عقدت إدارة حقوق الإنسان بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية، ندوة إقليمية عبر تقنية "الفيديو كونفرانس" تحت عنوان "دور المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في أوقات الأزمات"، بمشاركة ممثلين عن كل من الأمانة العامة لجامعة الدول العربية وممثلي سبع مؤسسات وطنية لحقوق الإنسان في الدول العربية، من ضمنها المغرب. وذكر بيان للمنظمين أن انعقاد هذه الندوة يأتي في سياق الجهد القائم على مستوى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية للوقوف عند التداعيات الاجتماعية والاقتصادية لجائحة كوفيد – 19، وإرساء دعائم تجاوز الأزمة من خلال عملية تشاركية تشمل الجهات الحكومية والمؤسسات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص والباحثين الأكاديميين، علاوة على الجهات الإقليمية والدولية الشريكة. ومثل المغرب في هذا اللقاء، مدير العلاقات الخارجية والتعاون بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان خالد الرملي. واستعرض الرملي في مداخلة بالمناسبة، جهود المجلس في تتبع تنفيذ قانون الطوارئ الصحية الصادر جراء الجائحة، مشيرا إلى اهتمام المجلس بإدماج الفئات الهشة وتثمينه لإصدار العفو عن الفئات المعرضة للإصابة والتي لا تشكل خطرا على المجتمع. وتابع أن أعضاء المجلس قاموا بزيارات ميدانية للوقوف عند أية اختلالات قد ترافق تنفيذ قانون الطوارئ الصحية، سعيا نحو تجاوزها، مبرزا أنه في إطار تبادل الخبرات والتجارب والدروس المستفادة، شارك المجلس في أكثر من 30 ندوة عبر تقنية الاتصال المرئي، كما تم إصدار مقاطع فيديو تحسيسية بالدارجة المغربية ولغة الإشارة، وأيضا بلهجات إفريقية إضافة إلى دعوة القنوات التلفزية العمومية إلى إدراج لغة الإشارة عند بثها للندوات الصحفية والوصلات ذات الصلة بجائحة كوفيد-19. وذكر الرملي بأنه تم في إطار المجلس الوطني لحقوق الإنسان إصدار "نداء بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان من أجل الالتزام باحترام حقوق الإنسان في عالم الشغل لفترة ما بعد الحجر الصحي"، مشيرا إلى ان المغرب، انسجاما مع سياسة التضامن التي يرعاها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إزاء البلدان الافريقية، قدم مساعدات طبية وانسانية لعدد من بلدان القارة لمواكبتها في التصدي لجائحة كورونا. وكانت هيفاء أبوغزالة، الأمين العام المساعد، رئيسة قطاع الشؤون الإجتماعية بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية، قد أكدت في كلمة افتتاحية أن الظرفية الحالية شديدة الدقة يعيش خلالها العالم أزمة ناجمة عن جائحة ذات تبعات اقتصادية واجتماعية وخيمة، مبرزة أن التصدي لهذا الوضع يتطلب جهدا تشاركيا لكل الفاعلين على المستويين الوطني والإقليمي للتخفيف من آثار الوباء. ودعت أبو غزالة إلى بلورة خارطة طريق مستقبلية لما بعد الجائجة، موضحة أن للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان دور استشاري هام ومحوري من خلال ما تتمتع به من صلاحيات تخول لها اتخاذ مبادرات ونشر مقترحات وتقديم توصيات تضعها بين يدي السلطات الرسمية للاسترشاد بها في عملية اتخاذ القرار. كما أكدت أن الأمانة العامة لجامعة الدول العربية تابعت باهتمام كبير التفاعل الإيجابي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان مع التدابير المتخذة لمجابهة الأزمة الوبائية الراهنة، خصوصا من خلال توعية وتثقيف المواطنين، ودعم جهود السلطات الرسمية، والتأكيد على أهمية مراعاة مبادئ حقوق الإنسان في التدابير الاحترازية والوقائية المتخذة للحد من انتشار الفيروس. من جهته، قال منير الفاسي مدير إدارة حقوق الإنسان بالجامعة العربية، إن الحق في الحياة والحق في الصحة صنوان لا يفترقان، ويشكلان نواة صلبة لحقوق الإنسان، مشيرا إلى أن المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، بحكم ولايتها الواسعة في تعزيز وحماية حقوق الإنسان، ساهمت خلال الأزمة الناجمة عن جائحة كوفيد-19 في رفع وعي المواطنين. وذكر في هذا الصدد، بقيام هذه المؤسسات بالتعبئة من أجل تحسيس المواطينن بأهمية الالتزام بالتعليمات الخاصة بالوقاية من فيروس كورونا، والتصدي للإشاعات وتقديم الرأي والمشورة للسلطات الرسمية. أما رئيس اللجنة العربية الدائمة لحقوق الانسان، سليمان الذويخ، فسجل أن الأزمة الناجمة عن جائحة كوفيد-19 كانت ضاغطة على كل القطاعات وأدت إلى المساس ببعض الحقوق الأساسية جراء تدابير العزل المنزلي، ما نجم عنه تبعات ذات بعد اقتصادي واجتماعي، من بينها تسجيل زيادة في حالات البطالة. وأكد أن المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان تتبوأ، بحكم مبادئ باريس الناظمة لأدائها، دورا هاما ومحوريا وتعتبر شريكا تنمويا للسلطات الرسمية، وتجلى ذلك بوضوح خلال إدارة أزمة جائحة كوفيد-19، لاسيما على مستوى قطاع الصحة. ودعا المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان إلى الانخراط بشكل أكثر فاعلية في اجتماعات اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان لتبادل الخبرات والدروس المستفادة، مشجعا إياها على تقديم طلب للحصول على صفة مراقب لدى اللجنة. وخلصت الندوة إلى دعوة المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان إلى تعزيز التنسيق مع جميع الجهات الفاعلة في المجتمع، لا سيما في أوقات الأزمات، سواء كانت مسلحة أو غير مسلحة، وإبرام مذكرات تفاهم مع الجهات المعنية بإدارة الأزمات. كما أوصت بإيلاء اهتمام خاص بالتدريب وبناء القدرات على كيفية إدارة الأزمات وضوابط ومعايير إيصال المساعدات الإنسانية، والعمل على إنشاء "هيئة وطنية تعنى بإدارة الطوارئ والأزمات" تكون المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان عضوا فيها، ودراسة مدى ملاءمة التشريعات الوطنية في مواجهة الأزمات والكوارث. وعلى الصعيد الإقليمي، دعا المشاركون جامعة الدول العربية (في إطار اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان) إلى إعداد استبيان بشأن إدارة الأزمات لتبادل الخبرات، وإعداد "دليل استرشادي حول دور المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في إدارة الأزمات"، و العمل على تضمين المبادئ التوجيهية لتنفيذ الاستراتيجية العربية لحقوق الإنسان مقتضيات ذات صلة بأوقات الأزمات.