في ظل المشاكل التي تعرفها البلاد، والانعكاسات السلبية على فئات عريضة من المجتمع بسبب تفشي فيروس كورونا، اختار سعد الدين العثماني رئيس الحكومة الاتجاه إلى إلغاء الوظائف خلال السنة المقبلة. العثماني الذي سبق وأن وجه، في مارس الماضي، منشورا للإدارات والقطاعات الحكومية بشأن تأجيل الترقيات وإلغاء مباريات التوظيف الخاصة بالسنة الجارية 2020، عاد أول أمس بمنشور جديد، موجه لمختلف القطاعات الوزارية والحكومية، يقدم فيه مجموعة من المقترحات لمراجعة ميزانيات 2021 – 2023. وفي مقدمة الاقتراحات التي وجهها رئيس الحكومة، إلغاء مناصب الشغل والوظائف برسم السنة المالية 2021، حيث دعا العثماني إلى عدم برمجة إحداث مناصب مالية جديدة برسم السنة المالية 2021، مستثنيا قطاعات التعليم والصحة والأمن، معللا قراره بالوضعية الراهنة التي تعيشها البلاد بفعل انعكاسات تفشي فيروس كورونا. وأكد العثماني على ضرورة الاقتصار على النفقات الضرورية والملحة من خلال مواصلة المجهودات المبذولة من أجل عقلنة وترشيد هذه النفقات، تماشيا مع ما يفرضه سياق ما بعد جائحة كورونا. وشدد رئيس الحكومة على أنه يتعين، فيما يخص نفقات الاستثمار، إعطاء الأولوية لتوطيد المشاريع موضوع اتفاقيات موقعة أمام جلالة الملك والمشاريع المستفيدة من تمويلات خارجية، مع إيلاء الأولوية للمشاريع المنجزة من طرف المقاولات المغربية والتي تعتمد على مواد محلية، كما دعا، في هذا الصدد، إلى اللجوء إلى آليات بديلة للتمويل، لاسيما في إطار الشراكة المؤسساتية أو الشراكة بين القطاع العام والخاص. هذا، وأوضح العثماني أن مناقشة هذه المقترحات برسم السنوات الثلاثة المقبلة 2021 – 2023 ستتم خلال الفترة الممتدة بين أمس الجمعة 3 يوليوز و14 منه، وذلك على مستوى لجان البرمجة ونجاعة الأداء التي ستنعقد، خلال هذه المدة، بمديرية الميزانية بوزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة بمشاركة ممثلين عن القطاعات الوزارية والمؤسسات المعنية. هذا، وخلفت قرارات العثماني، وأساسا منها إلغاء مناصب الشغل برسم سنة 2021 حالة من الغضب والاستياء وسط العديد من الفاعلين السياسيين والنقابيين والمواطنات والمواطنين. واعتبر العديد من الناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي أن هذه الخطوة من شأنها أن تؤدي إلى مشاكل اجتماعية كبيرة، خصوصا في ظل تنامي البطالة، وعدم إيجاد حلول للمشاكل التي تتخبط فيها الكثير من الفئات والشرائح المجتمعية، وخصوصا الشباب. ونبه عدد من الملاحظين والفاعلين السياسيين إلى عدم إهمال الخيار الاجتماعي، ودعوا إلى البحث عن حلول أخرى، وإعطاء الأولوية لكل ما هو اجتماعي، لاسيما وأن أزمة كورونا أبانت عن هشاشة كبيرة لفئات عريضة من المجتمع. في هذا السياق، وصف محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، هذا القرار الذي أقدم عليه رئيس الحكومة والقاضي بحذف جميع مناصب الشغل في الوظيفة العمومية في الثلاث سنوات المقبلة، ب "الغريب والخطير". وأوضح بنعبد الله في تصريح ل "بيان اليوم" أن قرار رئيس الحكومة يأتي في الوقت الذي أبانت فيه جائحة كورونا عن انتشار خطير للفقر والهشاشة، مشيرا إلى أن حزب التقدم والاشتراكية سبق وأن تقدم بمقترحات واضحة للإقلاع الاقتصادي. وأكد بنعبد الله أن المسألة الاجتماعية يتعين أن تكون في صلب الإقلاع الاقتصادي، وأن يتم الارتقاء بالإنسان المغربي، وأن يتم اشتراط الدعم للمقاولات المغربية بالحفاظ على مناصب الشغل. أورد بنعبد الله في تصريحه، أنه في ظل هذه المعطيات، تأتي الحكومة لتعلن عن قرار في غاية الخطورة، معتبرا الأمر غير مفهوم ويدل على انعدام الحس السياسي بالنسبة لهذه الحكومة. وبعدما قال إن القرار لم يكن منتظرا في ظل الأوضاع الحالية، عبر الأمين العام لحزب "الكتاب" عن رفضه للقرار وعدم مساندته، وذلك لكونه يعطي "إشارة سلبية جدا بالنسبة للمستقبل"، وفق تعبيره. وجدد بنعبد الله التعبير عن أسفه لهذا القرار، الذي قال إنه يأتي في الوقت الذي كان من المنتظر أن يتم إقرار سياسات عمومية في توجه معاكس للنهوض بالاقتصاد الوطني ومحاربة الآفات الاجتماعية المختلفة وتقضي على الهشاشة والفقر، وتسير في اتجاه ضمان الحقوق الاجتماعية للمواطنات والمواطنين وترتقي بالمغرب. وطالب زعيم حزب "الكتاب" الحكومة بالتراجع عن هذا القرار لكونه يحمل إشارة سلبية للمستقبل وينسف انتظارات المواطنات والمواطنين والسعي إلى تحسين الأوضاع الاجتماعية.