هل يوجد امتداد ل «خلية آسفي» في فرنسا؟ أقدمت السلطات الأمنية الفرنسية ليلة الاثنين الثلاثاء، بضواحي العاصمة باريس، على اعتقال 6 أشخاص يشتبه في علاقتهم بأوساط إسلامية متطرفة، ووضعوا رهن الحراسة النظرية لدى المديرية المركزية للاستعلامات الداخلية الفرنسية. وجاءت هذه الاعتقالات ساعات فقط بعد إعلان وزير الداخلية الفرنسي عن احتمال وجود تشعبات واعتقالات بارتباط مع التحقيق في حادث تفجير مراكش ليوم 28 أبريل الماضي، الذي قتل فيه 11 فرنسيا. وتمكنت المصالح الأمنية الفرنسية من اعتقال خمسة مشتبه فيهم بعلاقتهم مع أوساط إسلامية بمنطقة «ستاين» الواقعة بسان دوني بضاحية العاصمة باريس، فيما اعتقلت الشخص السادس بمنطقة «غارج لي غونيس» التي تقع بفال دواز، حسب ما نشرته الصحافة الفرنسية صباح أمس الثلاثاء. بينما لازال رجال الأمن الفرنسيين يواصلون تفتيش أماكن إقامة المعتقلين للتوصل إلى خيط يقودهم إلى المخططات التي كانوا ينوون تنفيذها، وعلاقاتهم المفترضة مع خلايا إرهابية، ومدى ارتباطهم بتنظيم القاعدة. وأكدت أوساط إعلامية فرنسية، أن الاعتقالات قامت بها مصالح المديرية المركزية للاستعلامات الداخلية، المخابرات الداخلية الفرنسية، في إطار محاربة الخلايا الجهادية، من خلال تتبع مسار المعتقلين الذين كانوا يقومون بأسفار منتظمة إلى كل من باكستانوأفغانستان. وحسب مصادر إعلامية فرنسية، استنادا إلى مصادر مقربة من التحقيق، فإن أحد المعتقلين وهو مهندس بتروكيماويات يقطن بضاحية العاصمة باريس، والذي يشتبه في أنه زعيم الخلية والعقل المدبر لها، وهو مواطن يحمل الجنسية الهندية، تم اعتقاله بمطار رواسي شارل ديغول، بعد نزوله من طائرة كانت قادمة من الجزائر العاصمة. ويشتبه في علاقته مع تنظيمات إسلامية متطرفة بباكستان، دون أن توضح طبيعة هذه العلاقة. وتشير المصادر ذاتها إلى أن الاعتقالات جاءت نتيجة إلقاء القبض في بداية السنة الجارية على مواطنين يحملان الجنسية الفرنسية في مدينة أبوت أباد، التي قتل فيها زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن قبل نحو أسبوع. وتشتبه السلطات الأمنية الفرنسية في أن المشتبه فيهم قاموا خلال فترات متفرقة، بالسفر إلى مناطق التوتر في أفغانستانوباكستان. وتضاربت التحليلات يبين المراقبين الفرنسيين، حيث ذهب بعضهم إلى التأكيد على أن المشتبه فيهم الذين جرى اعتقالهم لم يكونوا يخططون لتنفيذ هجمات إرهابية فوق التراب الفرنسي، وإنما كانت لهم علاقات بمواقع إلكترونية جد حساسة تدعو إلى الجهاد. بينما ذهبت تصريحات بعض المسؤولين الفرنسيين إلى التأكيد على أن فرنسا مستهدفة بهجمات إرهابية، وأنها تشكل الهدف الثاني بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية لتنظيم القاعدة للانتقام من مقتل زعيمها. ويرى بعض المراقبين أيضا، أن هذه الاعتقالات جاءت عقب ما صرح به وزير الداخلية الفرنسي، كلود غيان، نهاية الأسبوع الماضي عندما أكد أنه «ليس من المستبعد وجود تشعبات واعتقالات جديدة، بخصوص التحقيق في حادث تفجير مقهى «أركانة» بمدينة مراكش في 28 أبريل الماضي» والذي أودى بحياة 17 ضحية وجرح حوالي 23 آخرين، والتي أعلنت المصالح الأمنية المغربية عن اعتقال ثلاثة مواطنين مغاربة بمدينة آسفي يشتبه في علاقاتهم بالتفجير الإرهابي، من بينهم المتهم الرئيسي والعقل المدبر للعملية عادل العثماني. وكانت السلطات الأمنية الفرنسية المكلفة بمحاربة الإرهاب، تتعقب منذ عدة أشهر، أشخاصا يشتبه في انتمائهم إلى خلايا جهادية، قاموا بزيارات إلى أفغانستان للانضمام إلى مقاتلي طالبان والقاعدة في حربهم مع قوات التحالف الدولي. وهو ما أكده وزير الداخلية الفرنسي حين أعلن أن عشرات الفرنسيين توجهوا للخضوع لتدريبات عسكرية بأفغانستان في معسكرات التدريب التابعة لتنظيم القاعدة. ومنذ الإعلان عن مقتل زعيم تنظيم القاعدة، رفعت فرنسا من درجة اليقظة فوق ترابها إلى أعلى مستوياتها خوفا من تعرضها لما تسميه «هجمات انتقامية» من طرف أتباع بن لادن. ورغم أن المسؤولين الأمنيين يستبعدون أن تتعرض فرنسا لضربة انتقامية فوق ترابها، إلا أنهم مع ذلك يؤكدون وجود تهديدات حقيقية ضدها، وخصوصا ضد مصالحها في بعض البلدان التي ليست بمنأى عن التهديدات. حيث أوصت فرنسا رعاياها في العديد من الدول التي تعرف نشاطا متزايدا لأتباع تنظيم القاعدة، بالحيطة والحذر، وعززت الإجراءات الأمنية إلى درجاتها العليا حول سفاراتها وقنصلياتها عبر العالم، وأيضا حول مدارس البعثات والتمثيليات الفرنسية. ويشار إلى أن عدد المعتقلين في إطار الضربات الاستباقية لتفكيك الخلايا الجهادية بفرنسا، وصل إلى حوالي 94 مشتبها فيه العام الماضي، منهم 36 صدرت في حقهم أحكام قضائية بالإدانة ويمضون عقوبات سجنية بالمعتقلات الفرنسية.