اتهم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون منظمة "مراسلون بلا حدود" بمحاولة "ضرب استقرار الجزائر" بعدما أطلقت حملة دولية للتضامن مع مراسلها في الجزائر الصحافي المسجون خالد درارني، وهو ما اعتبره أمينها العام "اتهامات كاذبة". وخلال لقاء صحافي مساء الأحد مع صحيفتي "الخبر" و"لوسوار دالجيري" الجزائريتين، قال تبون إن الجزائر "مستهدفة" من قبل بعض الأطراف التي تريد ضرب "استقرارها". وأوضح "كلام المنظمات غير الحكومية ليس مقدسا فهو صادر عن بشر تجمعوا لهدف ما، فمثلا مراسلون بلا حدود أين خلقت؟ الصحافة الفرنسية ولا يدافعون عنها، بل هدفهم الجزائر. بعض الأمور لا تستطيع بعض الدول محاربتنا فيها دبلوماسيا بصفة مباشرة، فتكلف منظمات غير حكومية بهذه المهمة". واعتبر الأمين العام لمنظمة "مراسلون بلا حدود"غير الحكومية، كريستوف دولوار، في تصريح لوكالة فرنس برس أن "هذه الاتهامات بطبيعة الحال كاذبة وسخيفة". وقال "نحن نعمل في الجزائر كما في أي دولة أخرى على أساس مبادئ ندافع عنها في كل مكان بما فيها في فرنسا" حيث مقر المنظمة. وجاء كلام الرئيس الجزائري في سياق الإجابة على سؤال عن سجن الصحافي خالد درارني مدير موقع "قصبة تريبون" الإخباري ومراسل منظمة "مراسلون بلا حدود" وقناة " تي في 5 العالمية". وأضاف بهذا الخصوص أنه لا يمكن الحديث عن عدم وجود حرية تعبير في الجزائر "بسبب شخص قضيته لا تتعلق بمجال الصحافة ولا توجد أي وثيقة رسمية تربط هذا الشخص بالقناة التي ادعى أنه يعمل فيها". وهذا ما سبق أن ذكره المتحدث باسم الحكومة وزير الاتصال عمار بلحيمر، عندما قال إن "درارني لا يملك أي بطاقة صحافي ولم يسبق له أن قدم طلبا للحصول على ترخيص للعمل كمراسل لأي قناة أجنبية". والثلاثاء أصدرت محكمة الاستئناف لمجلس قضاء الجزائر حكما قاسيا بالسجن لمدة عامين مع النفاذ في حق الصحافي خالد درارني، المعتقل منذ 29 مارس، بتهمتي "المساس بالوحدة الوطنية والتحريض على التجمهر غير المسلح". وهو متهم أيضا بانتقاد السلطة السياسية عبر صفحته على "فيسبوك" ونشر بيان لتحالف أحزاب من المعارضة يدعو إلى الإضراب العام، بحسب "مراسلون بلا حدود". وأطال الرئيس تبون الحديث عن المنظمة ومؤسسها روبير مينار الذي وصفه ب"اليميني المتطرف" الذي يشغل حاليا منصب رئيس بلدية بيزيي في فرنسا. ونفى كريستوف دولوار أي "تدخل لروبير مينار في شؤون المنظمة" التي قال تبون إنها تضم "صحافيين محترمين". وأضاف دولوار أن اتهامات الرئيس الجزائري تهدف إلى "إخفاء عدم قدرته على الدفاع عن الخروقات ضد حرية الصحافة التي هي واضحة بالنسبة لملايين الجزائريين". كما أكد تبون أن "حرية الصحافة مضمونة في الجزائر ولا تضييق عليها بدليل وجود 180 صحيفة يومية تستفيد من دعم الدولة ويعمل بها 8500 صحافي" نافيا "وجود أي صحافي في السجن بسبب مقال كتبه". وأضاف "التضييق الموجود هو على الشتم. هناك قانون يطبق على الجميع، الصحافي أو الإداري…". وأوقف الصحافي البالغ من العمر 40 عاما عقب تغطيته تظاهرة للحراك الشعبي ضد السلطة في السابع من مارس في العاصمة. وحكم عليه في محكمة الجنح في العاشر من غشت بالسجن ثلاث سنوات مع النفاذ ودفع غرامة تبلغ خمسين ألف دينار (330 يورو)، بينما طلبت النيابة السجن أربع سنوات. وفاجأ الحكم القاسي زملاءه الصحافيين في الجزائر والخارج حيث تجمعوا في هيئات لمساندته والمطالبة بالإفراج عنه. وفي جلسة الاستئناف التي ظهر فيها خالد درارني نحيلا للغاية وضعيفا جدا، نفى كل التهم الموجهة إليه، وقال "أنا صحافي ولست مجرما ولم أقم سوى بعملي". وجاءت محاكمة درارني في سياق من القمع المتزايد ضد ناشطي الحراك، من مدونين وصحافيين ومعارضين سياسيين. والاثنين تجمع للأسبوع الخامس على التوالي صحافيون ومحامون وطلاب ومعارضون، في دار الصحافة بوسط العاصمة الجزائرية، للمطالبة بالإفراج عنه. ورفع المتظاهرون صورة كبيرة لخالد درارني كتب تحتها "الصحافة ليست جريمة" مع صور العديد من "معتقلي الرأي" مثل الصحافي عبد الكريم زغيلاش والناشط محمد تجاديت المعروف ب "شاعر الحراك". وتم اتهام بعض الصحافيين بزرع الفتنة وتهديد الوحدة الوطنية وأكثر من ذلك "خدمة مصالح جهات أجنبية". ويوجد العديد منهم في السجن، بينما تجري يوميا محاكمات لناشطي الحراك. وبحسب الترتيب الذي وضعته منظمة "مراسلون بلا حدود" حول احترام حرية الصحافة لسنة 2020، تحتل الجزائر المركز 146 (من بين 180 دولة)، بحيث تراجعت خمسة مراكز مقارنة بسنة 2019 و27 مركزا (المركز 119) مقارنة بسنة 2015.