دعا نواب برلمانيون، الأربعاء بالرباط، إلى إعادة النظر في النموذج الاقتصادي لمؤسسات قطب الإعلام العمومي الذي أصبح متجاوزا بقوة الأحداث، فضلا عن عدم مواكبته للتطورات التي يشهدها المجال السمعي البصري. وطالب النواب البرلمانيون، خلال اجتماع عقدته لجنة مراقبة المالية العامة بمجلس النواب بحضور وزير الثقافة والشباب والرياضة، عثمان الفردوس، والرئيس المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية، فيصل العرايشي، والمدير العام لشركة «صورياد القناة الثانية»، سليم الشيخ، إلى ضرورة العمل على إخراج القطب السمعي البصري العمومي الموحد، وهو ما من شأنه تعزيز مبدأ الحكامة والتدبير الجيدين. كما توقف البرلمانيون، خلال هذا الاجتماع الذي خصص لمناقشة عرضين سبق تقديمهما حول المؤسستين المذكورتين، عند ضرورة إخراج العقود البرنامج الخاصة بقنوات القطب العمومي بعد عدم تجديدها منذ سنة 2012، وكذا غياب لجنة مشاهدة البرامج. وبعد أن تساءلوا عن مدى تجسيد نسب المشاهدة لقنوات الإعلام العمومي لرضا المواطنين وتطلعاتهم، شدد النواب على أهمية التحول الرقمي في المجال باعتباره دعامة أساسية لبلورة منتوج مهني بحرفية عالية وتنافسي، داعين إلى العمل على تحقيق العدالة المجالية في الاستفادة من الخدمات والاستثمار في البنيات التحتية للبث الرقمي. ولفتوا إلى التحديات التي يعرفها المجال السمعي البصري في مواجهة والتصدي للأخبار الزائفة، فضلا عن ضرورة العمل على الحفاظ الهوية والثقافة المغربيتين وتحقيق الأمن السمعي البصري عبر الإخبار والتحسيس والتثقيف على قيم المواطنة والارتقاء بالذوق العام. ونوهوا أيضا بالمجهودات المبذولة من قبل قنوات الإعلام العمومي من أجل الارتقاء بالمشهد السمعي البصري الوطني تقنيا ومهنيا رغم ضعف الإمكانيات، داعين إلى التطلع نحو المستقبل باختيارات واضحة وشاملة حول الأدوار المفروض أن تضطلع بها هاته المؤسسات تحقيقا لغاية الخدمة العمومية، فضلا عن العمل على بلورة اسراتيجية واضحة المعالم بشأن البث الإذاعي والتلفزي. واعتبر النواب البرلمانيون أن الموارد البشرية تعد عاملا محددا في أي سياسة تدبيرية ناجحة وناجعة وأن الاستثمار في هاته الموارد يصب في تجاه تطوير المشهد السمعي البصري الوطني وتعزيز الإنتاج والارتقاء بمضمون البرامج. من حهته، أفاد الفردوس، في كلمة له عقب تدخلات ممثلو الفرق والمجموعة النيابية، بأن هناك عملا يتم اليوم مع وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة في تجاه إعادة الهكيلة المالية للقطب العمومي، مبرزا في هذا الصدد أن وزارة الاقتصاد والمالية تقوم بمجهود مهم، في السياق الحالي، للقيام بهاته العملية. وتابع الوزير أنه بعد الانتهاء من عملية إعادة الهيكلة المالية للقطب العمومي يمكن طرح مسألة خلق القطب العمومي الموحد، لافتا في السياق ذاته إلى المسؤولية الجسيمة وهاجس خدمة الصالح العام لدى الأطر التي تشتغل في هذا القطاع. من حانبه، قال الشرايبي، في معرض رده على تدخلات النواب، إن هناك استراتيجية تؤطر عمل قنوات الإعلام العمومي على كافة الأصعدة من بينها التحول الرقمي وخلق القنوات وغيرها، مبرزا أن هذه الاستراتيجية تعرف تغيرا مستمرا، ومشددا على أنه لا يمكن العمل والقيام ببرمجة في الأمدين المتوسط والبعيد بدون عقد برنامج واضح. ولفت إلى أن الشركة « تشتغل بدون عقد برنامج منذ 8 سنوات «، وأن ميزانية الإستثمار داخلها لم تتغير منذ سنة 2000. واعتبر أن أكبر تحدي يواجه الإعلام العمومي يتمثل في كيفية مواجهة التحولات التقنية وانتقال المعلومة عبر الأنترنت، وكذا في السبل الكفيلة لجذب مشاهد المستقبل وتعزيز الثقة لديه، مشددا على أهمية التكامل والتنسيق بين الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة وشركة « صورياد القناة الثانية». بدوره، كشف سليم الشيخ أنه قبل نهاية السنة، وفي غضون 15 يوما، سيتم العمل على إطلاق صيغة جديدة للأخبار ستكون أقرب من مجلة يومية، وذلك بهدف القطع مع الطريقة النمطية لتقديم الأخبار، موضحا أن هذه الصيغة الجديدة للنشرات الإخبارية ستكون فضاء يقترب من مجلة إخبارية يحضر فيها محللين وضيوف بشكل أكثر . وأشار إلى أن هدف النشرات الإخبارية يتمثل في التحليل والعمق في الخبر والتوضيح، مبرزا أنه سيتم أيضا إطلاق خمس برامج إخبارية جديدة ستكون فضاء للحوار ولحضور السياسيين. وبعد أن أبرز دور القنوات العمومية والقنوات الشاملة في مساعدة المواطن على فهم العالم الذي يدور حوله، لفت إلى أنه سيتم تجديد استوديو القناة الثانية، باعتماد استوديوهات عالية الجودة ( إتش دي ) تحضيرا للبث عالي الجودة في العام المقبل. وكانت لجنة مراقبة المالية العامة بمجلس النواب قد عقدت في شهر نونبر الماضي اجتماعا خصص لتقديم عرضين حول الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة وشركة الدراسات والإنجازات السمعية البصرية «صورياد القناة الثانية».