الرباط.. اختتام أشغال مؤتمر دولي حول الزراعة البيولوجية والإيكولوجية    المغرب يترقب اللحظة المواتية لخروج الخزينة إلى السوق الدولية    بوانو يتهم الحكومة بالتورط في تخفيض رسوم استيرداد العسل لفائدة برلماني يستورد 80 في المائة منه (فيديو)    بمعسكر بنسليمان.. الوداد يواصل استعداداته لمواجهة الرجاء في الديربي    مدينة بنسليمان تحتضن الدورة 12 للمهرجان الوطني الوتار    ارتفاع كبير في الإصابات بالحصبة حول العالم في 2023    "كوباك" تدعم التلاميذ ب "حليب المدرسة"    رصاصة تقتل مُخترق حاجز أمني بكلميمة    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على الجزء الأول من مشروع قانون المالية 2025    وليد الركراكي: مواجهة المغرب والغابون ستكون هجومية ومفتوحة    رئيس الكونفدرالية المغربية: الحكومة تهمش المقاولات الصغيرة وتضاعف أعباءها الضريبية    مقتل 10 اشخاص في حريق بدار للمسنين في شمال شرقي لإسبانيا    نفق طنجة-طريفة .. هذه تفاصيل خطة ربط افريقيا واوروبا عبر مضيق جبل طارق    الأحمر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    ترامب يواصل تعييناته المثيرة للجدل مع ترشيح مشكك في اللقاحات وزيرا للصحة    الأردن تخصص استقبالا رائعا لطواف المسيرة الخضراء للدراجات النارية    فيضانات إسبانيا.. طبقا للتعليمات الملكية المغرب يعبئ جهازا لوجستيا مهما تضامنا مع الشعب الإسباني    ذكرى عودة محمد الخامس من المنفى: مناسبة لاستحضار أمجاد ملحمة بطولية في مسيرة الكفاح الوطني لنيل الاستقلال    تصريح صادم لمبابي: ريال مدريد أهم من المنتخب    التحاق 707 أساتذة متدربين بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بدرعة-تافيلالت    كيوسك الجمعة | المغرب يسجل 8800 إصابة بسرطان الرئة سنويا                زيارة المسؤول الإيراني للمغرب.. هل هي خطوة نحو فتح باب التفاوض لإعادة العلاقات بين البلدين؟    10 قتلى جراء حريق بدار مسنين في إسبانيا    وفاة الأميرة اليابانية يوريكو عن عمر 101 عاما    النيابة العامة وتطبيق القانون    أسعار النفط تتراجع وتتجه لخسارة أسبوعية    محكمة استئناف أمريكية تعلق الإجراءات ضد ترامب في قضية حجب وثائق سرية    حرب إسرائيل على حزب الله كبدت لبنان 5 مليارات دولار من الخسائر الاقتصادية    غسل الأموال وتمويل الإرهاب… وزارة الداخلية تضع الكازينوهات تحت المجهر    "الأمم المتحدة" و"هيومن رايتس ووتش": إسرائيل ارتكبت جرائم حرب ضد الإنسانية وجرائم تطهير عرقي        اكادير تحتضن كأس محمد السادس الدولية للجيت سكي    صحيفة إيطالية: المغرب فرض نفسه كفاعل رئيسي في إفريقيا بفضل "موثوقيته" و"تأثيره"    عامل إقليم الجديدة يزور جماعة أزمور للاطلاع على الملفات العالقة    بوريطة: المغرب شريك استراتيجي لأوروبا .. والموقف ثابت من قضية فلسطين    مثل الهواتف والتلفزيونات.. المقلاة الهوائية "جاسوس" بالمنزل    إقصائيات كأس أمم إفريقيا 2025 (الجولة 5).. الغابون تحسم التأهل قبل مواجهة المغرب    عنصر غذائي هام لتحسين مقاومة الأنسولين .. تعرف عليه!    ‬المنافسة ‬وضيق ‬التنفس ‬الديموقراطي    حوالي 5 مليون مغربي مصابون بالسكري أو في مرحلة ما قبل الإصابة    الروائي والمسرحي عبد الإله السماع في إصدار جديد    ملتقى الزجل والفنون التراثية يحتفي بالتراث المغربي بطنجة    الإعلان عن العروض المنتقاة للمشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان الوطني للمسرح    معدل الإصابة بمرض السكري تضاعف خلال السنوات الثلاثين الماضية (دراسة)    تمديد آجال إيداع ملفات الترشيح للاستفادة من دعم الجولات المسرحية    حفل توزيع جوائز صنّاع الترفيه "JOY AWARDS" يستعد للإحتفاء بنجوم السينماوالموسيقى والرياضة من قلب الرياض    "هيومن رايتس ووتش": التهجير القسري الممنهج بغزة يرقي لتطهير عرقي    أكاديمية المملكة تفكر في تحسين "الترجمة الآلية" بالخبرات البشرية والتقنية    الناقد المغربي عبدالله الشيخ يفوز بجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



2020.. سنة تجربة المحاكمة عن بعد
نشر في بيان اليوم يوم 31 - 12 - 2020

في 27 أبريل 2020، وفي خضم الأزمة الصحية المترتبة عن جائحة "كوفيد-19″، انعقدت بمحاكم المملكة أولى الجلسات الرسمية للمحاكمة عن بعد، إيذانا بتحول نوعي في تفعيل عدالة ناجعة تستجيب للإكراهات الطارئة وتواكب التطور بغية البت في القضايا المدرجة ضمن أجل معقول، بما يضمن تحقيق شروط المحاكمة العادلة بشكل آمن.
برحاب المحكمة الابتدائية بسلا، وبحضور كل من الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ووزير العدل ورئيس النيابة العامة ورئيس جمعية هيئة المحامين بالمغرب، تم إعطاء الانطلاقة الرسمية، يوم الاثنين 27 أبريل 2020 لأولى جلسات المحاكمة عن بعد.
إذ وبناء على القرار المشترك للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ووزارة العدل ورئاسة النيابة العامة القاضي بمنع إحضار المعتقلين إلى المحاكم، ونظرا لكون البت في القضايا المعروضة على المحاكم داخل آجال معقولة يعد شرطا أساسيا من شروط المحاكمة العادلة، شرع المجلس الأعلى للسلطة القضائية، بتنسيق مع كل الشركاء، في تطبيق وأجرأة جلسات المحاكمة عن بعد، في إطار التدابير الاحترازية، ولتعزيز الأمن الصحي للسجناء ولكل مكونات أسرة العدالة والمرتفقين.
المبدأ، ورغم كونه بسيطا في جوهره، غير أنه شكل سابقة في مسار منظومة العدالة بالمغرب، فتفعيل اعتماد التقاضي عن بعد جاء، بالأساس، في سياق تفعيل التدابير الاحترازية، وتعزيزا للأمن الصحي لنزلاء المؤسسات السجنية وكافة مكونات أسرة العدالة، جراء تفشي جائحة "كوفيد-19".
كما اندرج هذا المشروع في إطار إرساء مقومات المحكمة الرقمية، ليسهم بذلك في تعزيز البنية التحتية التكنولوجية للإدارة القضائية، وتوفير الأنظمة المعلوماتية الآمنة والبرامج المتعلقة بإدارة القضايا والمساطر لتأهيل آجال التنفيذ.
تتم عملية المحاكمة عن بعد، كما توضح ذلك وثيقة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، عبر تخصيص قاعات داخل المؤسسات السجنية وربطها بقاعات الجلسات بالمحاكم بواسطة وسائل الاتصال الحديثة، حيث تقوم الهيئة القضائية بالاستماع ومحاكمة المعتقل الموجود داخل المؤسسة السجنية بعد موافقته وبحضور دفاعه.
وعلى مستوى محكمة النقض، عرفت أول جلسة للمحاكمة عن بعد، والتي أشرف الرئيس الأول لمحكمة النقض على عقدها عبر تقنية Visioconférence في 6 ماي 2020، إدراج عدد من القضايا همت مسطرة تسليم مجرمين أجانب ينتمون إلى جنسيات مختلفة، والذين تمت محاكمتهم عن بعد، بعد موافقتهم على هذا الإجراء، وبحضور التراجمة وهيئة الدفاع تكريسا لكل شروط المحاكمة العادلة.
ما بين 27 أبريل المنصرم و18 دجنبر الجاري، انعقدت بمختلف محاكم المملكة، عن بعد، 11 ألفا و846 قضية، كما تم إدراج، خلال الفترة ذاتها، 218 ألف و839 قضية، وذلك وفق وثيقة المجلس الأعلى للسلطة القضائية بشأن حصيلة تفعيل المحاكمات عن بعد، يشير فيها إلى أن آلاف المعتقلين استفادوا من هذه العملية، وقاية وحماية لهم من المخاطر الصحية المحتملة الناجمة عن عملية نقلهم إلى مقرات المحاكم في هذه الظرفية الاستثنائية.
واعتبر المجلس الأعلى أن هذه الأرقام والمؤشرات تعبر، بكل تأكيد، عن حجم الجهود المبذولة المتواصلة من طرف كل السلطات والمؤسسات والمهنيين، من أجل تكريس أفضل الممارسات والرفع من دينامية هذا المشروع الهام وتجويده على مختلف المستويات.
وتؤكد وثيقة المجلس الأعلى للسلطة القضائية على أن حصيلة عملية المحاکمات عن بعد تعد مشرفة، وتتم وفق شروط المحاکمة العادلة، مشددة على حرص المجلس على التفعيل السليم لعملية المحاكمات عن بعد، من خلال المتابعة اليومية والمواكبة الدقيقة لكل تفاصيلها وجزئياتها التنظيمية والتقنية والبشرية اللازمة بمختلف محاكم المملكة، من خلال تعبئة كل الجهود والموارد المتاحة من جهة، ورصد وتجاوز كل الصعوبات والعقبات وتجويد آليات التنظيم والتدبير من جهة ثانية، بهدف صون وضمان القيم الأساسية للمحاكمة العادلة، وحفظا للصحة والسلامة للجميع.
هذا الزخم الذي تحقق في سياق تطوير مسلسل التقاضي وتسريع آجال البت في القضايا المعروضة بمختلف محاكم المملكة، يشكل في الواقع تتويجا لمسار غني من أجل تفعيل مطلب ملح.
إذ وإلى عهد قريب، وبالضبط في يونيو 2018، كان رئيس النيابة العامة، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، السيد محمد عبد النباوي، قد أكد في تقرير حول السياسة الجنائية، خلال لقاء تواصلي، أن تسريع وتيرة تجهيز الملفات وتوفير الإطار القانوني لإجراء المحاكمة عن بعد بوسائل الاتصال السمعي البصري، وحل إشكاليات نقل المعتقلين إلى المحاكم، من بين إجراءات أخرى، ضمن المستوى التشريعي، تشكل ضرورة ملحة لتحسين العمل القضائي والتفعيل الأمثل لتنفيذ السياسة الجنائية.
كما أن محكمة النقض كانت قد وضعت ورش التحديث، ومنذ سنة 2013، ضمن أولويات مخططها الاستراتيجي، الرامي إلى تفعيل حقيقي لآليات الجودة والنجاعة والشفافية وتطوير العمل القضائي بما يتلاءم مع متطلبات العصر ويستجيب لانتظارات المرتفقين.
إن التقاضي عن بعد يشكل، بذلك، محطة أولى في المخطط التوجيهي للتحول الرقمي لمنظومة العدالة، كما أكد ذلك وزير العدل، محمد بنعبد القادر، في عرض قدمه أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب في يونيو الماضي. هذا المخطط، سيمكن، وفق المسؤول الحكومي، من الانتقال بنموذج الإدارة القضائية والعدالة إلى نموذج يدمج تقنيات التواصل عن بعد والذكاء الاصطناعي في مختلف مراحل الخدمة القضائية، سواء تعلق الأمر بالمساطر من قبيل طلب السجل العدلي أو التجاري، أو ما يتعلق بالتقاضي أي المحاكمات، أو بالتواصل.
وبالنظر لطبيعة المعلومات التي يتم تداولها أثناء المحاكمة، سواء من حيث حساسيتها أو طبيعتها، فقد تم الاعتماد على نظام السمعي البصري الداخلي الخاص بوزارة العدل والمثبت على خوادمها المركزية الموجودة بمركز بيانات الوزارة، حيث تم إعطاء الأولوية والأهمية القصوى لجانب الأمن المعلومياتي، واحترام كافة التوجيهات الصادرة عن مديرية أمن نظم المعلومات بإدارة الدفاع الوطني لضمان حماية وأمن نظام السمعي البصري المستعمل.
ولمواكبة هذه العملية التي شكلت منعطفا جديدا في سياق التحديث الرقمي لمنظومة العدالة، خصصت وزارة العدل اعتمادا ماليا إجماليا قدره أربعة ملايين و705 آلاف و800 درهم لمواكبة عملية المحاكمة عن بعد، كما أكدت الوزارة ذلك في بلاغ لها مؤخرا، وذلك في إطار الاختصاصات الموكولة لها من أجل ضمان حسن سير العمل بمحاكم المملكة وتوفير شروط الولوج إلى العدالة، وتنفيذا لبنود مذكرة التفاهم الموقعة مع المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج. وتم استثمار هذا الاعتماد المالي لاقتناء وتثبيت جميع المستلزمات التقنية واللوجستيكية الكفيلة بضمان جودة هذه العملية.
وحسب الوزارة كذلك، فقد ساهمت هذه التجربة، التي مكنت المرفق القضائي من الاستمرار في تقديم خدماته لفائدة المتقاضين، في الإفراج عن 7297 معتقل إلى غاية يوم 18 دجنبر 2020، إما بسبب التصريح ببراءتهم أو تمتيعهم بالسراح المؤقت أو تخفيض العقوبة الحبسية الصادرة في حقهم.
لقد تأقلمت العديد من القطاعات، وعبر دول المعمور، مع الظروف المستجدة التي فرضتها أزمة "كوفيد-19" الصحية غير المسبوقة. ولم يكن قطاع العدالة ليشذ عن هذه القاعدة، إذ انخرط، وبشكل حثيث، في توفير كافة المقومات والتدابير التي تخول انعقاد جلسات المحاكم عن بعد، في احترام للتدابير الاحترازية والوقائية التي اتخذتها المملكة في كافة المجالات، وضمن آجال معقولة، ليتم بذلك تنزيل لبنة أخرى، ضمن مسلسل التحول الرقمي، أحد أوراش إصلاح منظومة العدالة.
كما أن هذا التحول الرقمي الذي شهدته منظومة العدل يستند، في جوهره، إلى المبادئ الدستورية، والتوجيهات الملكية، وتوصيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة، التي تسعى إلى ضمان شروط المحاكمة العادلة في آجال قانونية معقولة، وتسريع مسطرة البت في القضايا الرائجة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.