أشاد عدد من قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، أول أمس الثلاثاء بالجهود المبذولة لرأب الصدع وتعزيز أواصر الود والتآخي بما يخدم آمال وتطلعات شعوب المنطقة. كما دعوا خلال القمة الخليجية الحادية والأربعين التي انعقدت في محافظة العلا، شمال غرب المملكة العربية السعودية، لتوحيد الجهود من أجل التصدي الجماعي لمختلف التحديات الإقليمية والدولية المشتركة التي تواجه بلدان المنطقة، بما في ذلك جائحة كورونا. وفي هذا الصدد عبر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي ترأس أعمال القمة، عن تقديره لجهود رأب الصدع التي بدأها أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وقادها بعده الشيخ نواف الأحمد. كما نوه بمساعي الولاياتالمتحدة وجميع الأطراف في هذا الشأن، مبرزا أن هذه الجهود أدت "بتعاون الجميع، للوصول إلى اتفاق بيان العلا الذي تم توقيعه في هذه القمة، والذي جرى التأكيد فيه على التضامن والاستقرار الخليجي والعربي والإسلامي، وتعزيز أواصر الود والتآخي بين دولنا وشعوبنا، بما يخدم آمالها وتطلعاتها". وأضاف قائلا "نحن اليوم أحوج ما نكون لتوحيد جهودنا للنهوض بمنطقتنا ومواجهة التحديات التي تحيط بنا، وخاصة التهديدات التي يمثلها البرنامج النووي للنظام الإيراني وبرنامجه للصواريخ البالستية ومشاريعه التخريبية الهدامة التي يتبناها ووكلاؤه من أنشطة إرهابية وطائفية هدفها زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، مما يضعنا أمام مسؤولية دعوة المجتمع الدولي للعمل بشكل جدي لوقف تلك البرامج والمشاريع المهددة للسلم والأمن الإقليمي والدولي". من جانبه، نوه الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، بحرص قادة مجلس التعاون الخليجي على عقد هذا اللقاء "لنتمكن معا من دعم عملنا الخليجي والعربي المشترك والحفاظ على مكاسبنا وتحقيق ما تتطلع إليه شعوبنا من آمال وطموحات". وأشاد ب "الإنجاز التاريخي بالتوقيع على (بيان العلا) مستذكرا الدور المخلص والبناء الذي بذله في هذا الصدد الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الذي أسهم بشكل كبير في نجاح هذا الاتفاق". كما أعرب عن "بالغ التقدير عن الجهود الخيرة التي بذلت لتحقيق الهدف السامي من جانب الإخوة الأشقاء كافة ورئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية دونالد ترامب والمستشار جاريد كوشنر"، مشيدا بجهودهم الداعمة لهذا الاتفاق، ومثمنا حرص الأشقاء قادة دول مجلس التعاون على بذل المزيد من الجهود لتحقيق كل ما فيه الخير لشعوب المنطقة . بدوره، أعلن أمين مجلس التعاون نايف فلاح مبارك الحجرف أن قادة الخليج اعتمدوا البيان الختامي لقمة العلا. إثر ذلك وقع قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون الخليجي على البيان الختامي للقمة وبيان العلا. وترأس القمة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وعرفت حضور الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، والشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، وولي عهد البحرين الأمير سلمان بن حمد ونائب رئيس الوزراء العماني فهد بن محمود آل سعيد والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة. كما حضر أعمالها كبير مستشاري الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر، والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي يوسف بن أحمد العثيمين والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط ووزير خارجية مصر سامح شكري. الجامعة العربية وفي سياق متصل أكدت جامعة الدول العربية أن التحديات الضخمة التي تواجه العالم العربي "تستدعي رأب الصدع في أسرع وقت وتحقيق التوافق بين الأخوة". ونقل بيان للجامعة العربية أول أمس الثلاثاء، في أعقاب انعقاد القمة الخيلجية الحادية والأربعين بالمملكة العربية السعودية، عن أمينها العام أحمد أبو الغيط، أن أي تحرك فعال يؤدي إلى تصفية الأجواء العربية ويصب في صالح النظام العربي الجماعي هو محل ترحيب. ولفت أبو الغيط إلى أن من شأن هذا التوافق تعزيز قوة الجامعة العربية وتأثيرها، مرحبا بمخرجات قمة قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أهمية العمل على تعزيز مخرجات قمة العلا، والبناء عليها من خلال تعزيز الثقة. وتمهد القمة التي احتضنتها السعودية وحضرها أمير دول قطر، لإيجاد تسوية للأزمة الخليجية القطرية التي استمرت لأزيد من ثلاث سنوات، حيث اعلنت الكويت عشية القمة التوصل الى اتفاق سعودي قطري لفتح الاجواء والحدود البرية والبحرية بين البلدين، التي ظلت مغلقة منذ اندلاع الأزمة. إلى جانب ذلك رحبت الأممالمتحدة، بالاتفاق الذي أعلن عنه بين السعودية وقطر بشأن إعادة فتح الحدود بين البلدين. وقال فرحان حق نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة "نرحب بالإعلان عن فتح المجال الجوي والحدود البرية والبحرية بين المملكة العربية السعودية ودولة قطر. ونأمل أن تتصرف جميع الدول المعنية بهذا الخلاف على نحو إيجابي لمواصلة حل خلافاتها، ونؤكد على أهمية الوحدة في الخليج من أجل السلام والأمن والتنمية الإقليمية". وأضاف المتحدث خلال المؤتمر الصحفي اليومي "نحن ممتنون أيضا لكل الذين عملوا دون كلل لحل هذا النزاع، وخاصة دولة الكويت". طي صفحة الماضي وقال وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، إن القمة الحادية والأربعين لمجلس التعاون طوت بشكل نهائي صفحة الماضي، وأكدت على توطيد العلاقات واحترام مبادئ الجوار. وأضح الوزير السعودي، في مؤتمر صحفي مشترك مع أمين عام مجلس التعاون الخليجي في ختام القمة أن المؤتمر أرسل رسالة للعالم أجمع مفادها أنه "مهما بلغت الخلافات في البيت الواحد إلا أن الحكمة قادرة على تجاوز كل ذلك والعبور بالمنطقة إلى بر الأمان". وأضاف أن القادة الخليجيين دعوا في البيان الختامي إلى تعزيز التعاون في مكافحة الكيانات الإرهابية والتأكيد على وقوف دول مجلس التعاون صفا واحدا، وإلى توطيد العلاقات واحترام مبادئ حسن الجوار. وتابع الوزير السعودي أن القمة أكدت على تكاتف دول الخليج في وجه أي تدخلات مباشرة أو غير مباشرة في شؤون أي منها، وشددت على عدم المساس بسيادة أي دولة أو استهداف أمنها. وذكر فيصل بن فرحان، أن قمة العلا "أفضت إلى طي صفحة الماضي والتطلع إلى مستقبل يسوده التعاون والاحترام بما يحفظ أمن الدول واستقرارها". من جهته قال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف فلاح الحجرف، إن بيان قمة السعودية يؤكد على تعزيز التآخي والتعاون بين الدول الخليجية. وأشار نايف فلاح الحجرف إلى أن قمة السعودية دعت إلى تعزيز التكامل العسكري بين دول المجلس وتذليل كافة العقبات التي تعترض العمل المشترك. وأبرز أن تحدي جائحة كورونا يؤكد الحاجة للتعاون والتنسيق، لاستكمال تنفيذ المشاريع الاقتصادية المتفق عليها سابقا، وتعزيز التكامل العسكري بين دول مجلس التعاون الخليجي لمواجهة التحديات. تحقيق المصالح العليا وعشية انعقاد القمة أكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن سياسة المملكة بقيادة الملك سلمان بن عبد العزيز قائمة على نهج راسخ، قوامه تحقيق المصالح العليا لدول مجلس التعاون والدول العربية. وأشار الأمير محمد بن سلمان إلى أن المملكة تسخر كافة جهودها لما فيه خير شعوب الخليج والدول العربية، وبما يحقق أمنها واستقرارها، مبرزا أن قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربي ستكون قمة جامعة للكلمة وموحدة للصف ومعززة لمسيرة الخير والازدهار. وقطعت دول المجلس شوطا كبيرا في مجال التعاون التجاري، وعملت على تعزيزه وتطويره من خلال تبني مبدأ المساواة التامة بين مواطني دول المجلس في العديد من المجالات، منها ممارسة الأنشطة التجارية في مجالي التجزئة والجملة، وتملك الأسهم، وتأسيس الشركات المساهمة، وتشجيع الاستثمارات البينية والمشتركة، وإزالة العقبات التي تعيق حرية التبادل التجاري بين دول المجلس وتوحيد القوانين التجارية. ويحتل الاقتصاد الخليجي المرتبة 13 عالميا، حيث بلغ الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية لدول مجلس التعاون الخليجي الست مجتمعة، أكثر من 1.64 تريليون دولار خلال عام 2019، تمثل 4.1 في المائة من الاقتصاد العالمي للفترة نفسها، وفقا لما أظهرته بيانات رسمية. وتسهم السعودية لوحدها بنحو 48 في المائة من الناتج المحلي الخليجي بنحو 793 مليار دولار. وبلغت التجارة البينية بين دول الخليج في 2019 نحو 91.3 مليار دولار، تتصدرها الإمارات ب 53 في المائة ثم السعودية 26 في المائة من إجمالي التجارة بين الدول الست. أما الاحتياطيات الأجنبية، فتبلغ لدى لدول الخليج مجتمعة نحو 620.5 مليار دولار بنهاية عام 2019، نحو 81 في المائة منها للسعودية، و6.5 في المائة للكويت، و6.4 في المائة لقطر. وأنتجت دول الخليج مجتمعة نحو 17.2 مليون برميل يوميا في عام 2019، تمثل 22.8 في المائة من الإنتاج العالمي، وتبلغ حصة السعودية من الإجمالي الخليجي نحو 57 في المائة، حيث بلغ متوسط إنتاجها 9.81 مليون برميل يوميا. كما تبلغ حصة المملكة 9.76 في المائة من الإنتاج العالمي البالغ 100.5 مليون برميل يوميا في 2019. ويبلغ عدد سكان دول مجلس التعاون 57.4 مليون نسمة في نهاية عام 2019، يشكلون 0.7 في المائة من سكان العالم، فيما تتصدر السعودية عدد السكان خليجيا ب34.2 مليون نسمة، يمثلون نحو 60 في المائة من سكان المجلس، تليها الإمارات بنحو 17 في المائة من الإجمالي. فيما يبلغ عدد العاملين في مجلس التعاون نحو 29 مليون عامل، يشكلون 0.9 في المائة من إجمالي العاملين في العالم. وجذبت دول الخليج استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 497.2 مليار دولار خلال عام 2019، تمثل 1.4 في المائة من إجمالي رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد في العالم. ويقدر نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 28.7 ألف دولار، بينما بلغ انتاج النفط الخام لدول الخليج مجتمعة 17.8 مليون برميل يوميا، وتحتل دول المجلس المرتبة التاسعة عالميا في حجم التبادل التجاري، و4الرابعة عالميا في فائض الميزان التجاري، والثانية عالميا في احتياطي الغاز الطبيعي. وعن الشركاء التجاريين الذين يستوردون السلع من دول مجلس التعاون، فتعتبر الصين أكبر مستورد لصادرات دول المجلس، إذ تستورد منفردة نحو 17.4 بالمائة من صادرات هذه الدول، تليها اليابان بنحو 12.9 بالمائة والهند بنحو 12 بالمائة، في حين بلغ إجمالي الودائع المصرفية حسب الميزانيات المجمعة للبنوك التجارية العاملة بدول المجلس ما يقارب 1.5 تريليون دولار مع متم شهر يونيو من العام 2020. تجدر الإشارة إلى أن مجلس التعاون الخليجي الذي تأسس سنة 1981 يضم ست دول هي السعودية والإمارات، والكويتوقطروالبحرين وسلطنة عمان. *** البيان الختامي يؤكد على ضرورة تعزيز وحدة الصف والتماسك بين الدول الخليجية أكد قادة دول الخليج في ختام قمتهم الحادية والأربعين، أول أمس الثلاثاء، على ضرورة تعزيز وحدة الصف والتماسك بين دول مجلس التعاون وعودة العمل الخليجي المشترك إلى مساره الطبيعي، والحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة. وشدد البيان الختامي الذي توج أعمال هذه القمة التي انعقدت في محافظة العلا، شمال غرب المملكة العربية السعودية، على الحرص على قوة وتماسك مجلس التعاون، ووحدة الصف بين أعضائه، لما يربط بينها من علاقات خاصة وسمات مشتركة أساسها العقيدة الإسلامية والثقافة العربية، والمصير المشترك ووحدة الهدف التي تجمع بين شعوبها، ورغبتها في تحقيق المزيد من التنسيق والتكامل والترابط بينها في جميع الميادين من خلال المسيرة الخيرة لمجلس التعاون، بما يحقق تطلعات مواطني دول المجلس. كما أكد على وقوف دول مجلس التعاون صفا واحدا في مواجهة أي تهديد تتعرض له أي من دول المجلس. وأشاد البيان، بالجهود والمساعي الخيرة والمخلصة التي بذلها أمير دولة الكويت الراحل صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، لرأب الصدع بين الدول الأعضاء، معبرا في ذات الوقت عن التقدير لجهود صاحب السمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، وجهود الولاياتالمتحدةالأمريكية في هذا الشأن. من جهة أخرى، أكد البيان الختامي على مواقف دول المجلس الثابتة من القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب والمسلمين الأولى، ودعمها للسيادة الدائمة للشعب الفلسطيني على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ يونيو 1967 ، وتأسيس الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان حقوق اللاجئين، وفق مبادرة السلام العربية والمرجعيات الدولية وقرارات الشرعية الدولية. وأكد على مركزية القضية الفلسطينية، وعلى ضرورة تفعيل جهود المجتمع الدولي لحل الصراع، بما يلبي جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وفق تلك الأسس. وعبر البيان عن إدانة المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية «قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلية بهدم عشرات المنازل شرق القدس»، داعيا المجتمع الدولي إلى التدخل لوقف استهداف الوجود الفلسطيني والتهجير القسري للمواطنين من مدينة القدس، ومحاولة تغيير طابع المدينة القانوني وتركيبتها السكانية، الذي يتعارض مع القوانين الدولية والإنسانية والاتفاقات ذات الصلة. كما أعرب المجلس عن رفضه أي توجه لضم المستوطنات في الضفة الغربية إلى إسرائيل، في مخالفة صريحة لميثاق الأممالمتحدة ومبادئ القانون الدولي وقرارات الأممالمتحدة، مؤكدا «أن سياسة إسرائيل المتعلقة بهدم المنازل وتهجير وطرد السكان والمواطنين الفلسطينيين تقوض إمكانية تحقيق حل الدولتين والسلام الدائم». وتضمن البيان أيضا، التأكيد على أهمية وكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين (الأونروا) والإشادة بالمساعدات التي تقدمها دول المجلس لدعم أنشطة الوكالة، مع مطالبة المجتمع الدولي باستمرار دعم الوكالة لتواصل مهمتها حتى عودة اللاجئين الفلسطينيين.