لم يعتد سكان دول الخليج على مشاهدة الثلوج تسقط بكثافة على الصحراء، أو أن تصل درجات الحرارة في فصل الشتاء إلى أرقام متدنية وتبقى الأجواء باردة وماطرة وبكميات غير متوقعة أياماً عديدة. ويرى خبراء أن التغيرات الجديدة في أجواء ومناخ دول الخليج العربي، تعود لتأثرها بظاهرة الاحتباس الحراري والتغير المناخي التي بدأت كل دول العالم تعاني منها، وتشهد اضطرابات جوية بسببها. ويحدث التغير في نظام مناخ الأرض بسبب ظهور أنماط مناخية جديدة تظل قائمة مدة طويلة، وهذه المدة قد تكون قصيرة فتصل إلى عدة عقود فقط أو قد تطول لتصل إلى ملايين السنين. وقد حدد العلماء العديد من نوبات تغير المناخ خلال تاريخ الكرة الأرضية الجيولوجي، ومنذ الثورة الصناعية في القرن الماضي يتأثر المناخ بشكل متزايد بالأنشطة البشرية التي تقود إلى الاحتباس الحراري، ويتوقع العلماء أن درجات الحرارة سترتفع عالمياً بمقدار درجتين بحلول العام 2050. ويؤكد الباحثون الذين يدرسون التغيرات في هطول الأمطار في صحراء دول الخليج، أن الصحراء نمت بشكل ملحوظ خلال القرن الماضي بسبب تغير المناخ. وشهدت صحراء السعودية خلال الأيام الماضية هطولا كثيفا للثلوج مع انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر، ووصول سرعة الرياح إلى حدود 70 كم/ساعة، وهي رياح كفيلة بتشكيل موجات غبارية واسعة تترافق بتدنٍّ كبير في مدى الرؤية الأفقية. وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو متفرقة ترصد تجمد المياه في "طريف" و"علقان" بمنطقة تبوك السعودية ومواقع أخرى بالمملكة. درجات حرارة دون الصفر ووفق المركز الوطني للأرصاد في السعودية فقد تصدرت محافظة طريف قائمة مدن المملكة الأقل حرارة، حيث سجلت درجتين مئويتين تحت الصفر، تبعتها القريات والتي سجلت درجة مئوية واحدة تحت الصفر؛ فيما سجلت تبوك 4 درجات مئوية. وفي سلطنة عمان، تنبأت الأرصاد الجوية ببداية اقتراب كتلة غبار من محافظة مسندم وسواحل بحر عمان، مع احتمال انخفاض الرؤية الأفقية إلى أقل من 3000 متر، واستمرار التنبيه بتصاعد الغبار والأتربة خصوصاً في المناطق الصحراوية والمكشوفة. كما شهدت قطر أجواء باردة حيث تراوحت درجات الحرارة فيها ما بين 12 و17 درجة مئوية مع وجود رياح قوية، وسقوط أمطار، وفق تأكيدات إدارة الأرصاد الجوية القطرية. وجاءت أقل درجة حرارة محسوسة في منطقة سلوى والساحل الغربي لقطر، حيث سجلت 7.5 درجة مئوية، فيما جاءت أعلى درجة حرارة محسوسة في البلاد بالدوحة العاصمة مسجلة 15.2 درجة مئوية بحسب إدارة الأرصاد الجوية. وسيطرت الأجواء شديدة البرودة أيضا على الكويت، حيث انخفضت درجة الحرارة الصغرى إلى ما دون 3 درجات مئوية، كما تكون الصقيع في المناطق الزراعية والصحراوية، حسب إفادة دائرة الأرصاد الجوية المحلية. وشهدت البحرين أيضاً، الدولة الخليجية الصغيرة، رياحا شديدة السرعة، وصلت أعلى هبة إلى 36 عقدة، مع تدنٍّ في مدى الرؤية الأفقية بسبب الغبار المتصاعد، حسب الأرصاد الجوية البحرينية. وجاءت أجواء الإمارات الأكثر استقرارا في دول مجلس التعاون، حيث سجلت درجة الحرارة خلال الأيام الماضية 27 درجة مئوية، مع وجود رياح قوية، وفق المركز الوطني للأرصاد. تحذيرات الخبراء الراصد الجوي ليث العلامي، يؤكد أن "دول الخليج تتأثر حاليا بكتلة قطبية باردة قادمة من دول أوروبا، وعلى إثرها تساقطت الثلوج على جبال دول مجلس التعاون وخاصة السعودية منها". ويرجع العلامي، في حديثه ل"الخليج أونلاين"، "التغيرات الجوية في منطقة الخليج، إلى أسباب جوية تحدث كل عقد من الزمان في مناخ مناطق مختلفة من العالم، إضافة إلى ارتفاع درجة حرارة المسطحات المائية والمحيطات التي تشهد ظواهر جديدة". ويتعرض الخليج – وفق العلامي – "لتقلبات مناخية متطرفة وغير مسبوقة، حيث تأثر المناخ بشتاء قاسٍ وصيف حار جدا، مع ارتفاع في درجات الحرارة إلى أكثر من 55 درجة مئوية أو انخفاضها دون الصفر". وسبق أن ذكرت دراسات مناخية أن منطقة الخليج العربي هي الأكثر عرضة للتأثر بالتغير المناخي، حسبما أكدت عالمة المناخ بمؤسسة "اتحاد العلماء المهتمين" في واشنطن، ريتشيل ليكر، التي أرجعت ذلك لارتفاع درجات الحرارة فيها وطول فصل الصيف، وندرة الموارد المائية بها. وفي تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" تحت عنوان "هل يسقط "النيزك الذي طال انتظاره" على دول الخليج أولا؟"، في سبتمبر 2019، أكدت ليكر "ضرورة التحرك الجاد والعاجل لمواجهة الظاهرة في الخليج". وكان تقرير أممي صدر عن اللجنة الحكومية الدولية لشؤون التغير المناخي (IPCC)، نهاية العام الماضي، أشار إلى أن "المناطق المحيطة بالخليج وبحر العرب والبحر الأحمر هي الأكثر عرضة للتضرر من آثار التغير المناخي في العالم".