرك. الصفات الحميدة والمزايا يصعب أن نحيط بها في ظرف وجيز، لكن ما يمكن قوله اليوم أن ندير يعته بتكوينه وبمهنيته التي مارسها باجتهاد، لأنه لم يكن لديه تكوين صحفي، حيث كان أستاذا بالجامعة، لكنه اجتهد وكان اجتهاد نتجت عنه ثمار ونتائج متميزة على الصحافة الوطنية المكتوبة. اجتهاد هذا الرجل، وقبله أجيال مؤسسي الصحافة المكتوبة، كان له أثره حضر في مساهمة الصحافة الوطنية في التحولات الديمقراطية التي دخل فيها المغرب. فهذا الرجل وأمثاله، بعطاءاتهم ومساهماتهم، يعطون الحق للصحافة المكتوبة وبالضبط للصحافة الورقية، لكي تنتظر من الدولة وكل الجهات المعنية الثقافية ومهنية وغيرها التفاتة ومساهمة عملية وفعلية من أجل إنقاذ أو تقليم الصعاب التي تواجه وتهدد الصحافة الورقية. *** سعيد سيحيدة : ندير يعتة كان رجلا بقيمة إنسانية كبيرة طبع الراحل نذير يعتة المشهد الإعلامي المغربي، وتجاوز إشعاعه حدود المغرب ليبرز اسمه كأشهر صحفي مغربي وعربي وإفريقي. أسمع صوت الصحافة المغربية والعربية داخل قاعات الأممالمتحدة، وتم استقباله من طرف الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب الذي خصه بحوار صحفي، وهو أول حوار لصحفي عربي إفريقي مع رئيس أمريكي. ورغم معاناته مع المرض بعد الحادثة المشؤومة، وصعوبة التحرك، فقد كان يصر على الحضور اليومي إلى مقر الجريدة من أجل العمل والعطاء بسخاء، وكذلك الأمر حين كان نزيلا بالمستشفى العسكري بالرباط أو بمستشفى la Salpêtrière بباريس أو بالمستشفى الأمريكي. وتميزت الافتتاحيات التي كتبها والمقالات اليومية التي نشرها بنكهة فريدة من نوعها، بما تتسم به من جدية في المعالجة الصحفية ومن صرامة في استعمال قواعد اللغة الفرنسية، ومن قدرة هائلة على طرح الأفكار وسلاسة في التعبير عن المواقف والطروحات ونزاهة فكرية عند توجيه الانتقادات، الأمر الذي ساهم في توسيع دائرة قراء الجريدة يوما عن يوم، واستجلاب أقلام جديدة لها، وفي تزايد أعداد المعجبين بأسلوبه السهل الممتنع وجرأته السياسية.متميز لم يكن نذير غريبا عن التحولات السياسية الكبيرة التي كانت تخترق المجتمع المغربي، أو بعيدا عن النضالات التي يخوضها حزب التقدم والاشتراكية، وبفضل نشاطه وما اكتسبه من خبرة وما حققه من مكتسبات وما أبان عنه من استعداد، فقد استطاع بعد وقت غير طويل أن يصير أحد الأطر السياسية الجديدة التي تحملت المسؤولية في قيادة الحزب، حيث تم انتخابه باللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية في المؤتمر الوطني الثاني للحزب عام 1979 ثم بالمكتب السياسي في المؤتمر الوطني الرابع عام 1989 وفي هذا السياق، لا يمكن القفز على مساهمته الرائعة القيمة والعميقة في النقاش داخل اللجنة المركزية التي ظل اجتماعها مفتوحة لدورات إثر سقوط جدار برلين، والتي تم نشر صيغتها بالفرنسية بجريدة "البيان" وصيغتها المترجمة إلى العربية بجريدة "بيان اليوم" بالعربية، تحت عنوان "في نهايتي تكمن بدايتي". كان رجلا بقيمة إنسانية كبيرة، مواطنا محبا لوطنه، مناضلا بحماس وتفاؤل، عرف كيف يوظف ذكاءه لفائدة حزبه وخدمة شعبه، ما جعل مساره في الحياة مسارا إيجابيا بكل تأكيد، وبوأه مكانة فاعل سياسي من الطراز الرفيع بما لا يقبل الجدل. *** محمد خليل: الراحل ندير يعته.. المدافع الدؤوب عن قيم المواطنة والديمقراطية كتبت صحيفة "البيان" أن الراحل ندير يعته كان صحفيا ملتزما و"زعيما سياسيا بارزا" في حزب التقدم والاشتراكية، كما أنه كان "مدافعا دؤوبا" عن قيم المواطنة والديمقراطية والتطلعات الشعبية. وأضافت اليومية، في مقال تحت عنوان "ندير يعته .. القيمة العظيمة لإنسان"، من توقيع محمد خليل، أن الراحل، الذي وافته المنية منذ 25 سنة، كان يتميز ب"انفتاح كبير وروح التجديد"، كما أنه "يترك بصمات لا تمحى" على مستوى يومية "البيان" أو حزبه. واستحضر كاتب المقال بدايات مسيرة ندير يعته السياسية في باريس، حيث كان "ناشطا كبيرا في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب"، بالإضافة إلى "جمعية طلبة شمال إفريقيا المسلمين في فرنسا"، التي جمعت الشرائح الطلابية الثلاث المغاربية "المغرب والجزائر وتونس"، واضطلع فيها الراحل ب"دور كبير في التضامن المغاربي". وأشارت اليومية إلى أن نجل علي يعته، الزعيم التاريخي لحزب التقدم والاشتراكية، عاد إلى المغرب عام 1978 للتدريس في كلية الحقوق بالدارالبيضاء، "حيث حظي بتقدير كبير بين زملائه وطلابه، لأسلوبه في التدريس، وتواجده الدائم، وجاهزيته لتقديم المساعدة والتقاسم"، مضيفة أن الراحل انضم، في نفس الوقت، إلى هيئة تحرير "البيان" كمتطوع. وكتب محمد خليل "وهنا سيعرف ندير يعته الصعوبات التي تواجهها الصحيفة، حيث أعطى، بعد فترة من التأقلم، زخما حقيقيا للصحيفة الناطقة باسم حزب التقدم والاشتراكية"، معتبرا أن الحزب والصحيفة استفادا من تفاني وإخلاص الراحل. وتابع الكاتب "اشتهرت (البيان) في ذلك الوقت بكونها صحيفة المثقفين بفضل مساهمة الراحل عزيز بلال، وقد عرفت الجريدة، خلال السنوات الخمس عشرة تحت رئاسة تحرير ندير يعته، زخما قويا أصبحت من خلاله الصحيفة الأكثر تداولا باللغة الفرنسية في المغرب، بعد يومية (لوماتان)". وأوضح أن الراحل طبع المشهد الإعلامي المغربي والإقليمي، خاصة وأنه "برز كأشهر الصحفيين المغاربة والعرب والأفارقة وحتى من العالم الثالث"، مشيرا إلى أنه حصل في عمان على جائزة الأممالمتحدة للسكان، التي منحها له صندوق الأممالمتحدة للسكان والتي تكافئ، منذ عام 1981، أي "فرد أو مؤسسة قدمت مساهمة ملحوظة في زيادة الوعي في المجتمع الدولي بقضايا السكان وحلولها". وأضاف محمد خليل أن "ندير يعته أوصل صوت الصحافة المغربية و(البيان) إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، عندما منحه الرئيس جورج بوش الأب أول مقابلة لرئيس أمريكي في الإعلام العربي والإفريقي". وذكر بأن الراحل كتب افتتاحيات لجريدة (البيان) حتى خلال السنوات الأربع الأخيرة من حياته، حيث عانى من مرض إثر تعرضه لحادث مأساوي، بالإضافة إلى عموده (Mais dit l'autre)، بجانب عموده الساخر (Les mauvaises Langues)، حيث كان يكتبه بانتظام مع فتحه لبعض أعضاء هيئة تحرير الجريدة. وأشارت اليومية إلى أنه "من سريره في المستشفى العسكري بالرباط، أو مستشفى (سالبتريير) في باريس أو المستشفى الأمريكي (بفضل كرم جلالة المغفور له الحسن الثاني ورعايته السامية، حيث كان يقدر جلالته دور ندير ومساهمته)، أو من كرسيه المتحرك، واصل إنتاجه ومكافحة المرض". وفي العمل السياسي، أشارت اليومية إلى أن ندير يعته انتخب عضوا في اللجنة المركزية في المؤتمر الوطني الثاني لحزب التقدم والاشتراكية عام 1979، ثم في عام 1989 داخل المكتب السياسي لهذا التشكيل، معتبرة أن الراحل "غير بعض العادات والتقاليد داخل الحزب من خلال كسب أتباع لنهجه الجديد، القائم دائما على الوفاء بأفكار الاشتراكية الع لمية وبمصالح الطبقة العاملة، دون أي إنكار لأفكاره العليا". وأكد كاتب المقال أن ندير يعته دافع، أيضا، "وعن اقتناع كبير"، عن التجديد الأساسي لقيادة الحزب، موضحا أنه سمح، مع "القيادة الشابة"، للحزب بأخذ منعطف غير مسبوق، من خلال إدماج "جيل جديد في مكتبه السياسي، مع أخذ مسألة النوع في الاعتبار، من النشطاء الذين أثبتوا أنفسهم". واعتبر محمد خليل أن "هذه الشهرة المكتسبة بفضل العمل الجاد والنزيه، ستجلب للراحل الكثير من الصداقات والتعاطف"، مؤكدا أن الجنازة الوطنية التي أقامها له جلالة المغفور له الحسن الثاني، بالإضافة إلى حضور كافة أطياف العالم السياسي والنقابي والثقافي والإعلامي "يعكس القيمة العظيمة لهذا الإنسان". للراحل الكثير من الصداقات والتعاطف"، مؤكدا أن الجنازة الوطنية التي أقامها له جلالة المغفور له الحسن الثاني، بالإضافة إلى حضور كافة أطياف العالم السياسي والنقابي والثقافي والإعلامي "يعكس القيمة العظيمة لهذا الإنسان".