خلد المغرب، السبت المنصرم، اليوم الوطني للمرأة، الذي كان جلالة الملك قد أعلن الاحتفاء به كل عاشر أكتوبر، وهو يمثل مناسبة لتجديد التفكير الوطني في قضايا النساء والمساواة بين الجنسين. هذا العام، حلت المناسبة ضمن سياق استثنائي جراء تفشي:"كوفيد-19″، وما نجم عن ذلك من تداعيات اقتصادية واجتماعية، عانت منها النساء بشكل أكبر، وصارت تتفاقم مستويات تأنيث البطالة والفقر في بلادنا. لا شك، أن معاناة النساء المغربيات كانت واضحة قبل الجائحة، سواء من حيث التشريعات والنصوص أو من خلال الواقع والممارسة، وسواء على الصعيد السياسي والمؤسساتي أو من حيث التمكين الاقتصادي والاجتماعي، أو أيضا من خلال تجميد عدد من الإصلاحات بخلفيات بيروقراطية غبية أو جراء تأثير العقليات الرجعية المتكلسة، ولكن زمن"كورونا"ضاعف من كل هذه المعاناة، ولفت إلى ضرورة الإنكباب على ملف واقع المرأة المغربية ومعاناتها، واعتبار ذلك أحد المداخل الرئيسيّة اليوم لتمتين المسار الديمقراطي والتنموي للمغرب، كما أن التأخر في إنجاز ذلك يحرم البلاد من نقاط مهمة في سلمها التنموي، ومن مساهمة نصف شعبها في الإنتاجية العامة. ولقد كشفت إحصائيات أخيرة صدرت عن المندوبية السامية للتخطيط، في غمرة المعاناة مع المحنة الصحية والمجتمعية الناجمة عن انتشار الوباء، عن ضعف واضح لمساهمة النساء المغربيات في النشاط الاقتصادي خلال الفصل الثاني من سنة:2020، وأبرزت على أن عدد النساء في بلادنا وصل إلى:18 مليون، أي ما نسبته:50,3%، ومنهن: 13,6 مليون في سن النشاط(أي من 15 سنة فما فوق)، وهذا يمثل طاقات مجتمعية في غاية الأهمية، لكنها تبقى غير مستثمرة بشكل جيد أو كامل، والمغرب محروم من عطائها وإنتاجيتها العامة. من المؤكد، لقد تحققت عديد منجزات في بلادنا لفائدة حقوق النساء، ولا يمكن إنكارها أو التشطيب عليها بإطلاقية وعدمية، ولكن هناك تجليات تمييز وحيف ومعاناة لا زالت موجودة، وهناك تشريعات لم تصدر لحد الآن، كما أن الممارسة أبانت عن الحاجة لتغيير وتعديل عدد من القوانين، بما في ذلك مدونة الأسرة نفسها، ونصوص لها صلة بعمل قطاعات مختلفة أو ترتبط بتمكين النساء في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والإدارية والسياسية، علاوة على أن ظروف الجائحة كشفت عن الحاجة إلى إعمال مقاربة النوع في مختلف السياسات والبرامج والتدابير، والحرص في التخطيط والتنفيذ على تطوير أوضاع النساء وتمكينهن من المساهمة الكاملة في الإنتاج، وأيضا التحلي بالشجاعة السياسية لاقتحام ميادين أخرى حاضنة للتمييز والظلم في حق النساء، والسعي لإصلاحها وتغييرها… يعني ما سبق، أن بلادنا لا يمكن أن تتقدم أو أن تنجح في صياغة أو تطبيق أي نموذج تنموي جديد من دون إدراج محتواه وأفقه ضمن الالتزام بالمساواة بين الجنسين والارتقاء بأوضاع النساء في مختلف المجالات وتطوير عيشهن وتحفيز إنتاجيتهن. لا يمكن التفكير في مستقبل المغرب من دون استحضار واقع نسائه ومستقبلهن، ومن دون جعل تقوية بنائه الديمقراطي والتنموي تتم عبر النهوض بأوضاع نسائه ورجاله معا، والسعي لتكريس المساواة بين الجنسين في مختلف الميادين. محتات الرقاص